ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

النبأ تحاور الإعلامي العراقي نضير الخزرجي عن التطرف والارهاب والاستبداد وطرق الاصلاح في العالم العربي والاسلامي.. حزن الرسول وغمه على قومه نابع من أرضية الرحمة، كان يتطلع الى هدايتهم لا تصفيتهم ونماء نفوسهم لا قطف رؤوسهم

 

- لا بد ان تتحرك بازاء عجلة اللطم ثقافة الحكم وأن تصطف الى جانب قافي القامة والقيمة كافا الكتاب والكاسيت

- الاستبداد ليس طابوا شرقيا صرفا ولا ماركة عالم ثالثية مسجلة، ولا معنى لقول ارسطو بآسيوية الطغيان، واوروبا لم تتعاف كليا حتى يومنا هذا من استبداد هتلر وموسوليني

تبرز أهمية المثقف في أنه يخط دروب المعرفة ويأخذ بأيديهم نحو شواطئ الآمان ويكرس لديهم مفاهيم تسهم في بناء الحياة بطريقة سليمة من خلال التركيز على بناء نظام معرفي حضاري يتعاطى مع الكليات والتفاصيل من حوله بطريقة عصرية وحضارية دون عنف وإقصاء وتهميش..

وبما أن العالم يشهد حوادث عديدة لعل أبرزها موجة العنف غير المسبوقة هذه يصبح من المهم التعرف على الكيفية التي يقرأ بها المثقفون هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر الأخرى...

وتحمل هذه الايام معها بذورا لتأسيس مراحل مهمة جديدة من التاريخ عبر مفاهيم ظهرت الى الساحة بإشكاليات تبحث عن تغيير للواقع المتأزم، مثل اشكالية الاصلاح وتعريف مفهوم الارهاب وتزلزل الديكتاتوريات المهترئة ونزول الجماهير الى الشوارع.

ومن هنا استطلعنا رأي الإعلامي العراقي الاستاذ نضير الخزرجي حول هذه الموضوعات، واجابنا عن اسئلتنا مشكورا.

س1: ما هي برأيكم الأسباب التي تدفع بعض الجماعات العربية والإسلامية لممارسة التطرف والإرهاب؟ وما هي أهم النتائج التي تتمخض عن التطرف والإرهاب؟

الخزرجي: تتداخل الاسباب فيما يخص اندفاع بعض الجماعات العربية والاسلامية الى استعمال العنف كوسيلة للتعبير عن نفسها او فرض آرائها، وتختلف الاسباب من بيئة الى اخرى ومن ثقافة الى اخرى ومن مذهب عقدي الى اخر. بيد ان موئل الاسباب انما يعود الى ثقافة الجماعة او الحزب او الفئة، فالقاسم المشترك لكل هذه الجماعات هو تشربها بثقافة السيف ووضع ثقافة السلم وراء ظهرانيها، وتتضاعف المشكلة في الجماعات والتنظيمات والاحزاب السياسية بعامة والاسلامية بخاصة، فهذه الاحزاب حينما ارادت ان تثقف افرادها تثقيفا سياسيا فانها وضعت على موائد الافراد تجارب المجموعات السياسية والمسلحة في ادغال امريكا اللاتينية، وهي في مجموعها تجمعات يسارية آمنت بالسلاح والقوة طريقا للوصول الى الحكم ولو على اشلاء الناس انفسهم الذين يدعون الدفاع عنهم، وبعض الجماعات الاسلامية التي حاولت الابتعاد عن ثقافة العنف القادمة من المجاميع اليسارية تكهفت بثقافة السلف ولكن في جانبه العسكري المتزمت فقط، فعرفوا ان منتهى التوحيد هو حمل الناس عليه بالسيف فارضين ثقافة البداوة على المجتمع العربي والمسلم، وبعض المجموعات المسلحة تتحرك بثقافة العشيرة ما قبل مجئ الاسلام حيث كانت الغنيمة والسطو على الاخرين مبلغ الرجولة، وهذه الثقافة المندكة بالجاهلية تتكرر بين عصر وآخر وان بصور مختلفة بل وبعضها مشابه لما كان يفعله بعض السلف وهذا ما لمسناه في افغانستان والجزائر ونجده اليوم في العراق.

ولا اعدو الحقيقة اذا ما قلت ان بعض الجماعات العربية والاسلامية تقودها ثقافة سقيفة بني ساعدة، وحتى الجماعات العلمانية من الجماعات المسيسة تلمس في بعض تصرفاتها او تصرفات افرادها نزوعهم الى هذه الثقافة حتى وان اظهروا معارضة لثقافة الاسلام نفسه.

في الواقع ان بعض الجماعات المسيسة تربي افرادها على ثقافة العنف وهذا نستشعره حتى في الجماعات الاسلامية الناشئة في بلاد الغرب، فهي تحرم كل شيء اسمه غرب مع انها تستفيد من ايجابياته، وبل وتربي الطفل على كراهية القانون والمجتمع الغربي بدلا من ان تحمله على التعامل معه بايجابية وروح منفتحة بوصف الاسلام رحمة للعالمين وليس دين قومية معينة وهو منفتح على البشرية جمعاء، ولهذا فان الثقافة السائدة لدى بعض الجماعات هي ثقافة (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) البقرة:191، وليست ثقافة (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) الأنبياء: 107.

لقد فهمت هذه الجماعات ان الاسلام هو اسلام الغزوات الحربية واسلام السيف، دين أسلمة الناس تحت حد الحراب!، بالطبع لا يمكن وضع اللوم كله على هذا الجيل، لان المادة التي يتثقفون عليها هي مادة العنف، بل وبعض المناهج التربوية تعلمهم كراهية المسلم وتكفيره بمجرد انه لا يتفق مع هذا المذهب او ذاك في بعض الفروع الفقهية، وتوزع في بعض المواسم الدينية الملايين من الكتب والكراسات وبلغات مختلفة في تكفير المسلم!!، والتاريخ الاسلامي مليء بمثل هذه الصور القاتمة، والا ما الذي يدعو الاديب العراقي الراحل هادي العلوي وهو المنظر اليساري العربي ان يكتب كتابا اسماه (من تاريخ التعذيب في الاسلام) نقل فيه صورا كثيرة من عنف الحكام المسلمين والجماعات الاسلامية بالضد من المعارضين، ومع اني شخصيا ارى في العنوان تجنيا على الاسلام نفسه لانه يلقي في ذهن القارئ تصورا حالكا عن الاسلام الحنيف، وهو برئ من تهمة العنف لان الرجال اساؤا وليس الاسلام والرجال يعرفون بالحق لا العكس، اقول ما الذي يدعوه الى تأليف الكتاب الصادر في العام 1987 غير انه رأى من الصور ما تقشعر منه الابدان، فعمد الى استلالها من صفحات التاريخ وقيدها في كتابه، واعتقد ان مظاهر التعذيب عبر التاريخ هي من المواد التي تدخل في دراسة وثقافة رجل الامن في البلدان المستبدة.

على ان القراءة الواعية للتاريخ الاسلامي ومطالعة فاحصة لتشريعات الاسلام وتطبيقاته يكتشف فيها المرء ان ما قيل عن الاسلام والسيف، الاسلام والحدود، الاسلام والعنف، انما هي صيحات صماء اريد منها صك اسماع الناس وحجبهم عن الاسلام المحمدي اسلام الرحمة والمحبة ، وقد اجرى علماء التاريخ مسحا لعدد قتلى حروب المسلمين في عهد النبي الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم، من الطرفين، فهو قد تجاوز الألف بين شهيد وقتيل بقليل، فبعض الكتاب جاوزهم الألف ببضعة أشخاص خلال اكثر من 80 غزوة وسرية وحرب، وأوصلهم البعض بالتحديد الى ألف وثمانية عشر شخصا، وقال ثالث ان عددهم وصل الى ألف وأربعمائة شهيد وقتيل، وقال آخر ان عدد شهداء المسلمين في كل معارك الرسول وهي كلها دفاعية بلغ مائة وخمسون مسلما. (انظر: الصياغة الجديد للشيرازي، ص352).

وحتى في ما يثار من ضجة مفتعلة حول القصاص، فانه لم يتعد ما قطع من اياد على سبيل المثال عدد اصابع اليدين، وفي الاصل ان علة الاختلاف بين المذاهب الاسلامية في كيفية اقامة حد قطع يد السارق على سبيل المثال، بين ان يكون من المعصم او الاصابع فقط بلحاظ ان اليد من المساجد السبعة في الصلاة، تعود الى ندرة الحدث ووقوعه، لان الحد لم يقم الا على نفر قليل، وغامت وغابت صورته في اذهانهم ولا يملك فقهاء المسلمين صورة كاملة عن كيفية اجراء الحد ولهذا اختلفت المدارس الفقهية. وبعض الفقهاء المعاصرين يذهبون الى تجميد الحدود وتعطيلها في ظل غيبة الامام المفترض الطاعة الامام المهدي المنتظر عليه السلام، وذلك لعدم توفر كامل شروط اقامتها.

وما يبعث على الاستغراب جنوح الجماعات المسلحة وبعض الاحزاب السياسية الى سلك طريق العنف المسلح بشكل جنوني مثل الاعتداء على الشرطة او الحرس او الموظف بتهمة العمالة او التجسس او العمل في سلك الدولة، مع أن الموروث الفقهي والثقافي لهذه المجموعات والذي تعتز به كما تحكي ادبياتها، يجعلها تؤمن انه لابد للامة من امير فاجرا كان او مؤمنا، ولا ادري كيف يتجرأ المرء على قتل العشرات باسم الاسلام وهم عزل أو ان يقتلهم على الهوية العنصرية او المذهبية أو العشائرية أو المناطقية؟!.

وعندما تعود بنا الذاكرة الى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، اجد نفسي حائرا بين الثقافة الاسلامية التي تربى عليها جيلنا وبين ثقافة اليوم التي تدفع بشباب يافع الى قتل الابرياء تحت مدعى العمل في دوائر الحكومة، وتحت مدعى سوق الناس الى التوحيد الصحيح، فالثقافة الاسلامية التي تثقف عليها جيل السبعينيات والثمانينيات كانت تحظر عليه التعرض للشرطي بل ولرجل الامن الذي كان ينزل بسياطه على اجساد المعتقلين مع انه كان بالامكان التعرض اليه والى من يلوذ به وكانوا جميعا تحت مرمى الهدف، فما بالك بموظف الدولة التي اصبح اليوم هدفا لنيران المجموعات المسلحة بلا وازع من ضمير او دين؟!.

وما لا يختلف عليه اثنان، ان العنف والتطرف ينتجان العنف والتطرف المضاد، ومن يزرع العنف لا يحصد السلام، ومن يغرس التطرف يجني الدمار، ولهذا كانت التربية القرآنية شاخصة أمام مسيرة المسلمين (ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) فصلت: 34، وثقافة (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) النحل:125، وثقافة (فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) الأنبياء:7، والعودة في معرفة التكليف الشرعي الى الراسخين في العلم لانه (وما يعلم تأويله الاّ الله والراسخون في العلم) آل عمران:7.

س2: : كيف نتمكن من احتواء حالات التطرف والإرهاب او استصاله جذريا؟

الخزرجي: الوضع يختلف من دولة الى اخرى ومن مجتمع الى اخر، لكن الامر بشكل عام يتطلب تسليط الضوء على مصادر الارهاب والتطرف الفكرية والعقيدية والاقتصادية، وتناول المصدر منفردا او كلا في محاولة لايجاد اسباب نشوء التطرف والارهاب، وما يصلح في بلد قد لا يصلح في بلد آخر.

وبشكل عام فان المجتمعات الخارجة من عنق الطغيان او التي تتلمس طريقها نحو الحرية بحاجة الى ثقافة السلام والمحبة والقبول بالاختلاف والرأي الآخر، ونبذ ثقافة السلاح والعنف وان تصورت انه الطريق الاوحد في التحرير، ولنا في المعارضة العراقية تجربة حية، فشعار القوة والسلاح والسيارات المفخخة والكفاح المسلح لم يأت في تجربة العراق خلال حكم نظام صدام حسين اكله وانما كان مضيعة للوقت وهدر للانفس بلا طائل، ويشار ان الفقيه الراحل السيد محمد الشيرازي عندما امتنع عن مناصرة العمل العسكري في العراق وطلب في بداية الثمانينيات من القيادة الايرانية وقف الحرب العراقية الايرانية والمعارضة البحث عن سبيل اخر للنضال في العراق من اجل كسب الحرية، راحت بعض الحركات الى تلمس الشرعية من علماء اخرين كانوا يرون العمل المسلح، فالسيد الشيرازي شخّص في مرحلة متقدمة جدب الحرب والكفاح المسلح داخل العراق بخاصة وفي غيره بعامة، ودلّت التجربة على صحة استنتاجه فلا الحرب عملت على اسقاط نظام بغداد في حينها والعمل العسكري لم يزح صدام عن كرسيه، فكان يضرب المعارضة تحت الحزام ولا تكاد تصل قبضتها جسده.

وفي تجربة العراق الحالية وفي تجربة الجزائر قبل سنوات فان المجتمعات المسلمة بمسيس الحاجة الى ثقافة الادعية السجادية، فربما الظرف الذي يعيشه المجتمع العراقي اليوم شبيه بالظرف الذي عاشه المجتمع العراقي بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام، في حينها شخّص الامام علي بن الحسين السجاد عليهما السلام ببصيرته الثاقبة ان الوضع بحاجة الى تطهير ما شاب النفوس وران على القلوب وتنزيهما من الغل والعنف وسفك الدماء وتوجيهما نحو الوداعة والطمأنينة وغمد السيوف وحقن الدماء، ولذا فان اشاعة ثقافة السلم والادعية السجادية وبث الوعي بخطر الدماء وحقنها يساعد المجتمع على تجفيف منابع الارهاب والتطرف.

واذا آمنا بان الفقر مجلبة للكفر ويفتح الابواب على جهنم، فان في تجربة العراق الحالية يتطلب من السلطة ايجاد السبل الكفيلة برفع الفقر عن كاهل المجتمع العراقي، بخاصة وان معظم الشباب الذي ينساق الى العمل العسكري انما ينساق بدوافع مادية تغلف بعضها اغلفة طائفية وعشائرية ومناطقية، واذا امكن توفير العمل للشباب فهو طريق نحو تجفيف منابع الارهاب والتطرف واذا لم يتوفر ذلك لكل عراقي فان الطريق الاسلم الذي كان ينبغي على الحكومات المؤقتة السابقة التي تليه اهمية كبيرة هو احياء قانون الضمان الاجتماعي الذي طبقه المسلمون الاوائل بحيث يشمل جميع العراقيين صغارا وكبارا نساء ورجالا، فمن لا يملك قوت يومه يتكفل بيت المال باعالته واهل بيته ومن لا يجد ما يجنيه من عمله كامل قوت عياله يتكفل بيت المال بسد البقية، ومن انهارت تجارته يقوم بيت المال برفع الثقل عن كاهله حتى يستعيد عافيته ثانية وهكذا.

ولا شك ان انهيار حكم صدام افرغ الى الشارع العراقي ملايين العاطلين كان النظام قد جندهم في اصناف العمل المسلح مثل جيش القدس، والحكومة الحالية تتحمل عبء كفالتهم، ولا ارى من تطبيق الضمان الاجتماعي لكل العراقيين بديلا، ويكون من المعيب ان يستفاد المجتمع الغربي والبريطاني بخاصة من قوانين الضمان الاجتماعي التي جاء بها الاسلام ويطبقها في حياته اليومية ولا نعيد نحن المسلمين فتح ملفاتنا المختومة بشمع الاستبداد والعلمانية واحياء الانظمة الاجتماعية والاقتصادية التي فيها منفعة العباد والبلاد، لا سيما وان قادة عراق اليوم قد ذاقوا وعوائلهم حلاوة الضمان الاجتماعي في اوروبا، وبعض الساسة العراقيين وعلى مستويات عليا تستفيد عوائلهم حتى يومنا هذا من الضمان الاجتماعي في بريطانيا وغيرها.

واعتقد ان الدستور الجديد في جانبه الاقتصادي ينبغي فيه احياء قانون الضمان الاجتماعي، واذا كان الخبراء الاقتصاديون لم يطلعوا على الضمان الاجتماعي الاسلامي للفصل الظالم الذي حصل بين الديني والدنيوي من العلوم، فان البركة في رجال الدين من اعضاء البرلمان الجديد ان يعيدوا للاسرة العراقية كرامتها ببث الحياة في قانون الضمان الاجتماعي حتى لا يمد الفقير يده الى لئام خلق الله ولا ينظر الى ما في ايدي الأغنياء ولا يتطلع الشاب الى لحى لئيمة تستغل عوزه وضعفه لقتل النفس المحترمة مقابل ثمن بخس دولارات معدودة. جاء في كتاب المناقب في وصف الوضع الاجتماعي والاقتصادي خلال فترة حكم الامام علي عليه السلام ، قوله عليه السلام: (ما أصبح بالكوفة أحد الاّ ناعماً ان أدناهم منزلة ليأكل البر ويجلس في الظل ويشرب من ماء الفرات)، والبر والظل والماء دلالة على توفر المأكل والدار والمشرب، فحتى يستعيد العراق عافيته والمجتمع المسلم في كل مكان، ينبغي اعادة الروح الى قوانين الاسلام الحضارية ومنها قانون الضمان الاجتماعي.

س3: ماهي علاقة المنظومة المعرفية العربية بانتشار التطرف والارهاب؟ وهل النظام المعرفي معبأ بالعنف، التطرف والكراهية للآخر؟ وهل يشكل النظام المعرفي العربي عقبة أمام التطور نحو الإصلاح و الديمقراطية؟

الخزرجي: المنظومة المعرفية لاي مجتمع او شعب او امة على علاقة مباشرة بهوية المجتمع وتراثه وخزينه الثقافي واللغوي فضلا عن معتقده، وهي في حركة دائبة وتداخل بين القديم والجديد من التراث والمعارف، وما يميز المعرفة في التصور الاسلامي انها ليست حبيسة التراث المنعزل عن واقعه ولا تفصل بين العلم والعمل ولا بين الحدس والحس، وتقدم الانسان بوصفه خليفة الله في الارض يستعمرها بما فيه صالح العباد والبلاد، وهذه ميزة تنعدم عند الكثير من المنظومات المعرفية، والمنظومة المعرفية في التصور الاسلامي هي منظومة تكاملية منسجمة لا تعارض فيها بين الوحي والوجود ولا تناقض بين النص والعقل والفطرة، وما حكم به العقل حكم به الشرع.

والمنظومة المعرفية العربية تألقت في هذا المحيط وتنورت فيه، وزادها الوحي اشراقا وتناميا، وهي منظومة قائمة على قاعدة التوحيد من حيث ان التوحيد هو مبدأ المعرفة، ومعرفة الله منتهى المعارف ومنها تتوزع المعارف ولذلك كان اول خطاب الهي لرسوله الاكرم محمد (ص) ان دعاه الى القراءة باسم الله.

والمشكلة ان الخطاب الاحيائي العروبي والاسلامي شابته مفاهيم ابتعدت عن محور الحق وابعدت معه البعض عن دائرة الصواب مع اعتقاد الخطاب الاحيائي انه يمثل منتهى الصواب ودونه الخطل، فعلى سبيل المثال فان الاحياء العروبي بوصف الاسلام يعود لمرجعية عربية انتجت ممارسات مغلوطة على مستوى التطبيق وصفها الاخر المسلم غير العربي بالشوفينية والعنصرية المقيتة، وفي الجانب الاسلامي فان البعض فهم الخطاب الاحيائي لموضوعة الجهاد على سبيل المثال تتمثل في حمل السيف واستعداء الاخر وقتل الناس على الهوية المذهبية او الدينية او المناطقية وغسل عقول الشباب بماء الورد المتدلى من ظفائر الحور العين التي كلّت احداقها بانتظار عريسها الانسي، او الجلوس مع النبي والصحابة على مائدة واحدة لا فرق بين ان تكون مائدة الافطار او الغذاء او العشاء، ولكنه ليس كعشاء حواريي عسيى الأخير في الجمعة المباركة، في حين ان سنام الجهاد هو جهاد النفس، والجهاد الابتدائي منزوع الشروط في الوقت الحاضر، ولا يعني الجهاد الموت السريع او تلقي رصاصة واحدة من فوهة عدو ومن بعدها تناول كأس الحياة الأبدية من حوض الكوثر، وتحضرني هنا قصة حصلت مع احد الشباب في محضر الفقيه الراحل السيد محمد الشيرازي عند بدايات الحرب العراقية الايرانية، عندما طلب الشاب من الفقيه الراحل ان يدعو له بخاتمة الشهادة والاستشهاد، فامتنع رحمه الله عن ذلك، وتفاجأ الشاب من رد سماحته، فألحق رحمه الله رده بكلام رقيق وكبير فقال له: يا بني اني ادعو الله لك بالشهادة بعد ان تبلغ من العمر عتيا وتكون قد احييت اشواط حياتك وسني عمرك بالعمل للاسلام وللمسلمين وقدمت لوطنك الشيء الكثير.

ومن التطرف الوقوف على النصوص بشأن دار الاسلام ودار الكفر، فصار بعض المسلمين وهم يعيشون بحبوحة الحياة في الدول الغربية ويتنعم اولادهم بمزاياه يربون اولادهم على معاداة المجتمع الغربي بوصفه دار كفر، وهذا الجمود على النص هو الذي اوقع حركات اسلامية عدة والكثير من الشباب في فخ الفهم الخاطئ لمعنى دار الاسلام ودار الكفر، وعدم الاخذ بالاجتهادات الناضجة التي ترى على سبيل المثال ان اي ارض وان لم تكن في دائرة المحيط الاسلامي اذا استطاع المسلم تأدية اموره الدينية دون ان يلاحقه احد او يعارضه، فهي دار اسلام، هذا الفهم المتقدم للنص توقفت عنده شرائح من المجتمع تغذيها فتاوى السلف والغر الخلف من رجال الدين، فصار المسلم الذي لا يتفق معه في المذهب عدوا حرم على نفسه ذبيحته والزواج منه او التزويج له، وبعضهم اراد ان يتمحض التوحيد فاجاز له نفس المسلم الاخر وعرضه وماله، وما نلحظه من اعتداء بعض المجموعات المسلحة في الدائرة العربية والاسلامية على اسر رجل الامن واختطاف النساء والاعتداء عليهن ثم قتلهن حيث ادخلوا ممارساتهم القميئة في باحة الجهاد، فصار من الجهاد الاعتداء على العرض قبل القتل، وصار من الجهاد تعذيب الضحية قبل ذبحها، وصار من الجهاد التمثيل بالضحية وهي حية والرقص فوق جثمانها.

ولا اشكال ان المنظومة المعرفية العربية بلحاظات الماضي والتاريخ المظلم معبأ بالكراهية، ولعل ما يحدث في العراق دلالة على ذلك، وما يحصل اليوم له جذوره التاريخية، وحتى مفهوم الشعوبية التي اطلقتها الثقافة العروبية انما لها انداكات في التاريخ الاسلامي الاول الذي كان فيه العربي يتزوج من غير العربية على مضض ولا يزوج له، وحتى اذا اراد ان يتزوج من غير العربية فان على عائلة المرأة ان تلتحق بالموالاة بعشيرة عربية، حتى يرتفع شأنها، او ما يسمى بـ (التجريش) عند بعض العشائر العراقية، وهذا الفهم الخاطئ للاخوة الاسلامية نجد امتداداتها حتى يومنا هذا في دول عربية واسلامية عدة بل وفي المدينة الواحدة، والا ما الذي يدعو ابن المدينة (مجازا) الانتقاص من غيره القادم من القرية او من مدينة اخرى والذي يتفق معه في قواسم مشتركة كثيرة، غير الثقافة الخاطئة؟ فيطلق عليه اوصافا جاهلية اماتها الاسلام مثل وصف (اللفوّه)، أليس من الغريب ان يرفع مجتمع مدينة مقدسة شعار (ألف مصري ولا بصري) في اشارة الى ابن البصرة، وهو الشعار المتعارض نصا وروحا مع الاسلام والوطنية؟

س4: هناك حركة إصلاح قوية يمر بها العالم، لاسيما العالمين العربي والإسلامي، تتمثل باندفاع الشعوب نحو الشوارع للقيام بعصيان مدني شامل يهدف إلى إسقاط الحكومات والقيام بالتغيير، برأيكم ما سبب هذا التحرك في هذه المرحلة؟

الخزرجي: في اعتقادي ان اسقاط الحكومات بالمفهوم الثوري عملية غير محمودة العواقب وهي بوابة موصدة اذا فتحت فانها تنفتح على سقر. نعم فان العصيان المدني بالمفهوم الحضاري وعدم استعمال العنف سبيل اسلم لتحقيق المصلحة الوطنية، على ان الاصلاح ينبغي ان يأتي من الداخل وليس وصفة تفرض من الخارج كوصفة مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي يراد فرضه بتصورات غربية، واذا كانت الحكومات في دول العالم الثالث على قدر من الوعي والادراك لما يحاك لدولها، فان عليها ان تجري مصالحة مع شعوبها لانقاذ ما يمكن انقاذه. كما ان الدعوة الى اسقاط الحكومة ولو عن طريق العصيان المدني ينطوي على مخاطر كبيرة ينبغي لرواد العصيان التفكير بالتغيير بعيدا عن اسقاط الحكومة بطريقة استئصالية وانما بطريقة ترميمية تأخذ مداها مع الزمن، لان العملية الديمقراطية ثقافة قبل ان تكون ممارسة، والممارسة الناجحة انما تتأتى من ارضية ثقافية ناجحة.

وما يحصل في بعض البلدان من عصيان مدني هو محصلة طبيعية لسنوات من الاحتقان والكبت السياسيين، لكنه ينبغي في الوقت نفسه الحذر، وعدم الاندفاع وراء تجربة العراق الحالية، لان العراق حالة استثنائية، لم يكن للشعب العراقي فيما جرى من حرب وسقوط بغداد في التاسع من ابريل – نيسان العام 2003 ناقة ولا جمل، وما حدث كان نتيجة لتصفيات قديمة على مستوى رأس الهرم في البلدين.

س5: هل يمثل العصيان المدني اسلوبا حضاريا جديدا يكون بديلا عن العنف، وهل برأيك سوف يحقق اهداف التغيير؟

الخزرجي: تعرف الاشياء باضدادها، فضد العنف هو السلم، واذا كان العنف مرتعه وخيم فان السلم مرتعه رحيم، والرحمة عبقة الشذى، ولذلك كان النبي محمد (ص) رحمة للعالمين، حينما كان يحزن على من لا يؤمن برسالة الاسلام انما حزنه نابع من ارضية الرحمة، فهو يحزن ويغتم لانه عليه الصلاة السلام كان يتطلع الى هداياتهم لا تصفيتهم ونماء نفوسهم لا قطف رؤوسهم، ولهذا خاطبه الرب الجليل في اكثر من موقف في القران المجيد تسلية له من ذلك قوله تعالى: (فلعلك باخع نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين) الشعراء:3، وخاطبه في سورة فاطر: (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) الآية:8، والحسرة في اللغة: شدة الحزن، أي يا رسول الله لا تهلك نفسك على من لا يؤمن حسرة ولا ينبغي ان يغمك حالهم ومآلهم، ومن رحمته على امته انه حينما اعتدى اهل الطائف عليه جسديا طلب منه احدهم الدعاء عليهم، فرفع يده الى السماء وقال: اللهم اهدي قومي فانهم لا يعلمون.

من هنا فان كان العصيان المدني مآله الى التغيير الايجابي فنعما هو والا فان التفكير ينبغي ان يكون جديا في طريقة العصيان، وقد نجح العصيان المدني في بولندا في عهد حركة التضامن العمالية في التغيير لانه جاء على نار هادئة دون عنف وسلاح.

واذا امكن خلق النظام الشوروي الديمقراطي عبر العصيان المدني فانها مقدمة لتحصين البلد والمجتمع من الانقلابات العسكرية التي تبدأ بالبيان رقم واحد ثم تقف على مادة واحدة من الدستور المؤقت يستغلها رأس النظام في اصدار القرارات تلو الأخرى وفقا للمادة س من الدستور المؤقت.

واذا ما وصلت دول المنطقة الى ما وصلت اليه اسبانيا من الحصانة بالضد من الانقلابات فحينئذ نبشر المجتمعات العربية والمسلمة بمستقبل زاهر. فقد فشلت الانقلابات العسكرية في أسبانيا على عتبة البرلمان.

س6: نلاحظ إن العالم العربي والإسلامي لا يتقبل عملية الإصلاح إلا بوجود ضغوط خارجية قوية، فما سبب في ذلك؟ وهل بالإمكان قيام الشعوب العربية الإسلامية بحركة الإصلاح دون التدخل الخارجي؟

الخزرجي: هناك الكثير من الممارسات والعادات والتقاليد والقوانين قائمة في المجتمعات الغربية لا يرتأيها المسلم المقيم في تلك البلدان، ولكنه منقاد للتعايش معها ضمن قاعدة الالزام، وله الحق في التنبيه على خطأها وعدم صوابيتها بالقدر الممكن وضمن قواعد اللعبة الديمقراطية بوصفه مواطنا، في هذه الحدود فان الامر مقبول لا سيما وان معظم الحكومات الغربية حكومات ليبرالية علمانية كما تنص دساتيرها، ولكن لا يمكن فرض الاراء كما تفعل بعض الحركات الاسلامية التي نمت في الغرب من خلال دعوتها الى مقاطعة مؤسسات الدولة ومقاطعة الانتخابات واحلال البديل الاسلامي من وجهة نظرها ولو بالقوة.

ما لا يرتضيه الغرب من مواطنيه المسلمين، لا يرتضيه المسلمون وغيرهم من شعوب الارض من فرض تصورات غربية على المجتمعات الاخرى حتى وان تلفع برداء الاصلاح، لان الاصلاح مفردة شفافة تنفتح على مصالح ومساوئ، فما يراه الغرب صالحا لشعوب الارض قد لا تراه الشعوب الاخرى، لا سيما وانها من اجتهادات البشر الذي تسير معظمهم مصالحهم الرأسمالية.

نعم ربما نجحت الضغوط الخارجية بالفات نظر الحاكمين الى اهمية الاصلاح الداخلي بما يناسب الوضع الداخلي وقوانين البلد ومعتقدات الامة، فليس من الديمقراطية الصالحة لمجتمعاتنا اطلاق حرية اللواط والسحاق تحت مدعى حرية زواج المثلين، ولا حرية الزنا تحت مدعى حرية المرأة ولا فتح البارات ومراتع اللذة الحرام تحت مدعى الحرية الشخصية، فهذه الحريات التي تبشر بها بعض الحكومات الديمقراطية ليست مما ترتضيها النفس البشرية، بغض النظر عن الدين او المعتقد.

ولا شك ان الحرية نقيض الاستبداد، والحاكم المستبد لا يرى الصواب الا في نفسه وسياسته، ويأخذ الناس بسلاحي الترغيب والترهيب، وقد يتصور واهما ان سكوت الناس علامة على رضاهم فيستخف بعقول الناس كما في وصف القران لفرعون مصر (فاستخف قومه فأطاعوه) الزخرف:54، ولكن عندما تتحرك قوى اكبر منه واقوى تطالبه بالاصلاح، فهو اما ان يستمر في استبداده او يخفف من وطأته، والحالة الاولى ليست من مصلحته ولا مصلة شعبه، لا سيما اذا كانت القوى الضاغطة لها مصالح خاصة في بلده.

ولكن اعتقد ان وقوع الحاكم تحت ضغط قوى خارجية لا يلبي المصلحة الوطنية عن نية خالصة وتبقى الحرية الممنوحة هشة قابلة للنقض بارتفاع الضغط، او بتغير القوى الضاغطة تكتيكها واسلوبها تجاه البلد المعني. على انه لا ينبغي التخلي عن الضغط الخارجي في حمل المستبد على تغيير سياسته تجاه شعبه، مادامت هناك منافذ لخلق مثل هذا الضغط لا سيما ونحن نعيش عصر المنظمات الانسانية والحقوقية الدولية وغير الحكومية، فالتحرك على مثل هذه المنظمات له تأثيره الايجابي ولو بعد حين، واعتقد جازما ان النبي الاكرم محمد (ص) قادته حنكته السياسية الى دعوة المسلمين باذن الله الى الهجرة الى الحبشة مستفيدا من العلاقة المتينة بين ساسة قريش وزعيم الحبشة النجاشي، فكان من نتاج الهجرة خلق وسائل ضغط شديدة على قريش خففت من وطأتهم على المسلمين، فضلا عن النجاح في نشر الاسلام خارج اطار مكة كان من نتاجها اسلمة النجاشي ومن ثم رحيله عن الدنيا مسلما. ولكن لا ينبغي ابدا الاستعانة بالقوة العسكرية الخارجية لاحداث التغيير لانها مجلبة لمفسدة اعظم، كما لا ينبغي داخليا الوقوع تحت اسر العمليات المسلحة، لان ما يأتي بالقوة قد يذهب سريعا، واعتقد ان احد اسباب فشل حكومة المختار في العراق في العقد الهجري السابع كان استعانته بالعمل العسكري المفرط في قلب نظام الحكم، ولهذا اطيح به بنفس اسلوبه واطيح بمن جاء بعده لاستعماله نهج المختار.

س7: لماذا تتمركز حالات الاستبداد، الديكتاتورية، والمركزية المطلقة في العالم العربي والإسلامي؟ و لماذا تأخر كثيرا في ممارسة الديمقراطية؟

الخزرجي: لم تقتصر المركزية المطلقة او الاستبداد او العبودية او الطغيان في الشرق كما يذهب الى ذلك ارسطو، فالعبودية ليست مختصة ببلد دون آخر والاستبداد ليس طابوا شرقيا صرفا ولا ماركة عالم ثالثية مسجلة, فأي شعب يرتضي لنفسه الخضوع ينطبق عليه مفهوم العبودية, ولهذا لا معنى لقول ارسطو ان الطغيان: "يتمثل بمعناه الدقيق في الطغيان الشرقي, حيث نجد لدى الشعوب الاسيوية, على خلاف الشعوب الاوروبية طبيعة العبيد, وهي لهذا تتحمل حكم الطغاة بغير شكوى او تذمر", فاوروبا سدرت ولقرون طويلة تحت حكم طغاة عرفهم التاريخ, وما نشاهده اليوم في اوروبا من تمدن انما كان مخاض حروب طويلة ولقرون متمادية, واوروبا نفسها وحتى يومنا هذا تنعى ألمانيا وايطاليا ان حكمتهما في القرن العشرين قرن الحريات والديمقراطيات, شخصيات مثل هتلر وموسوليني, وقد اطاعهما الشعبان اطاعة عمياء, وهي في مفهوم ارسطو اطاعة العبيد, او "طبيعة العبيد", فالعبودية ليست مختصة بقوم دون آخر, يقول الكاتبان الغربيان بيتهام وبويلي: "احتج الفيلسوف الليبرالي جون استيوارت ميل, في القرن التاسع عشر, بأن تأسيس السلطة الديمقراطية يتطلب مستوى متقدما من الحضارة, واعتبر البلدان غير الغربية ليست مؤهلة للحكم الذاتي, وتحتاج الى سلطة مطلقة رشيدة لكي تحكمها, ومن الافضل ان تكون تلك السلطة بادارة الغرب.

وقال بهذا الاعتبار العرقي معظم المفكرين المتنورين في تلك الفترة, ومع ان وجود الشعب المثقف مفيد بالتأكيد للديمقراطية, لانه يعمل على تضييق الهوة بين الحاكم والمحكوم, فليس هناك من دليل على ان الافتقار الى ثقافة منهجية يجعل الشعب عاجزا عن فهم ومناقشة المسائل التي تهمه, او الاضطلاع بمسؤولية شؤونه الخاصة, ومن دراسة تاريخ الحكم المطلق نتبين ان السلطة الاستبدادية يمكن ان تكون أي شيء الاّ رشيدة".

على ان المجتمع المسلم بخاصة تحكمه عقليات فردية وتغذيه ثقافة رجولية ترفض الند الآخر والشريك الآخر، تآلفت بين مخلفات عصر ما قبل الاسلام وما انتجه مسرح السقيفة.

س8: ما هي عناصر و شروط نجاح ممارسة الديمقراطية في العالمين العربي والإسلامي؟

الخزرجي: من شروط نجاح اي شيء معرفة الشيء نفسه، وقديما قالوا: معرفة السؤال نصف الجواب، من هنا فان المجتمع الشرقي بحاجة الى معرفة ايجابيات الشورى والحرية والنظام الديمقراطي، اي عملية تثقيف بالنظام الشوروي الديمقراطي، لان الايمان بالشيء حق الايمان لا يتأتى الا من المعرفة بالشيء، ولذلك فان المطابع لا ينبغي ان تقتصر على طباعة التراث واجتراره، وان تتحرك منابر الجمعة والجماعة والمجالس الحسينية نحو تثقيف المجتمع المسلم، وان تتحرك بازاء عجلة اللطم ثقافة الحكم، وان تصطف الى جانب قافي القامة والقيمة كافا الكتاب والكاسيت، وصولا الى مستوى من الوعي باهمية الحياة الشوروية الديمقراطية واخراج المجتمع من بين ركام الاستبداد الى فضاء الحرية والعيش الرغيد.

س9: هل ترغب في أن يكون الإصلاح من الداخل أو من الخارج، وماذا لو لم نتمكن من تحقيق الإصلاح من الداخل بسبب البطش والقمع الذي تمارسه الانظمة الاستبدادية؟ وفي رأيكم ما هي النتائج المترتبة على الإصلاح من الخارج؟

الخزرجي: الاصلاح من الداخل هو الطريق الأسلم في تحقيق حياة الحرية والتعددية، وبالامكان الاستفادة من الخارج بالضغط على الحاكم المستبد او الحزب المستبد بحدود عدم التدخل العسكري، لان التدخل العسكري الخارجي له استحقاقاته ليس بقدرة الشعب تلبيتها بما يحقق استقلال البلد سياسيا واقتصاديا، فليس من بلد يساعد معارضة عسكريا ضد حكومتها المستبدة لوجه الله ما لم يحقق التدخل مصالحه القومية. وهو ما يترتب عليه ربط البلد بالجهة الخارجية لامد بعيد وادخال البلد في دوامة من الشد والجذب بين الحكومة والمعارضة السلمية.

وفي رسالات الأنبياء الى شعوبهم سنّة حسنة، فسبحانه وتعالى ارسل الرسل من داخل اقوامهم ومجتمعاتهم، وحتى دعوة القران الى هجرة المؤمنين الى خارج دولة الظلم، فهي ليست دعوة انهزامية وانما دعوة تتحرك فيها الاطر الايمانية من خارج دولة الظلم نحو بث اشعاعات التغيير الى الداخل وصولا الى تحقيق تغيير المجتمع والحاكم الظالم او ردعه عن ظلمه، وقد دلت صور التاريخ ان حركة التغيير والاصلاح من الداخل اثبت على دوام السلم وازدهار الامان، لان التغيير من الداخل ينسحب على تغيير الذات وتغيير المجتمع مقدمة لتغيير الحاكم في ولادة طبيعية وفي اجواء ملائمة، في حين ان التغيير من الخارج قد يؤدي الى تغيير الحاكم ولكن دون تغيير المبتنيات الخاطئة في المجتمع نفسه، فتكون الولادة قيصرية والمولود خدج، يحمل معه عوامل موته.


- نضير رشيد حميد العلي الخزرجي، من مواليد مدينة كربلاء المقدسة (1/1/1961)، في منطقة باب النجف، لأب كربلائي وأم كظماوية.

- انهى دراسة الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في مسقط رأسه في المدارس التالية: العزة والكرامة والقدس.

- نال شهادة الدبلوم في الدراسات الاسلامية من جامعة لندن

(UNIVERSITY OF LONDON, BIRKBECK COLLEGE) العام 1997.

- نال شهادة الاجازة في علوم الشريعة الاسلامية (بكالوريوس) من الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية بلندن (كلية الشريعة)، العام 1997 وبتقدير امتياز.

- نال شهادة ماجستير فلسفة من الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية العام 2003.

- يحضّر حاليا لنيل شهادة دكتوراه فلسفة في الدراسات الاسلامية.

- بدأ الكتابة في مقتبل العمر وساهم في كتابة وتحرير العديد من النشرات الخاصة في مدينة كربلاء المقدسة منها (أوراق الوعي الثائرة).

- ساهم في ايران بعد ان هاجر اليها من سوريا العام 1980، في الكتابة والتحرير وادارة تحرير وتأسيس عدد من الصحف والمجلات العامة والخاصة، منها ادارة تحرير مجلة الشهيد والتحرير في صحيفة العمل الاسلامي، فضلا عن الكتابة في الاذاعة والتلفزيون العربيين.

- ساهم في تخريج دورات اعلامية عدة على مدى خمس سنوات.

- عمل محررا لسنوات ثلاث في صحيفة الاحداث اليومية الصادرة في لندن، بعد ان هاجر الى المملكة المتحدة الهجرة الثالثة العام 1990.

- عمل لسنوات سبع في قسم التحقيقات بدائرة المعارف الحسينية بلندن.

- من المؤسسين ورئيس تحرير مجلة (الرأي الآخر) التي صدرت في لندن العام 1996 حتى العام 2001.

- كتب وحرّر في صحف ومجلات عدة منها: صحيفة بغداد (لندن)، صحيفة المؤتمر (لندن).

- له مؤلفات عدة مطبوعة ومخطوطة.

- ترجمه المؤرخ العراقي السيد هادي سلمان آل طعمة في كتابه (معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء) الصادر في بيروت العام 1999.

- ترجمه البحاثة والمحقق الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي العام 1999 ضمن المؤلفين للكتب الحسينية.

- يعمل حاليا في مجلة النور الصادرة عن دار النور للنشر بلندن ويحرر في مجلة (الكلمة) الصادرة عن مؤسسة الامام الخوئي في لندن، وله مساهمات كتابية مختلفة في صحف ومجلات ومواقع عدة مثل صحيفتي الشرق الاوسط والقدس العربي اللندنيتين والسياسة الكويتية وصحيفتي المؤتمر والاهالي البغداديتين.

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 28/نيسان/2005 - 19/ ربيع الأول /1426