ملايين يرفضون الزواج عن سابق تصور وتصميم، وملايين تدفعهم تجربته
إلى الطلاق فلا يعاودون الكرة ويكتفون بالمرة الواحدة، وملايين يعيشون
زواجاً بكل شروطه ومتطلباته... الأحرى أنهم يقيمون علاقات حيمية مع
الجنس الأخر، وحيث كشفت التجارب، خصوصاً الأمريكية والأوروبية، وفي بعض
الدول الآسيوية، إن مثل هذه العلاقة غير المرتهنة لعقود، هي الأشد
حميمية وصدقاً وارتباطاً. وفي جميع الحالات، استنتاج واحد فرض نفسه:
العازبون كثر ويزداد عددهم يوماً بعد يوم، لكنهم على علاقات عاطفية
وجنسية.
وحسبما يدعي البعض فإنها دعوة إلى التجدد، وخصوصاً أن العزوبية
أصبحت بحد ذاتها قيمة وحالة مزاجية، تتلائم مع مفاهيم العصر: الفردية،
طموح إلى السعادة، التألق وتحقيق الذات، التجديد، وتلك حالة عامة شقت
لنفسها طريقاً خلال عشرين قرناً حتى فرضت وجودها في عقول الغرب في عصر
جعل الحرية شعاره حتى باتت تقارب الأنانية والنزوة.
وليس من المثير أن تجد في تونس أحد أكثر المجتمعات العربية انفتاحاً
على الغرب نساءً تجاوزن العقد الرابع وما زلن عوانس، فبركات التحرر
تصلهم كل حين.
وكشف آخر الإحصاءات الرسمية التي وردت في التعداد العام لسكان تونس
أن نسبة العنوسة بلغت (38%) عام (2004) ليرتفع عدد العازبات إلى أكثر
من (مليون و300) ألف امرأة من أصل (أربعة ملايين و900) ألف أنثى في
البلاد مقارنة بنحو (990) ألف عازبة عام 1994م.
وتأتي المرأة التونسية على رأس النساء العربيات من حيث المشاركة في
الحياة الاجتماعية والاقتصادية حيث تشغل نحو (20%) من المقاعد في
البرلمان.
وفسر باحثون في علم الاجتماع تفاقم ظاهرة العنوسة بتفتح المرأة
التونسية أكثر من أي وقت مضى على المجتمعات الغربية وميلها إلى تحقيق
استقلالها المادي والمعنوي.
وقال المهدي بن مبروك وهو باحث اجتماعي تونسي: إن نسب الطلاق
المرتفعة جعلت هناك حذراً وعزوفاً متزايدين لدى الفتيات والفتيان
والتفتح الكبير على حضارات غربية، ما جعل الزواج يتراجع في أولويات
الفتاة لحساب الدراسة والتحرر. |