إن أغلب الصحف العربية بل الصحافة العربية برمتها تختزل اسم الفن
وتجعله في دائرة الرقص والغناء وإذا ما عدوها فإلى الرسم والنحت. فها
هي الصحف والمجلات العربية تجعل قيادة أسطول الفن بمن فيهم المواصفات
التالية: جميلات.. خجولات.. عارضات.. فنانات.. مغنيات.. تُجِدْنَ أيضاً
فن الإغراء وإبراز المفاتن، طبعاً نسبة نجاحهن متوقفة على نسبة عريهن
وجرأتهن فالأجرأ منهن هي الانجح.
فحتى الصحف الملتزمة كما تدعي النقد وإبداء الأسف فإنها تبدأ
باختلاف المعايير وتغير قواعد القياس ولغة الطلب في مجال الفن، فما
يحدث اليوم يؤكد أننا على أعتاب مرحلة جديدة إن لم نكن قد أصبحنا فعلياً
داخل هذه المرحلة وجزءاً منها... وتضيف: إذا كانت الموسيقى هي لغة
الشعوب فهي أيضاً مرآة الشعوب التي تعكس الحالة الاجتماعية لهذه الشعور
والتغيرات التي تطرأ عليها والفكر الذي تعبر عنه.
ثم تصف الحالة: بأنه بات سوق الغناء العربي يحتكم لحالة غريبة من
العرض والطلب، العرض الذي تتبناه قنوات فضائية موسيقية لديها كل يوم من
اثنين إلى ثلاثة مطربين جدد تماماً كما الطبق اليومي في المطاعم والطلب
الذي يتأثر بعوامل العرض التي تعرف من أين تؤكل كتف من هم بين الخامسة
عشر والعشرين من العمر وبالتالي يصبح نجوم (ميلودي ومزيكا) وغيرها
الأكثر مبيعاً ويتكدس الكبار على أرفف متاجر الموسيقى المختلفة. فتنتقد
جيلاً ثم تعود لتضفي المديح إلى جيل آخر من المغنين فكأن فن الحياة
تقتصر فقط على الموسيقى والغناء والرقص العاري.
ونجد مجلاتاً وصحفاً تتهم شركات الإنتاج والقنوات الفضائية بالسبب
الرئيسي في الفساد والإفساد، فساد الجيل وإفساد ذوقه الفني وعامل رئيسي
في القضاء على القيم والأخلاق. وأن الغناء صوتاً وأذناً أما الآن فأصبح
فناً بصرياً لتصبح النجمات الاستعراضية ذات الحركية والحيوية في مقدمة
السرب وقمم الشهرة والمجد والمال.
ولكن هل فكرنا أن الجيل القديم من الفساد والغناء والمناظر
الإيحائية ولو الخفيفة ستؤدي في المستقبل إلى جيل أكثر فساداً وقدرة
على إبداع القيم الفاسدة والأساليب المغوية المسيطرة على العقول
والقلوب لتطرب لا إرادياً وترقص ومن ثم يتمايع على الإيقاع.
ما لنا قد اختزلنا فن الحياة بكل ما فيها من محطات ومراحل وأيام فرح
وترح بأيامها ولياليها وبكل تفاصيلها التي تحمل فناً جميلاً تفتح
الأبواب إلى فنون أخرى.
الحياة برحبها ووساعتها نختزلها فقط في الموسيقى والرقص والغناء؟. |