تصدّر موضوع الإنصاف والنوعية الممتازة في الأنظمة التعليمية في
الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا برنامج العمل لدى اجتماع وزراء
التربية والتعليم من المنطقة مع نظرائهم من مجموعة الثماني في منتجع
الشونه الأردني عند البحر الميت في 23 أيار/مايو. وقد ناقش الوزراء
استراتيجيات لمساعدة مدارس المنطقة على سد احتياجات جيل سيدخل اقتصاداً
عالمياً زاخراً بالتحديات.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته أخيراً فضائية العربية أن هذه
المبادرة تنسجم مع رغبات شعوب العالم العربي. ذلك أن حوالى ثمانين
بالمئة من المشتركين في الاستطلاع اعتبروا ضرورة تحديث المناهج
الدراسية في ضوء متطلبات اقتصاد القرن الحادي والعشرين في مقدمة
الأولويات لتحسين التعليم في العالم العربي.
وأبلغت وزيرة التربية والتعليم الأميركية، مارغريت سبلنغز، زملاءها
في المؤتمر أن التعليم "هو مفتاح التقدم والتنمية، تنمية منطقة ما
وتنمية بلد ما وتنمية حياة فرد ما."
وأضافت أن "الدراسة وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب عنصران
حاسما الأهمية لتعزيز التفاهم الثقافي بين الدول. كما أنهما حاسما
الأهمية بالنسبة للنمو الاقتصادي والتجارة بين الدول."
وقد ركزت مناقشات المؤتمر على أربع مواضيع شاملة تتعلق بإصلاح
التعليم. فقد سعى اجتماع تمهيدي حول طاولة مستديرة إلى تحديد العوامل
الحاسمة لوضع برنامج إصلاحي ناجح. وناقش المشتركون في الاجتماع سبل
تعزيز الالتزام السياسي والمالي بعملية الإصلاح ودرسوا قضايا التقييم
والمساءلة والمحاسبة. وقالت سبلنغز إنه من غير المرجح أن تكون
الإصلاحات فعالة بدون معايير يمكن قياسها وبدون مساءلة ومحاسبة.
ونظر الاجتماع الثاني حول طاولة مستديرة في قضايا محو الأمية وتحقيق
تمكّن الجميع من الحصول على التعليم. وتقدر منظمة التربية والعلوم
والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) بأن هناك أكثر من 120 مليون
شخص من الأميين وظيفياً في الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا. وقد عرض
ممثلو الجزائر وأفغانستان على المشاركين في الاجتماع النتائج التي
توصلت إليها قمة عُقدت في الجزائر في شهر نيسان/إبريل الماضي حول تشجيع
تعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب في المنطقة. وقد رسمت خطة العمل
التي توصلت إليها تلك القمة معالم استراتيجيات لمعالجة كيفية تحقيق هدف
زيادة عدد من يتعلمون المبادئ بعشرين مليون شخص خلال فترة السنوات
العشر القادمة.
أما الاجتماع الثالث حول طاولة مستديرة فبحث في قضايا تساوي الفرص
وفتح أبواب النظام التعليمي أمام جميع الأطفال والأحداث مهما كان جنسهم
(سواء كانوا ذكوراً أم إناثا) ومهما كان وضعهم المادي أو العجز أو
الإعاقة (الجسدية أو العقلية) التي يعانون منها. في حين ناقش الاجتماع
الرابع حول مائدة مستديرة الاستراتيجيات التي ينبغي وضعها لضمان كون
المناهج الدراسية ممتازة النوعية وذات صلة وثيقة بمتطلبات النظام
الاقتصادي الحالي.
وقد نوهت سبلنغز بالعديد من المبادرات الأميركية الرامية إلى دعم
الفرص التعليمية ذات النوعية الممتازة في الشرق الأوسط الكبير وشمال
إفريقيا. وذكرت في هذا المجال برامج المنح والبعثات الدراسية، ودورات
التدريب على تعليم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، ومشاريع بناء
المدارس، وبرامج تبادل الطلبة.
وقد انبثق هذا المؤتمر الأول لوزراء التربية والتعليم في دول الشرق
الأوسط الكبير وشمال إفريقيا ومجموعة الثماني عن مبادرة أُطلقت خلال
قمة مجموعة الثماني التي عُقدت في شهر حزيران/يونيو من عام 2004 في سي
آيلاند، بولاية جورجيا الأميركية. فقد تعهدت مجموعة الثماني آنذاك
بتوسعة نطاق دعمها الكامل لدول المنطقة التي تنتهج سياسات إصلاحية
اقتصادية وتعليمية وسياسية. والمعروف أن مجموعة الثماني تتألف من كندا
وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وروسيا والمملكة المتحدة والولايات
المتحدة.
ويأتي مؤتمر وزراء التربية والتعليم مباشرة في أعقاب المنتدى
الاقتصادي العالمي الذي عقد في الأردن وكان إصلاح الأنظمة التعليمية في
العالم العربي بنداً أساسياً على جدول أعماله. وقد دعا العاهل الأردني،
الملك عبد الله الثاني، في الكلمة التي اختتم بها أعمال المؤتمر،
الزعماء من الساسة ورجال الأعمال الذين حضروا المنتدى إلى "خلق "عقد
تربية وتعليم عربي" يرقى إلى المستوى العالمي."
كما ألقت السيدة الأميركية الأولى، لورا بوش، كلمة في المنتدى
تناولت فيها أهمية التعليم، إذ قالت: "إن التعليم يساعد الحرية على
الازدهار. فالمواطنون المتعلمون قادرون على التوصل إلى خياراتهم
بأنفسهم، واتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وتحمل مسؤولياتهم كمواطنين."
وأضافت أنه "يمكن للتعليم أن يساعد الأحداث على الرؤية إلى أبعد من
حدود عالم من الحقد واليأس، إلى (عالم) من الفرص اللامتناهية. إن
التعليم يساعد في تحرير العقل من الجهل والتعصب وضيق الأفق. إن التعليم
يطلق العنان للمساهمات الخلاقة من كل مواطن، ليحسن حياته ويعزز المصلحة
العامة. إن التعليم يعود بالفائدة على الجميع، ويجب أن يكون التعليم
متوفراً للجميع."
هذا وستقوم سبلنغز، بعد اجتماعها مع وزراء التربية والتعليم، بزيارة
مدرسة أردنية جديدة من "المدارس الريادية" المجهزة بأحدث أجهزة
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما أنها تعتزم زيارة روضة أطفال،
والاجتماع مع خريجي برنامج إنجازات الشباب للتدريب على المشاريع
التجارية. وعلاوة على ذلك، ستعقد وزيرة التربية والتعليم الأميركية
سلسلة من الاجتماعات الثنائية مع نظرائها من المنطقة ومن مجموعة
الثماني.
وقال احد المشاركين في الاجتماعات ان الهدف منها بحث "الاصلاحات
المقترحة في المناهج التعليمية وليس تغيير المناهج التربوية كما تشيع
بعض الاوساط المعارضة للانفتاح على العصر والتطوير".
واضاف رافضا ذكر اسمه ان الاجتماع "ياتي لمتابعة ما تم الاتفاق عليه
في لقاء سابق عقد في لندن اواخر شباط/فبراير الماضي بحضور اكثر من 25
دولة".
ويشارك في المؤتمر الاول لوزراء التربية من مجوعة الثماني ودول
مبادرة الشرق الاوسط الموسع وشمال افريقيا عدد من المسؤولين في قطاع
التربية والتعليم اضافة الى ممثلين عن القطاعين العام والخاص من 30
دولة بينها افغانستان وتركيا وباكستان.
وافاد بيان صادر عن سفارة الولايات المتحدة ان وزيرة التربية
الاميركية مارغريت سبيلينغز تتراس وفد بلادها الى المؤتمر الذي يبحث "ضمان
توفير التعليم للجميع بشكل ملائم لاحتياجات الاقتصاديات المعاصرة
والمجتمعات الديموقراطية".
وتابع البيان ان "المشاركين يبحثون دورهم في المساعدة على جعل
الاصلاح التعليمي محورا اساسيا على اجندة مبادرة حول الشرق الاوسط
الكبير وشمال افريقيا" موضحا ان المؤتمر "متابعة لاجتماع مجموعة
الثماني في قمة سي ايلاند في جورجيا في حزيران/يونيو 2004".
يذكر ان قمة الدول الصناعية الثماني اقرت حينها الالتزام بمساعدة
دول منطقة الشرق الاوسط في تنفيذ الاصلاح التعليمي وتوسيع نطاق القراءة
والكتابة لكي يستفيد 20 مليون شخص منه خلال العقد المقبل.
وقالت سبيلينغز في كلمة القتها امام المؤتمر "اعتقد ان الحوار
البناء اليوم هو الخطوة الاولى للمزيد من التعاون والتقدم لتحقيق فرص
التعليم للجميع (...) فالتعليم من القيم المشتركة بين جميع دول العالم".
واضافت ان التعليم "مفتاح للتقدم والتنمية تنمية دول ومنطقة وحياة
الانسان (...) منذ عقود مضت كان ينظر الى التعليم كرفاهية او امتياز
لكنه الان اصبح حاجة ملحة واساسية لتعزيز التفاهم الثقافي بين الدول
وتحقيق النمو الاقتصادي والتبادل التجاري".
وشددت الوزيرة على "تحقيق الاصلاح على نطاق واسع من خلال التركيز
على محو الامية وتوفير المساواة والعدالة في التعليم ونوعيته".
وختمت الوزيرة الاميركية قائلة ان الاصلاح "يجب ان يتم بجهود تقودها
دول المنطقة بحيث تحدد كل منها اولوياتها واحتياجاتها".
كما القى ممثلون عن مصر وباكستان وفرنسا وبريطانيا كلمات في المؤتمر.
بدوره قال امين عام وزارة التربية والتعليم في الاردن تيسير النعيمي
ان اجتماعا تمهيديا عقد الاحد على مستوى الامناء العامين والخبراء ركز
على "اهمية استيعاب المتغيرات وخطط التطوير التربوية والتعليمية
الرئيسية مع الحفاظ على ثوابت الامة ورسالتها".
وقال ان "التطوير يجب ان يستجيب لحاجات المجتمع محليا واقليميا
ويبني على ما تم انجازه" مشيرا الى توزع المشاركين على "اربعة محاور هي
عوامل نجاح التطوير التربوي المتمثلة بالالتزام السياسي والمالي وبناء
الشراكة والتقييم والنوعية الفنية للبرامج".
واضاف "هناك ايضا محور محو الامية وتوفير فرص التعليم وتعزيز مشاركة
المراة" في حين يشير محور المساواة والعدالة في التعليم الى "ضرورة
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ودراسة مناهج لخفض الفجوة في معدلات
الالتحاق بالتعليم بين الجنسين وبين المناطق". اما محور نوعية التعليم
فيبحث "تطوير المناهج التي تواكب الحداثة والتطوير". |