تحت عنوان (بوش بن الأحنف.. وأولاد معاوية) شبّه الكاتب أحداث لبنان
بقصة معاوية وأبنه يزيد حيث الردّ والشد تارة على أوتار المذهبية وأخرى
الطائفية أو معرفة الحق والباطل أو معرفة الديموقراطية وأهلها ثم قام
برواية التاريخ أن معاوية أمر بجمع قادة العرب لبيعة يزيد من بعده
أميراً للمؤمنين، أي توريثه ملكاً.
تماماً كما يحدث اليوم. كان الجميع يعرفون أنه غير مؤهل ولكنه أمر
ولي الأمر. وقف قادة العرب شيخاً بعد شيخ وحكيماً بعد حكيم وعالماً بعد
عالم يثنون على معارف يزيد وأهليته وكفاءاته ويشيدون بصلاحه. وعلمه
وتقواه، وليس له من كل ما قيل فيه شيء، وقد أجمع على ذلك المؤرخون وذوو
العلم؟
وجاء دور الأحنف بن قيس. وقف ونظر في الناس ملياً ثم قال: أمير
المؤمنين هذا وأشار إلى معاوية. وخليفته هذا وأشار إلى يزيد. ومن تمرد
فهذا واستل سيفه.
نظر معاوية إلى الناس وقد وجموا ثم إلى الأحنف، وقال: أجلس لأنت
أبلغ الخطباء.
جلس الأحنف، وبايع الناس يزيد على ما قاله الأحنف لا على ما قال فيه
الشيوخ. لم يسأل أحد عن صحة ما ألبسه إياه النفاق، المازال حياً، من
صفات العلم والشجاعة والكرم والأصل والقدرة والكفاية.
فالسيف أي القوة كان أعظم أنباء وتوضيحاً. السيف حسم الجدل في
الشرعية والوراثة..؟!!
ثم ربط القصة وتكررها في لبنان.. حيث الكل يريد معرفة الحقيقة: من
قتل الحريري بمن في ذلك القتلة... والكل يعرف أن الحقيقة هي آخر ما
يطلب الكثيرون. الحقيقة معروفة وقد تم تجهيلها.
الكل يريد معرفة من يمثل من وبالتالي من هو صاحب الشرعية
الديموقراطية عنوان القهر الجديد.. بمن في ذلك من شرعيتهم مفروضة
بالاغتصاب، أو من شرعيتهم ممهورة بتوقيع وإرادة السيد المهيمن على
النفط؟
غير أن معاوية الجديد في واشنطن يريد شيئاً آخر. إنه يقول للجميع من
بعيد وبلسانه مرة وبلسان غيره مرات: أمير العالم هذا، ويشير إلى بوش.
وولاة أمره هؤلاء، ويشير في أكثر من عاصمة عربية لأكثر من يزيد.
ومن تمرد فهذا، ويشير في بغداد إلى جون أبي زيد.
ولكن نسي كاتبنا أنه مع مبايعة ثلة في الشام وغيرها ليزيد إلا أنه
الرمز الأكبر للأمة الإسلامية وابن بنت نبيها وسيد شباب أهل الجنة أبو
الأحرار وأبيّ الضيم الحسين بن علي لم يبايع رافضاً بقوله: ومثلي لا
يبايع مثله. وهيهات منا الذلة.
فقاد انتفاضة مباركة أحيى فيها نفوس الجبناء وأفاق ضمائرهم الميتة
وهزّ عواطفهم البالية وأصبح مناراً لكل الأحرار في العالم وعلى مدى
العصور وثورة مشتعلة في وجه الظالمين يدك عروشهم ويقض مضاجعهم.
وهكذا يتكرر نماذج الأخيار والأشرار في كل زمان ولكن لكل فرعون موسى
ولكل يزيد هناك ثورة الحسين بن علي (عليه السلام). |