(من تكلم اللغة العربية فهو عربي) النبي
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
اللغة بشطريها (المنطوق والمكتوب) تمثل الهوية الوطنية بين
المتداولين إياها وهذه الجدلية بين اللسان اللغوي وتدوين أصواته هي
إحدى الظواهر اللغوية العالمية في مجال استعمال اللغات والحفاظ عليها
وهي جدلية تعتبر من المسلمات اللغوية.
في المراحل القديمة من التاريخ اللغوي لكل لغة على حدة لعبت عوامل
معينة على تطوير لغة ما دون غيرها ومن تلك العوامل إنجازات الحضارة لدى
مجتمع دون آخر وهو معيار صحيح أن يقال أن التطور الحادث على لغة معينة
يعني أن تلك اللغة غنية بمفرداتها من جهة ولها القابلية على تطويع معان
جديدة سواء في التصرف بما لديها من مفردات أصيلة أو تقبلها لمفردات
دخيلة عليها من لغات أخرى ويلاحظ بهذا الصدد أن لغة عالمية واحدة لا
تخلو الآن من وجود مفردات تعود أصولها في الأساس إلى لغات أخرى تفاعلت
معها ثم أدخلتها في معجمها.
وللأهمية اللغوية التي تمتاز بكونها تميز شرائح من النسا وربما
مجتمع بكامله ينطق بها فإن إلصاق اسم اللغة قد كون القومية بين هؤلاء
لأنهم ينطقوا بلغة واحدة فمثلاً سمي الناطقون باللغة العربية بـ(العرب)
والناطقون باللغة الإنجليزية بـ(الإنجليز) والناطقون باللغة الألمانية
بـ(الألمان) والناطقون باللغة التركية بـ(الأتراك) وهكذا وطبيعي أن لا
ينظر بهذا الصدد إلى من يتعلم لغة قوم آخرين أن يكون بالضرورة منهم
فمثلاً أن الشعوب الأفريقية المستعمرة من قبل فرنسا سابقاً وتتكلم
اللغة الفرنسية لا تسمى شعوب فرنسية ولكن التسمية الصحيحة لهم هي:
الشعوب الناطقة بالفرنسية وأكيد فهناك فارق بين أصحاب اللغة الأصليين
أو المتعلمين إياها.
أما بالنسبة لمن يتعلم اللغة العربية ثم يجيدها من غير الشخوص العرب
فقد أكرمهم الإسلام على لسان النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله
وسلم) إذ اعتبرهم من الناحية المعنوية كالعرب تماماً وذلك من باب
الاعتزاز بالعربية لصفتها بكونها (لغة أهل الجنة).
ولأن اللغة هي بحد ذاتها تشكل مشروعاً اجتماعياً عاماً في عملية
بناء الحياة ولا يمكن إقامة أي تفاهم بين إنسان وآخر أو مجتمع وآخر دون
أن تكون هي وسيلة لذلك فإن إجادة اللغة الوطنية مسألة مهمة حقاً
لمجيديها وبالإجادة وحدها يمكن القول بأن للوعي بوظيفة اللغة أهمية
كبرى ومن المؤكد فليس هناك من يحرص على اللغة العربية مثلاً كما هو
الحال لبعض اللغات الأخرى المتقدمة أكثر من أهلها سواء من حيث تنمية
قدراتها على التطور أو منافسة بقية اللغات الحية.
ولعل من اللافوارق في تقييم ماهية اللغة أن أحداً إذا ما حاول
الإساءة كـ(دعاية سلبية مثلاً) ضد قومية ما تنطق بلغة فصيحة عند
أهاليها فلا يعتبر ذلك مساساً بتلك اللغة بل بالناطقين بها فقط ومن هذا
المعنى يلاحظ أن بعض الدعايات الأجنبية المغرضة ضد المجتمع العربي ليس
له أي مساس يُذكر فيما يخص اللغة العربية بسبب وجود فاصل موضوعي بين
معنى اللغة وجهة الناطقين بها. ولذا يلاحظ أن الدعاية السلبية من قبل
الغرب ضد المجتمعات العربية ليست موظفة ضد لغتهم العربية. |