حث كبار رجال الاعمال والسياسة المجتمعين في نهاية اعمال المنتدى
الاقتصادي العالمي الاحد الدول العربية على اغتنام فرصة التغيير
السانحة وتعجيل عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي.
وقال فريدريك سيكر مدير المنتدى التنفيذي في احدى حلقات النقاش التي
دارت على مدى الايام الثلاث الماضية "لقد شهدت الاشهر الماضية نهضة
للشعوب العربية من الانتخابات العراقية الى +ثورة الارز+ في لبنان".
وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان الانتخابات العراقية
التي عقدت في الثلاثين من كانون الثاني /يناير وكانت اول انتخابات حرة
تعقد في العراق منذ نصف قرن كانت "نقطة تحول ليس فقط في العراق بل في
تاريخ المنطقة ككل".
وحسبما اظهرت نتائج استطلاع الكتروني اخذ في احدى الجلسات فان حوالى
ثلثي المستطلعين اعتبروا ان حركة "القوى الشعبية" الاخيرة في العالم
العربي كانت بسبب الضغوط والتوقعات المتصاعدة في المنطقة.
من جانبه اعتبر امين عام الجامعة العربية عمر موسى ان "طريق
الديموقراطية هو الطريق الوحيد للشعوب العربية".
وقال موسى ان "الرغبة في المشاركة السياسية كانت دائما في قلب
المواطن العربي وهذه الرغبة تجد صوتا لها الان في ارجاء المنطقة".
واكد موسى ان "هناك اجماعا في المنطقة" على ان حل الصراع الفلسطيني
الاسرائيلي ضروري لارساء الاستقرار ولكنه ليس مطلبا اساسي لنجاح عملية
الاصلاح.
وقد وجدت تصريحات موسى انتقادات من مساعدة وزير الخارجية الاميركية
لشؤون الشرق الادنى اليزابيث تشيني لاستخدام موسى القضية الفلسطينية
كوسيلة "لجلب التصفيق" من الحضور.
وقالت تشيني مخاطبة موسى "يا حضرة الامين العام سيكون من الصعب
الحديث عن اجماع عندما لا يستطيع الناس مخاطبتك". واشادت تشيني "بالنداءات
المتكررة يوما بعد يوم للديموقراطية في الشارع العربي" مضيفة ان "هذه
بالفعل لحظة تاريخية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا".
وقالت ان "المواطنين العرب يعبرون عن امال كبيرة في المستقبل لم تكن
لديهم في السابق" مشيدة باعطاء النساء الكويتيات حق الانتخاب وباجراء
انتخابات بلدية في السعودية مؤخرا.
من جانب اخر قال نائب وزير الخارجية الاميركي روبرت زوليك الذي
يتراس وفد بلاده الى المنتدى ان عملية التغيير في المنطقة تتسارع بشكل
مستمر لكنه حذر في الوقت نفسه من ان ابقاء الحال على ما هو عليه قد
يثير خطر العنف.
وخاطبت السيدة الاميركية الاولى لورا بوش المنتدى يوم السبت موجهة
نداء حارا لتمكين النساء من خلال توفير سبل الحصول على التعليم.
وحث رجال الاعمال والاقتصاد العالم العربي على تسريع وتيرة الاصلاح
الاقتصادي للحاق بسائر بلدان العالم.
وقال بيتر برابيك-ليتماث الذي يشارك في رئاسة المنتدى الاقتصادي ان
"المسالة ليست حول قيام التغيير في المنطقة ولكنها حول ما اذا كان هذا
التغيير يسير بالسرعة المطلوبة للحاق بالمنافسين حول العالم".
وقال المدير التنفيذي لبنك الكويت الوطني ابراهيم دبدوب ان عدد
العاطلين عن العمل في العالم العربي سيرتفع من 60 مليون الى ما بين 80
الى 100 مليون نسمة في العقدين المقبلين. وقال دبدوب لوكالة فرانس برس
"لا بد من اجراء اصلاحات اقتصادية لتتمكن البلاد العربية من المنافسة
وتجنب الازمات والاصلاحات يجب ان تسبق بارادة سياسية وانفتاح".
واضاف ابراهيم دبدوب إن أمواج "قوة الشعب" التي عمت الشرق الأوسط
وشمال إفريقيا إنما تبشر باطلاق العنان لازدهار التنمية الاقتصادية اذا
تمكن قادة المنطقة من توظيف الطاقة الشعبية.
وقال دبدوب: "لقد شاهدناها في شوارع بيروت وفي مدن أخرى. فقد شاهدتم
مليون انسان في شوارع بيروت في ثورة بيضاء متحضرة جداً. وهؤلاء أنجزوا
في ظرف يومين ما عجزت حكومات لبنان عن فعله طوال عشرين عاما."
وأشار دبدوب الذي تحدث في جلسة يوم الجمعة 20/5 انه بفضل وسائل
الإعلام والاتصالات العصرية تعذر احتواء هذه الحركة (اللبنانية) "لأن
عالمنا أصبح معولما جدا". وضرب مثالا على ذلك بان السكان في صعيد مصر
تمكنوا من مشاهدة وقائع الثورة الشعبية في أوكرانيا على شاشات التلفزة
من محطة سي إن إن.
وجاء في كلمة دبدوب: "أعتقد ان الشرق الأوسط يمر في عملية تحول
رئيسي وهناك العديد من العوامل التي تسهم في هذا التحول، الزيادة في
عائدات النفط، والإصلاحات، أكانت اقتصادية او سياسية، التي تحصل هنا
وهناك، وتحرير العراق من نظام اتسم بقسوة شديدة ضد شعبه. وانا أرى ان
هذا الجزء من العالم الذي كان رائدا تاريخيا في مجالات العلوم والتعليم
في العالم، يأمل بان ينتهز هذه اللحظة لاستعادة أهميته، اذا اغتنم
الزعماء الفرصة."
و"اغتنام اللحظة" هو شعار المنتدى الاقتصادي لعام 2005 في الأردن.
والمنتدى هو هيئة دولية مستقلة وغير سياسية، يتخذ من سويسرا مقرا له،
ويسعى للترويج للتنمية الاقتصادية من خلال التواصل مع قادة سياسيين
ورجال أعمال من خلال إقامة شراكات اقتصادية اقليمية.
وقال فريدريك سيكري، المدير الإداري للمنتدى، ان منظمته اختارت ان
تعقد اجتماعا في الشرق الأوسط في عام 2003 اعتقادا منها بانه من
الأهمية البالغة بمكان أن تعمل الفعاليات العالمية في قطاعات الصناعة
والقادة السياسيون سوية لضمان تحقيق منزلة للمنطقة في التنمية
الاقتصادية العالمية مستقبلا.
ولفت الى ان الاجتماع التالي في عام 2004 ركز على سبل يمكن للعالم
العربي من خلالها ان يبدأ تطوير خطط محلية تستجيب للضغوطات الخارجية
للعولمة.
وقال ان الحركات الشعبية عرضت شعارات منتدى هذا العام خلال العام
الفائت، ومنها: نمو المطالب المحلية للاصلاح السياسي والاقتصادي
وضغوطات لصالح المشاركة الشعبية في تنمية البلدان في المستقبل.
وقال دبدوب إن أسعار النفط التي المرتفعة تاريخيا والتدفق النقدي
على البلدان المنتجة للنفط الناشئ عن ذلك قد أحدثا فرصة فريدة بالنسبة
للمنطقة. وقال إنه لا توجد لدى الدول الخليجية فرص استثمار محلية كافية
لامتصاص النقد وإن البلدان الأخرى في المنطقة ستغدو المستفيد المنطقي
من هذه الطفرة.
وأردف "أن هذه تمثل فرصة للدول المستوردة لرؤوس الأموال لجذب
الاستثمار الأجنبي المباشر من الخليج." مشيرا إلى أن "هناك العديد من
الدول التي تسير في الاتجاه الصحيح -- دول كالأردن -- وأنا أعتقد بأنهم
سيستفيدون من ذلك."
ويشارك في المنتدى رجال أعمال ومستثمرون من داخل منطقة الشرق الأوسط
وخارجها. وقال رئيس شركة نستليه ومديرها التنفيذي بيتر برابيك-ليتماث
إنه يعتقد بأنه يتحتم على كبار رجال الأعمال الدوليين أن يضطلعوا بدور
نشيط في هذه المباحثات الاقتصادية الجارية في المنطقة.
وتابع برابيك-ليتماث يقول "إننا ندرك بأنه لا يكفي أن تحصر شركة ما
نفسها على العمل على المستوى المتعلق بالاقتصاد المصغر، بل إنه ينبغي
علينا أن نساعد على تحسين الظروف الاقتصادية الكلية حتى يتسنى
للمستثمرين، سواء كانوا المستثمرين المحليين أو المستثمرين الدوليين،
العثور على قاعدة اقتصادية أكثر إنتاجا مما سيسرع وتيرة عجلة التطور
والنمو."
كما أعرب أيضا عن تفاؤله بالنسبة لمستقبل المنطقة نظرا لما تشهده من
تنامي الحركات الديمقراطية.
ثم خلص رجل الأعمال السويسري إلى القول: "إننا واثقون كل الثقة من
أن هذا الوضع سيصبح وضعا فريدا جدا من نوعه من الناحية الاجتماعية
والاقتصادية والسياسية."
وتحدثت مجموعة من ممولي الاستثمار العرب والدوليين في المنتدى
الاقتصادي العالمي الذي انعقد في البحر الميت بالأردن أمس الجمعة 20
أيار/مايو واتفقوا على أن هناك كثيرا من الأرصدة والأموال المتوفرة
للاستثمار في المنطقة، لكن المنطقة تفتقر إلى الفرص الاستثمارية التي
تحافظ على بقاء تلك الأموال في المنطقة، عدا عن عدم قدرتها على اجتذاب
أموال كبيرة من الخارج للاستثمار في المنطقة.
وقال المدير التنفيذي رئيس مؤسسة هونكونغ وشانغهاي المصرفية (HSBC)
والرئيس المشارك لاتحاد المصارف والأسواق للاستثمار جون ستادزينسكي إن
"المشكلة التي يواجهها الشرق الأوسط في مخاطبة المستثمرين هي أنه لا
يملك آليات الوصول" إلى الاستثمارات.
وأضاف أن هناك "ما يقدر بنحو مليون مليون (ترليون) دولار من الأرصدة
والأصول التي يجري استثمارها خارج الشرق الأوسط، لا لأن كل مستثمر قرر
تنويع مجموعة استثماراته." وقال إن السبب هو "في الواقع أنه لا توجد
كمية من الفرص المتاحة للاستثمار الهامشي في هذه السوق. ولذا فالمسألة
ليست مسألة طلب، فهي مسألة عرض، وربما لا تكون مسألة إمداد . فربما هي
قضية استعداد المستخدم المستفيد لتلقي العرض."
وقال ستادزينسكي إن بعض دول المنطقة مثل قطر واتحاد الإمارات قد
اتخذت خطوات لجعل أسواقها مواتية للاستثمار. لكنه أضاف أن الاستثمار في
العالم العربي ما زال صعبا.
وأعرب رئيس مؤسسة نسله ومديرها التنفيذي بيتر باربك لتميث عن أنه
يرى في الافتقار إلى الاستثمار الخارجي المباشر في العالم العربي دليلا
على أن المنطقة لا تتبنى وتطبق التغييرات الاقتصادية بالسرعة الكافية.
وقال "إن هناك تغييرات لكن القضية هي هل هي بالعمق الكافي، وهل تتم
بالسرعة الكافية لمواكبة بقية العالم؟"
وأضاف لتميث قائلا "إنني إذا نظرت إلى الاستثمارات الأجنبية
المباشرة وإلى منطقة كهذه فيها هذا العدد من السكان ولا تنال إلا واحدا
بالمائة من إجمالي الاستثمار المباشر، أرى بادرة تدعو إلى القلق. فهذا
يبين لي بوضوح أن التغييرات لا تتم بسرعة كافية."
وأشار إلى أن السبب في بطء تحقيق الإصلاحات يعود في جزء منه إلى
الأسلوب الذي يتم فيه وضع إطار الحوار حول الإصلاحات الاقتصادية.
وأضاف رئيس مؤسسة نسله أنه "يبدو لي أن الرأي العام مازال يفسر أي
حديث عن الإصلاحات السياسية أو غيرها على أنه فرض النمط الأميركي أو
الأوروبي . وإذا أمكن عزل هذا الاعتقاد والتحدث عن التجدد العربي فعلا،
أعتقد أن ذلك سيساعد إلى حد كبير في التعجيل بالتطور والتحول وانفتاح
الفرص الضرورية."
كما تحدثت في المنتدى لبنى عليّان المديرة التنفيذية لشركة عليان
السعودية للتمويل وقالت إنه في الوقت الذي توجد فيه في المنطقة أموال
ضخمة يمكن استثمارها في تنمية اقتصادياتها الذاتية، فإن عليها أن تبذل
جهدا أكبر لاجتذاب المستثمرين العالميين.
وأضافت عليّان أن "المستثمر العالمي والشركة العالمية يمكن أن يجلبا
الإدارة والانضباط والشفافية والتكنولوجيا المتقدمة، والأهم هو أنه
يمكن أن يساعدا في التدريب في المنطقة." وقالت إن انتقال المعرفة التي
تصاحب الاستثمار العالمي عامل أساسي في خلق وتطوير الأعمال والوظائف
ذات النوعية الجيدة في المنطقة.
ودعت عليّان الدول العربية إلى العمل على زيادة التجارة الإقليمية
بين دول المنطقة كوسيلة لجعل الاستثمار في المنطقة أكثر جاذبية. وأضافت
قولها "أعتقد أن إزالة كل الحواجز القائمة وتشجيع التجارة سيشكلان
حوافز أكيدة تشجع المستثمرين العالميين وتروّج للعالم العربي." |