لاشك في ان المواطن العادي لايقدح زناد فكره في البحث عن المصدر
الذي تستمد منه الدولة سيادتها مادام النظام السياسي قائما واجراءات
الدولة الادارية ذات اثر نافع في اسلوب حياته وفي تقدمه الاقتصادي،
ولكن على الرغم من ذلك فليس هناك مؤرخ او باحث يمكن ان يتجاهل حقيقة
القيم المعنوية التي ينسبها المواطنون لدولتهم ( ومنها مصدر سيادتها )
تصبح بمرور الزمن ذات اثر حاسم بالنسبة لاستمرار سيطرتها الروحية عليهم،
وعلى هذا فانها تكون في النهاية ذات نتائج بعيدة المدى في السلوك
الاجتماعي العام .
ان الجهاز الظاهري لاي نظام سياسي لايمكن له – مهما بلغ من السمو-
ان يحقق غاياته من تلقاء نفسه، وان صلاحيته الاجتماعية ترتكز على
المضامين الروحية التي يحتوي عليها ذلك الجهاز الظاهري، فان كانت هذه
المضامين ناقصة او خاطئة النتائج ستكون بدورها ذات اثر سيئ ومدمر
بالنسبة للمجتمع كله .
وعليه فمن المحتمل رد اسباب افتقارنا طول قرون عديدة للنظام
الاجتماعي والروح الوطنية الى الى اضطراب مفاهيمهم بالنسبة للقاعدة
الروحية و الفكرية التي تركز عليها الدولة وتستمد منها سيادتها، وربما
يفسر لنا هذا الاضطراب السبب في السهولة التي استسلمنا فيها خلال احقاب
طويلة من الزمن لكل انواع الاضطهاد و التعسف على ايدي الحكام المستبدين
.
من الواضح ان الاحوال السياسية السائدة في وقتنا هذا لم تعد تسمح
باستمرار هذا الاستسلام السلبي للظلم، وكنتيجة للتاثر بالنظريات
السياسية الغربية بدات الطبقات المثقفة من الناس تطالب وبإلحاح متزايد
بان يكون الشعب هو المصدر الوحيد للسلطة في الدولة بحيث تكون ارادته
وحدها هي العامل الحاسم في تكوين اجهزة الدولة جميعا وفي ميدان التشريع
كذلك، بل اننا نجد من بين افراد الطبقة الواعية من المواطنين الذين
يرغبون من حيث المبدا في قيام دولة ديمقراطية من يطالب بالسيادة
المطلقة للشعب مؤكدين استحالة اجتماع كافة طبقات الشعب على خطا وبذلك
فان كل مايتفق عليه الشعب هو صحيح وملزم للدولة واجهزتها.
وخلاصة القول ... ان اساس الدولة الصحيحة ينبثق من اتفاق كلمة الشعب
طواعية واختيار على ايديولوجية معينة وان استمرار الحكومة في السلطة
مرتبط بموافقة الشعب على الاسلوب الذي تدار به شؤون الدولة، أي ان
السيادة هنا هي للشعب وهو مصدر السلطات وهو مصدر سيادة الدولة وهو
الحاكم المطلق في كل شيئ وهذا ما نتمناه في حكومة عراق المستقبل ...
عراق الديمقراطية والحرية و التجديد .
*الامين العام لمجلس أهالي مدينة كربلاء
المقدسة |