بعد وقت قصير من دخول قوات الشرطة والحرس الوطني بلدة المدائن إثر
عملية اختطاف العشرات من الشيعة قبل قتلهم ورمي جثثهم في نهر دجلة
التقت إحدى الفضائيات المسمومة بالسيد فلاح النقيب وطلبت منه توضيح ما
جرى.
ولأن السيد النقيب لم يشأ التعمق بتحليل الموضوع أكثر لأسباب معروفة،
قال لمذيع تلك الفضائية إننا لم نجد مختطفين في المدائن ولم نلق القبض
على خاطفين!!
رد ذلك المذيع بلهجة حادة: إذن لماذا تؤججون الأمر وتفتعلون الأزمات؟!..
كأنه يقول له عليكم أيها المسؤولون العراقيون أن تكونوا مؤدبين
وتأخذوا إذنا منا نحن الفضائيات العربية قبل أي تصريح.. لم يجبه النقيب
الجواب المطلوب بل حمل على إيران وبعض الجهات، فكانت تصريحاته تلك مادة
إعلامية لتلك الفضائيات المعروفة، فنسجت أقاويل وعبثت بمشاعر العراقيين..
العتب طبعا لا يقع على تلك الفضائيات التي ناصبت الشعب العراقي
العداء منذ أنشأت. ولكن العتب على من يمنحها مادة إعلامية من المسؤولين
العراقيين، فليس من حق النقيب أن ينفي وقوع جريمة المدائن جملة وتفصيلا
مع أن السيد موفق الربيعي أكد العثور على مخبأ للأسلحة وإلقاء القبض
على عدد من الإرهابيين.. لو أن السيد فلاح النقيب حلل الأمر تحليلا
عاقلا لقال إن قوات الحكومة لم تجد ساعة دخولها المدينة أثرا
للإرهابيين ولكن هذا لايعني أن الجرمية لم تقع، فربما هربوا إلى مكان
آخر وهو ما حصل بالفعل، أو ربما قتلوا ضحاياهم وأخفوا الجثث كما تأكد
لاحقا.. كان عليه أن يضع احتمالات عاقلة ومنطقية لا أن يسارع لنفي وقوع
الجريمة بينما أهالي الضحايا يرفعون صور ذويهم وأحبتهم في ساحة الفردوس..
لماذا فعل النقيب ذلك.. هل تأثر بما قاله موقع الزرقاوي على الانترنت
وبما قالته هيئة علماء السنة أم ماذا؟..
لماذا لم يصدق صرخات أهالي المخطوفين المعدومين ذبحا فيما بعد، هل
لأنهم جاءوا من إيران ليسلبوا المدائن طاق كسرى كما قال الدليمي مدير
الوقف السني وهو يعلق على الأمر.. لقد كان الدليمي مع اللهجة المرة
التي تحدث بها، كان صريحا وواضحا في شرح مشاعره، فهو رأى أن عشائر
الجنوب العراقي إيرانية مدفوعة من إيران لافتعال هذه الأزمة.. وربما هو
ذات الأمر الذي أخفاه النقيب حين اتهم إيران بإثارة الفتنة ولم يكمل
فيقول: إنها دفعت رعاياها من شيعة العراق لاحتلال المدائن كما قال
الدكتور الدليمي الذي ينتظر أن يلاقي الله بين ليلة وأخرى!!
الغريب في موقف الديلمي والنقيب والفضائيات العربية من الشيعة، أنهم
يعتبرونهم إيرانيين حين يكونون في العراق، بينما يعتبروهم عربا حين
يكونون في إيران.. فبعد ماجرى من صدامات في إقليم الأحواز أو خوزستان
في إيران بين الشرطة والمتظاهرين كانت لغة الفضائيات تؤكد الجذر القومي
لهؤلاء العرب الموجودين في الإقليم منذ عشرات السنين، حتى أن إحدى تلك
الفضائيات أفرزت مادة إعلامية تتحدث عن مظلومية العرب في إيران
وافتقارهم للمساواة مع الفرس، وقد أغلق مكتب هذه الفضائية فيما بعد من
قبل الحكومة الإيرانية.. كأن الأمر هو عداء مستحكم يدفع بالذين أشرنا
إليهم لإلحاق الضرر بالشيعة أينما كانوا.. |