هذا التقرير من منظمة (جوبيلي ديبين كامبين) البريطانية دليل على
المماطلات المتعمدة وعدم الرغبة الجادة للدول الغنية فيما التزمت بها
حول مكافحة الفقر والاقتصاد العالمي.
فقد خيبت الدول الصناعية السبع التي اجتمعت في عطلة نهاية الأسبوع
في واشنطن الآمال المعقودة على خفض ديون الدول الأفريقية والبحث عن
وسائل لزيادة حجم المساعدات، وتختلف الدول في مواقفها إلى حد كبير.
وتظاهر حوالي مائتي شخص السبت الماضي للمطالبة بإلغاء الديون فوراً
في جوّ أكثر هدوءاً مما كان عليه منذ خمس سنوات حيث أدى تظاهر عشرين
ألف شخص إلى زعزعة سير الاجتماعات.
وعلى صعيد الاقتصاد العالمي، حاولت مجموعة السبع تبني لهجة مطمئنة،
وأكدت في بيانها ثبات نمو الاقتصاد العالمي في (2005) رغم ارتفاع أسعار
النفط، ويتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره لفصل الربيع نسبة نمو تبلغ
(4.3%) هذه السنة مقابل (1.5%) في (2004). لكن المدير العام لصندوق
النقد الدولي (رود ريغو راتو) لم يتردد في تحريك المخاوف مؤكداً خطر
تصحيح مفاجئ في الأسواق إذا لم يتم تدارك حالات الخلل في الاقتصاد
العالمي.
وقد وعدت مجموعة السبع بالعمل على تحقيق ذلك بتحرك فعال. والتراجع
الذي سجل في أسواق المال الكبرى في نهاية الأسبوع الماضي انعكاساً
لمخاوف المستثمرين، ليس غريباً عن هذا الشعور بأن التحرك أمر ملحّ.
ومن حالات الخلل هذه العجز الميزاني والتجاري للولايات المتحدة
وتراكم احتياطات العملات الصعبة في الدول الآسيوية، وقال مسؤول أوروبي
أن هذا الخلل ينذر بسيناريو أسود وأزمة ثقة يمكن أن يعرقلا النمو
العالمي. وأوضح مشاركون أن أسعار النفط التي مازالت تتجاوز الخمسين
دولاراً للبرميل الواحد كانت الموضوع الرئيسي الذي هيمن على المناقشات.
لكن الدول المستهلكة الغنية والفقيرة تبدو عاجزة حالياً عن مواجهة
ارتباطها بإرادة البلدان المنتجة والضعف البنيوي للقطاع. وقد تفاقمت
الاضطرابات الاجتماعية خلال الأسبوع الجاري في أمريكا الوسطى بينما
تزايد القلق في أوروبا والولايات المتحدة.
وجاء في البيان الختامي لاجتماع وزراء مالية مجموعة الدول السبع في
نهاية الأسبوع في واشنطن (أن النمو أقل توازناً من السابق) ورأى
الأوروبيون أن السبب الرئيسي لهذه الاختلالات في التوازن هو العجز في
الموازنة والحسابات الجارية الأمريكية أي مبادلات السلع والخدمات
والرساميل.
وأكد مسؤول أوروبي كبير أن هذين العجزين الأمريكيين: هما التهديد
الرئيسي لاستقرار الاقتصاد العالمي. فالعجز المالي الأمريكي أظهر
الأرقام القياسية التالية (665.9) مليار دولار في (2004) قيمة العجز في
الحسابات الجارية. ويعيش المستهلكون الأمريكيون حالة جنونية، فهم
يشترون دائماً المزيد من السلع المستوردة وحركة اقتراضهم في ازدياد
ومستوى ادخارهم يقل أكثر فأكثر وتشجعهم على ذلك معدلات فوائد متدنية
جداً منذ أربعة أعوام.
وتشير الأرقام إلى أن أمريكا تعيش على حسابات الائتمان (على حساب
بقية العالم) كما يقول البعض. ذلك أن تمويل القسم الأكبر من العجز
المالي يتم عن طريق المصارف المركزية الآسيوية – الصينية واليابانية –
التي تشتري سندات مسعرة بالدولار، وسندات خزينة خصوصاً. ومن أولى نتائج
هذا الأمر، تدهور سعر صرف الدولار وارتفاع سعر صرف اليورو الذي يعتبر
مسيئاً للاقتصاديات الأوروبية. وتقوم السوق بدفع العملات إلى لعب دورها
التصحيحي في ذلك حيث تواجه الدولة التي تمر في عجز تجاري تراجعاً في
صرف عملتها. |