المطلع على حال العراق منذ سقوط النام الغاشم يرى العجب العجاب مما
جرى ويجري بعيداً عن كل عقل ومنطق ودين، شعب غارق بدمه يموت أبناءه
بالجملة كل يوم على أيدي بعض أبناءه وغيرهم ممن يروا أنفسهم أنهم خسروا
كل شيء وممن له ثأر مع الأمريكان أو له حسابات يريد تصفيتها، أو حامل
فكر يرى فيه حل دماء الآخرين لمخالفتهم له في الفكر والمذهب، أو السراق
وشذاذ الآفاق الذين وجدوا في هذه الفوضى فرصة ثمينة للسلب والنهب سواء
كان ذلك لأموال الدولة أو أموال المواطنين أو ابتزاز الناس من
العراقيين وغيرهم بالخطف والفدية التي تصل إلى الملايين متخذين غطاء
الجهاد والمقاومة لتنفيذ إجرامهم وهدم كل مامن شأنه خدمة البشرية،
وتشويه صورة العراقي الذي عاش تحت رحمة الجلادين والمجرمين عقوداً
طويلة وبإسناد من يسمون أنفسهم محررين اليوم، ومحاولة تدمير تاريخه
العريق الذي يمتد إلى آلاف السنين من قبل البعض انتقاماً وثأراً مما
فعله المجرم صدام وزبانيته الذين نرى أكثرهم هذا اليوم يعتلون عروش
الحكم من جديد حيث نرى الكثير ترقوا وظائف دنيا إلى وظائف أعلى تحت
حماية ودعم بعض الأحزاب المناضلة التي قبلت هؤلاء بقصد أو بغير قصد حتى
أن من يدخل دائرة يجد نفس النظام السابق بل أشد من ذلك مدير الأمس الذي
كان يخاف سطوة النظام أصبح حراً وبلا قيود يعين من يشاء ويفعل مايشاء
بحرية وأمان من المحاسبة، حتى السفارات خارج البلاد أصبحت تمارس دورها
في الدفاع عن نظام المجرمين بفعالية أكبر من السابق من خلال إشاعة أن
أن سقوط النظام ظلماً له، ومن خلال تشويه صورة الشخصيات الشريفة التي
تحاول إعادة بناء العراق وقيادته إلى شاطئ الأمان والترويج على أنهم
جميعاً جاؤوا على الدبابات الأمريكية وكأن سيدهم جاء على فرس النبي صلى
الله عليه وآله سلم ولم يأتي على دبابة صهيونية دمرت العراق وثرواته
ومقدراته، ومع كل هذه الفوضى نرى بعض الأحزاب السياسية إن لم تكن
جميعها تتصارع على المناصب حتى من جعلوا أنفسهم أوصياء على المسلمين من
العلماء نجدهم غيروا نغمة الجهاد والتحرير نحو المناصب السيادية
والكراسي لماذا هل يسقط الجهاد عند توفر الكراسي، وهل المشاركة في بناء
العراق وخدمة الشعب لايكون إلا على كراسي الوزارات والمناصب، وهل هذا
الصراع على السلطة والمناصب مشروع ؟ لم نجد حزباً واحداً حتى يومنا هذا
أعلن برنامجه في خدمة الشعب والبلد الجميع يطالب بمناصب وكأن هذا
الأحزاب هي الوصية على مقدرات العراق، عطلوا الأمل الذي ينتظره الفقراء
والمساكين من أجل المناصب والمطامع الشخصية ومن أجل تمرير كل حزب
مايخطط له في الحصول على أكبر مكاسب، الشعب العراقي بلا ماء وكهرباء
الأطفال بلا حليب وهذا يريد مناصب سيادية أو لايشارك في الحكومة وذاك
يريد مناصب سيادية ليوقف الإرهاب وتصديره إلى المناطق الأخرى، نحن كشعب
ناضلنا وقتل أهلنا وعذبنا في سجون النظام ولاننظر لهذه المناصب
والمطامع إلا أنها زائلة والملك لله الواحد القهار، ونريد فقط أن نرى
أهلنا وشعبنا ينعمون بالحياة الحرة الكريمة الآمنة التي يجدون معها سبل
العيش الكريم أسوة ببلاد الله الأخرى، فالمظلومون بقوا في مظلوميتهم
ولم ينصف أحد منهم ونسمع كل يوم وآخر مزايدات رخيصة بمأساتهم للحصول
على مكاسب سياسية ومادية بأسمهم، ونقول للجميع اتقوا الله في هذا الشعب
المسكين ونقول لكل الأحزاب والزعماء والعلماء سنة وشيعة عرباً وأكراد
اتقوا الله في شعوبكم تريدون المناصب والشعب يكسب الموت والرعب تريدون
أصوات الشعب وتعطونهم الوعود الفارغة التي لم تعطى هي الأخرى أيضاً،
وليعلم الجميع أنهم مسؤولون أمام الحكم العدل في يوم لاتنفع فيه مناصب
ولاوزارات ولا مصالح ولا الدنيا كلها، ولكم في صدام وأمثاله خير مثال
لم تنفعه كل قوته وجبروته حين أذن الله بزوال ملكه وذهابه إلى مزبلة
التاريخ مع الطغاة الذين ليس لهم عدد.
اجعلوا خدمة الناس هدفكم وإرساء العدل منهجكم والإنصاف ديدنكم
تفلحوا وتفوزا برضا الله ورضا شعبكم ولكم خير قدوة في نبي الخلق قدوتكم
حيث يقول(ص) ((خير الناس من نفع الناس)) و ((كلكم راع وكلكم مسئول عن
رعيته)) وهذا إمامنا علي عليه السلام يقول " لو أعطوني الأفلاك السبعة
بما فيها على أن أسلب نملة جلب شعير مافعلت" فها من معتبر بهم وهل من
تارك لملايين الدنيا طمعاً في ملايين الآخرة ورضا الشعب حيث أن رضا
الله من رضا الناس، وعلى حكومتنا المؤقتة أن أن تنظر في كل صغيرة
وكبيرة وأن لايتسرعوا في التعيينات وتوزيع المناصب لأن هذا لايمكن
إصلاحه بعد ذلك وأن يدققوا في كل الوزارات حتى لايلعنوا بعد ذلك على
أمر لم ينتبهوا إليه كما حصل في كثير من الوزارات من صعود شخصيات لا
أصل لها أو لها تاريخ منحرف أو سوابق غير نظيفة وحين يقع الفأس بالرأس
لايمكن العلاج والتغيير وتكون الجناية على شعب بأكمله وليس على أشخاص
فقط، فليس كل من عارض النظام نظيف بل هناك الكثير ممن هربوا من النظام
لجنايات غير شريفة ولمصالح شخصية لاعلاقة لها بالنضال أو الشعب أو
البلد، وتريد اليوم أن تعود بوجه آخر باسم المعارضة أو غيرها فمن كان
منحرفا في نظام منحرف كيف يمكن أن يكون اليوم شريف ليؤسس نظام معتدل
ونزيه، وليحذر الشرفاء من هؤلاء ومن تحركهم المصالح الشخصية والأطماع
أن يتغلغلوا بين الصفوف ويدمروا كل بناء وخير يحاول الشرفاء إرساءه،
ومن يريد خروج المحتل عليه أن يسقط حجته بالمحافظة على الأمن واستقرار
البلد ليخرج ولتطلب الحكومة خروجه بأسرع وقت.وليعلم الجميع أن الدنيا
فانية وكل ماكسبوه بطرق الحرام زائل وذاهب بهم الى نار جهنم ولسوف
يسألون عنها كلها حيث يسأل المرء عنها كلها واحدة واحدة وحقوق العباد
التي لامغفرة فيها ودماء الناس التي لاعفو عنها في يوم الحساب:
(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ
السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ
مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ
اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج/1-2). |