تحتل الجبال جزءا هاما في التركيبة الجغرافية لجمهورية بلغاريا
وتمثل عاملا اساسيا لجمال وتشكيل الطبيعة فيها باشكال مختلفة خلال
المواسم السنوية الاربعة (الشتوية والربيعية والصيفية والخريفية).
وتتميز المناطق الجبلية البلغارية عن المناطق المشابهة لها في الدول
المحيطة بانها تمثل مزارا سياحيا هاما وهدفا للدراسين والمؤرخين
ومتخصصى علوم الاثار وذلك لما تحتويه من غابات ومغارات والكهوف ووديان
نادرة في تشكيلها الالهي الطبيعي وارتباط بعض الكهوف والمغارات بالحياة
البشرية في هذه المنطقة ابان العصر الحجري.
ومن المغارات والكهوف المميزة في المناطق الجبلية البلغارية تلك
المتواجدة في منطقة جبال البلكان الواقعة على ضفتي نهر (ايسكرا) الذي
يعد اطول الانهار البلغارية وبالتحديد في منطقة (كارلوكوفسكي كارستوف)
التي تبعد مسافة 150 كيلومتر عن العاصمة صوفيا والتي تم اختيارها ضمن
المناطق التي تتمتع بالعجائب الحجرية والجبلية ضمن البرنامج الدولي
للعلوم والتعليم التابع لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة
اليونيسكو.
ففي هذه المنطقة يوجد اكثر من 240 مغارة وكهف يختلف كل منها عن
الاخر في شكله وطبيعيته ووضعيته النادرة والعجيبة الا انه يوجد ضمنها
المغارة العجيبة (بروخودنا) والتي تجمع في ان واحد بين جميع الاشكال
العلوية الجبلية والتحت ارضية العجيبة والممرات الضيقة النادرة بين
الاحجار الجبلية المرتفعة اضافة لميزتها التاريخية المرتبطة بتطور
الحياة البشرية في العصر الحجري والتي تم وضعها ضمن قائمة الاثار
الطبيعية في المجلد الثقافي للامم المتحدة.
ففي مداخل المغارة المتعددة وفي بعض اماكنها العلوية تتجمع اعشاش
الطيور الجبلية النادرة المحرم وفق القانون اصطيادها كجزء من حماية
الطبيعة والدفاع عنها وعدم انقراضها.
واشارت استاذة التاريخ البلغاري في جامعة صوفيا البروفسور مارغاريتا
تتاتشيفا وعضوة البعثة الدولية المنبثقة عن منظمة اليونيسكو الى انه قد
تم الكشف منذ فترة تاريخية تصل الى خمسين عاما على اثار حياة بشرية في
هذه المغارة تعود الى العصر الحجري والبدائي حتى القرن الرابع عشر وعثر
داخلها على عدد من (النبال) التي كانت تستخدم في صيد الحيوانات او
الدفاع عن النفس اضافة الى عدد من القوالب الرخامية التي كانت تستخدم
في طهي اللحوم باستخدام النيران.
وقالت ان المغارة في تشكيلها الطبيعي تحتوى على اشكال وتقسيمات
عجيبة منها على سبيل المثال انها الوحيدة التي لها في منطقتها العلوية
فتحتين يشبهان العيون البشرية وتطل من خلالهما الاشعة الشمسية اضافة
الى ارتفاعها الشاهق واحتوائها على مساحات جانبية ومجرى مائي صغير
قادما من المياة الجوفية الجبلية مما اعطى تفسيرا للمؤرخين عن اسباب
استخدام هذه المغارة للحياة البشرية في العصور القديمة.
وقالت انه بسبب هذه المميزات اتخذت منظمة اليونيسكو قرارا بانشاء
حديقة طبيعية بالمنطقة المحيطة بالمغارة يطلق عليها اسم (ايسكر بانيجا)
لتكون اول حديقة طبيعية في المساحة الجغرافية لبلغاريا وموقعا للسائحين
والمتخصصين والدارسين لعلوم الاثار والتاريخ.
المصدر: كونا |