حظيت المظاهرات المطالبة بالاصلاح التي شهدتها مصر في الآونة
الاخيرة باهتمام عربي ودولي وهذا يعود جزئيا إلى أن مثل هذه التحديات
الصريحة للرئيس حسني مبارك وان كانت لا تتسم بالعنف كانت نادرة للغاية
طيلة فترة حكمه.
ومع ذلك فان الاحتجاجات فشلت حتى الان في حشد أكثر من بضع مئات من
المشاركين فيها في كل مرة.
ويلقي الاصلاحيون باللوم على "ثقافة الخوف" ولكن محللين سياسيين
يقولون إن حالة الخمول هذه تعود إلى أن معظم المصريين يخشون حدوث
اضطراب ولا يهتمون بالسياسة ولا يرون أملا في التغيير.
وساعدت المظاهرات التي نظمتها أساسا جماعة الأخوان المسلمون وحركة
كفاية العلمانية في اعطاء الانطباع في الولايات المتحدة وأوروبا بوجود
صحوة سياسية في الشرق الاوسط.
ولكن محللين يقولون إنه بعد خمسة أشهر من تنظيم حركة كفاية أول
مظاهرة لها ضد مبارك في ديسمبر كانون الأول لا يبدو أن الحركة تشكل
تحديا خطيرا للدولة. وقال عبد المنعم سعيد مدير مركز الاهرام للدراسات
السياسية والاستراتيجية بالقاهرة لرويترز "لا الاخوان المسلمون ولا
أعضاء كفاية تمكنوا حتى الآن من الاتصال بالمواطن العادي الذي مازال
مرتبطا بالدولة والنظام."
واضاف سعيد أن الغالبية العظمى من المصريين تعتبر الدولة ورموزها
بمن فيهم مبارك الطيار السابق بالقوات الجوية حماة للامن والامان
والاستقرار الوطني.
ويقول ممثلون عن الاخوان المسلمون وحركة كفاية إنهم يمثلون مطالب
غالبية المصريين الذين يعانون من القمع لدرجة تمنعهم من التعبير عن
رأيهم.
وقال جورج اسحق منسق حركة كفاية "نحن نعاني من ثقافة الخوف. أنت ترى
في مظاهراتنا الافا من رجال الامن يطوقوننا. هذا يخيف الناس لدرجة
تمنعهم من المشاركة."
ومن الصعب قياس اتجاهات الرأي العام في مصر على نطاق واسع في ظل
ندرة استطلاعات الرأي العام المستقلة وسيطرة الحكومة على التلفزيون
الوطني ومعظم الصحف اليومية الكبرى.
وعبر مصريون كثيرون بوسط القاهرة استطلعت رويترز اراءهم عن تأييدهم
لمبارك اعتمادا على أن سجله في الحفاظ على سلامة البلد الذي يبلغ عدد
سكانه 72 مليون نسمة. وقال عبد العزيز (58 عاما) وهو عامل بأحد المحال
التجارية بوسط المدينة "سوف أؤيد الرئيس مبارك دائما. هو رجل عسكري
يعرف كيف يضمن السلام... مصر ليست مثل فلسطين أو العراق بفضله."
وتهيمن أحداث العمليات العسكرية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين والعنف
في العراق دائما على الاخبار في مصر حيث يقول أناس كثيرون ان الولايات
المتحدة واسرائيل تسعيان إلى هز استقرار الدول العربية من أجل اضعافها.
وقال أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري في مقابلة يوم الاحد إن
المصريين يستاؤون من النصائح الغربية بسبب تاريخ الامبريالية الغربية
في البلاد.
وأضاف في مقابلة مع شبكة تلفزيون "ان.بي.سي." الامريكية "هم لا
يرحبون كثيرا بشخصيات أجنبية تبلغهم بما ينبغي عليهم القيام به."
وقالت أمينة عبد الرحمن وهي صحفية وناشطة "الحكومة تستخدم مسألة
التدخل الامريكي... كذريعة للحد من المظاهرات ونشاط المعارضة."
ويعزز المتظاهرون من كفاية والاخوان المسلمون مصداقيتهم الوطنية
بالتنديد المستمر بالولايات المتحدة واسرائيل أثناء مطالبتهم بالاصلاح.
وفي مواجهة بين مؤيدين لكفاية وأعضاء من الحزب الحاكم الذي يتزعمه
مبارك الاسبوع الماضي ردد كل جانب اتهامات بأن خصومه عملاء للولايات
المتحدة. وبعد 50 عاما من هيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية وعدم
وجود انتخابات رئاسية يقول مصريون كثيرون انهم لا يرون أي فائدة من أي
نوع من المشاركة السياسية سواء في التصويت لاختيار اعضاء مجلس الشعب
المؤلف من 454 مقعدا أو في احتجاجات الشوارع.
وقال محمد (22 عاما) الطالب الذي ترك الدراسة ليبيع الافلام
المنسوخة على أقراص كمبيوتر مرنة بوسط القاهرة "لماذ أفعل مثل هؤلاء
الاغبياء في المظاهرات. الاحتجاج لن يجلب لي أي أموال. ولن يوفر لي
وظيفة."
وتقول المحللة السياسية هالة مصطفى انه منذ ثورة 1952 التي اطاحت
بالملكية وحكام مصر يركزون السلطة في ايدي قلة من الشخصيات العسكرية
ويتركون معظم المواطنين دون أن يكون لهم رأي في ادارة شؤون البلد.
وأضافت هالة ان النظام المصري ابعد عن السياسة منذ الخمسينات "كانت تلك
سياسة حكومية. اليوم النخبة السياسية الحاكمة والصحف واخرون أصبحوا
وكأنهم في دولة حزب واحد."
ويقول اعضاء كفاية انه من الممكن أن يقلد المصريون نموذج الاحتجاجات
المؤيدة للديمقراطية في اوكرانيا وجورجيا ويرغمون زعماءهم الحاليين على
ترك السلطة.
وعلى أية حال فان معظم المصريين بوسط القاهرة المزدحم يشعرون حتى
الان بالسعادة وحسب لرؤيتهم متظاهرين تطوقهم قوات الشرطة.
وقالت الصحفية والناشطة أمينة عبد الرحمن "عندما تكون في مظاهرة
تشعر غالبا وكأن
من جهة اخرى قال المجلس الاعلى للقضاء في مصر الذي يتشكل بالتعيين
يوم الاثنين انه يرفض قرارات صدرت عن اجتماع للجمعية العمومية لنادي
القضاة المنتخب تهدد بمقاطعة الاشراف على الانتخابات الرئاسية
والبرلمانية القادمة مالم تستجب السلطات لمطالب القضاة.
وقاطع رئيس مجلس القضاء الاعلى وأعضاؤه اجتماع الجمعية العمومية
لنادي القضاة يوم الجمعة. لكن المجلس قال في بيان صدر يوم الاثنين ان
من حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنادي "قلة لا تعبر عن رأي جموع
القضاة وأن القائمين على التنظيم لم يسجلوا أسماء الحاضرين ولا أخذوا
توقيعاتهم ... وأن المنظمين في النادي لم يسمحوا لغير من يشاركهم الرأي
في أن يقول كلمته في مشروع قانون السلطة القضائية."
وأضاف البيان "إزاء ما سبق فقد قرر مجلس القضاء الاعلى عدم الاعتبار
بأى رأى ينسب للقضاة إلا إذا كان صادرا عن جمعيات محاكمهم العمومية أو
ممهورا بتوقيعهم."
وتابع البيان أن الاغلبية من القضاة مستعدون للاشراف على انتخابات
الرئاسة والانتخابات البرلمانية القادمة "بلا قيد أو شرط."
وكان اجتماع الجمعية العمومية لنادي القضاة الذي يتشكل مجلس ادارته
بالانتخاب قد قرر مقاطعة الاشراف على الانتخابات الرئاسية والنيابية
القادمة ما لم تستجب الحكومة لمطالب تشمل اصدار قانون جديد يضمن
استقلال القضاة عن السلطة التنفيذية واصدار قانون آخر يضمن نزاهة
العملية الانتخابية.
ومن شأن تنفيذ تهديد المقاطعة أن يضع الحكومة في موقف عسير لان
الاشراف القضائي على الانتخابات مقرر قانونا الأمر الذي قد يبطل أي
انتخابات تجرى بعيدا عن اشرافهم.
وفي اتصال هاتفي مع رويترز قال نائب رئيس محكمة النقض أحمد مكي الذي
أسهم بدور بارز في ادارة اجتماع الجمعية العمومية لنادي القضاة ان
النادي استأجر أربعة الاف مقعد لمن حضروا الجمعية العمومية شغلت
بالكامل وكان هناك نحو ألف قاض وقوفا في مرحلة معينة خلال الاجتماع
الذي استمر نحو أربع ساعات.
وتساءل "لماذا لم يحضر رئيس المجلس الاعلى للقضاء على الرغم من أنه
طبقا للائحة يرأس الجمعية العمومية للنادي. ولماذا تغيب أعضاء المجلس."
وأشار إلى أن الامن كان يتأكد من شخصيات الحاضرين الذين كانوا قضاة
بالاضافة إلى ممثلي وسائل الاعلام.
وطبقا لتقديرات محايدة بلغ عدد الحضور نحو ثلاثة الآف قاض. وكان نحو
1500 قاض بمحافظات شمال مصر قد اتخذوا قبل أسابيع في اجتماع لنادي قضاة
الاسكندرية قرارات ماثلة وحضر بعضهم اجتماع نادي القاهرة.
وقال مكي "الاقتراع كان على مسمع ومرأى من العالم ولم يكن في غرفة
مغلقة... كثير من أعضاء الجمعيات العمومية للمحاكم التي تحدث عنها بيان
المجلس الاعلى للقضاء حضروا الاجتماع ووافقوا على القرارات."
وأضاف "القضاة جماعة بشرية وكل تغيير له أنصاره وله خصومه... أساس
فكرة استقلال القضاء أن يكون القاضي مستقلا وهذا المفهوم ترفضه بعض
الرئاسات القضائية."
وتمسك قضاة تحدثوا في اجتماع النادي ببندين نص عليهما مشروع قانون
السلطة القضائية الذي يريده نادي القضاة هما أن تخصص ميزانية مستقلة
للقضاء وأن يكون التفتيش على القضاة تابعا لمجلس أعلى منتخب للقضاء.
ويحصل القضاة حاليا على مخصصاتهم المالية من ميزانية وزارة العدل
كما يتبعها التفتيش القضائي.
ويقول قضاة إن من بين متطلبات نزاهة الانتخابات واشرافهم الكامل
عليها أن تكون لهم السلطة على جداول قيد الناخبين التي تخضع حاليا
لسلطة وزارة الداخلية. |