كان الهم الأمريكي الأول في لقاء كروفورد الثاني كما اللقاء الأول
هو الفاتورة النفطية الأمريكية، هذه الفاتورة تشغل بال الرئيس بوش في
الأشهر الأخيرة بعدما سجلت أسعار النفط مستويات قياسية، وهو حريص على
أن يظهر أمام الرأي العام الأمريكي بمظهر المحارب من أجل خفض الأسعار،
وفرملة التزايد في الخلل التجاري والحد من الآثار التضخمية على مستوى
الاستهلاك الداخلي.
قبل وصول الأمير عبد الله كان بوش (الذي تراجع معدل الموافقة على
أدائه إلى 48% في آخر استطلاع) قد أبلغ قناة (CNBC) أنه يعتزم أن يؤكد
للأمير السعودي أن أسعار النفط الحالية سوف تضر بالاقتصاد العالمي.
وقد أعلنت المملكة السعودية عن توجه يقضي بزيادة الاستثمارات في
قطاع النفط بحيث تتمكن من رفع إنتاجها من حوالي (9.5) ملايين برميل
يومياً إلى (12.5) مليون برميل في العام (2009). لكن التوافق السعودي –
الأمريكي لن يحل مشكلة الأسعار في الوقت الراهن، والفاتورة النفطية
الأمريكية (4 مليارات و380 مليون دولار) مرشحة للتصاعد، في انتظار أن
توظف واشنطن ما مجموعه (50) مليار دولار أمريكي في السنين العشر
المقبلة لتمكين الدول المنتجة في الخليج وخارج الخليج من زيادة طاقاتها
الإنتاجية.
والملف الثاني الذي طرح في كروفورد كان موضوع انضمام المملكة إلى
منظمة التجارة العالمية. هذا الموضوع يشغل بال الرياض منذ ثلاث سنوات،
بعدما سجلت واشنطن اختراقات حقيقية دخل مجلس التعاون الخليجي، عن طريق
دعوة بعض أعضاء المجلس إلى المفاوضات للانضمام إلى اتفاقات التجارة
الحرة، من وراء ظهر الرياض التي لم تُدعَ إلى أي لقاء من هذا النوع.
في مقابل ضمان تدفق النفط بكميات كافية وأسعار ملائمة إلى الأسواق
ومن اجل تشجيع المملكة على المضي في الإصلاحات تعهد الرئيس الأمريكي
بتحقيق انضمام المملكة إلى المنظمة، بعد طول مماطلة، قبل نهاية العام
الحالي.
لكن الشق الذي لم يُنشر حول هذا التعهد، وتجاهلته وسائل الإعلام
السعودية هو أن الرئيس الأمريكي طالب ولي العهد السعودي بالتخلي عن
مقاطعة إسرائيل، وإدخال تعديلات جذرية على القوانين التجارية السعودية
من أجل تكييفها مع أنظمة التجارة العالمية، وتحسين أداء القضاء
السعودية، وتعزيز المحاكم المدنية داخل المملكة، مسجلاً مآخذ عدة على
أداء الإدارة السعودية بشكل عام، وهيمنة التشريعات الدينية المتشددة
على مختلف جوانب الحياة السعودية.
وغيرها من الملف الإرهابي والملف اللبناني والفلسطيني والتحولات
الديمقراطية المطلوبة خليجياً وعربياً، وخلاصة القول يمكن أن نعد أن
لقاء كروفورد رقم (2) أكد تقاطع المصالح الاستراتيجية المشتركة بين
واشنطن والرياض، بصورة تسمح لولي العهد السعودي بالإطمئنان إلى النيات
الأمريكية – على المدى القريب – وتؤسس لأرضية جديدة من التعاون ضد
ارتفاع أسعار النفط من جهة، وضد الإرهاب من جهة أخرى.
|