يبدو أن النمط الأمريكي في الحياة بكل نواحيها السياسية والاقتصادية
والعسكرية وحتى أساليب الرفاهية بدأ يؤثر في شعوب وحكومات العالم،
فرهانات القمار في الكازينوهات الأمريكية الضخمة وما تدره من أموال
طائلة أصبحت تسيل لعاب الدول المحافظة في تبنيها في بلادهم.
فسنغافورة التي عرف زعمائها بالصرامة والجدية نوعاً ما، إذ علكة (ريغليز)
كانت ممنوعة حتى وقت قريب، والجَلْد لا يزال شكلاً شائعاً من أشكال
العقاب إلا أن الأمر جاء مغايراً لطبيعة سنغافورة كدولة مربية عندما
وضعت الحكومة الشهر الماضي رهاناً ضخماً على القمار في الكازينوهات على
غرار مدينة لاس فيغاس.
وأعلن الأب المؤسس للبلاد، رئيس الوزراء السابق (لي كوان يو) إن
الرفض سيرسل الإشارة الخطأ بأننا نريد أن نراوح في مكاننا، وأن نبقي
سنغافورة القديمة، مكاناً نظيفاً ومرتباً حيث لا علكة للمضغ، ولا تدخين
في الأمكنة المكيفة، ولا هذا، ولا ذاك، ولا مكان للمرح.
إن قرار سنغافورة هو بمنزلة محاولة لمواكبة التغيرات السريعة التي
تجتاح آسيا. فالشيء الجديد الساخن هو المنتجعات المتكاملة، ما يعني
أمكنة تقدم التسوق والمسارح، والمتاحف وحدائق الحيوانات محزمة مع كل ما
يفتن الألباب مثل مدن الملاهي والرياضات التي يحضرها المتفرجون، كل ذلك
مرتكز إلى كازينوهات.
ويدرج (جوزيف تان) وهو اقتصادي في بنك (ستاندراد تشارترد بانك)
المقامرة على أنها آخر حلقة في سلسلة من الخطوات من قبل سنغافورة – مثل
السماح بالرقص على منصات الحانات، وتمديد ساعات العمل فيها وغض الطرف
حيال التجمعات السنوية للمثليين جنسياً التي تجتذب الزوار من أنحاء
المنطقة – بغية نفض صورتها النظيفة بشكل لماع وبالتالي اجتذاب
الدولارات الشعبية من أمكنة أخرى في آسيا.
وسنغافورة ليست أول من يعيد التفكير باستراتيجيته القديمة، فهونغ
كونغ ستقص شريط افتتاح منتجع ديزني لاند جديد في وقت لاحق من هذا العام
وتخطط لمركز ثقافي ضخم بجانب المرفأ. وماكاو تخوض غمار تجديد
كازينوهاتها المتداعية لكي تصبح نسخة آسيوية من لاس فيغاس بمساعدة أكبر
مصالح ألعاب القمار في لاس فيغاس.
وتهدف مدينة الأسد إلى أن تحزم أسباباً مشابهة تفتن الألباب في مكان
واحد، وعبر قيامها بذلك إلى إحياء صناعة سياحة خسرت حصتها في السوق منذ
أواخر التسعينات، وما هو موضوع على المحك هو صناعة كازينوهات آسيوية
يُتوقع أن يبلغ دخلها (24) بليون دولار بحلول عام (2007) ومع ارتفاع
المداخيل الشخصية ارتفاعاً كبيراً وجوبان خطوط الطيران الرخيصة الأجواء
الآسيوية لأول مرة، فإن المتفرجين على الأمكنة التي تستحق المشاهدة
يتدفقون من الصين والهند كما لم يفعلو من قبل على الأطلاق، وسنغافورة
هي من ناحية جغرافية في موقع جيد لاجتذاب الزوار من كليهما معاً.
|