الشماتة حالة غالباً ما تظهر على الشامتين جراء ما يصيب أعداء لهم
أو مختلفين في الرأي أو ممن هم متنافسون معهم على أمر وهذا شيء طبيعي
لكن نسبة الشماتة وأن اختلفت بين شخص وآخر لكنها موجودة بدرجة توضحها
أسارير وجه الشامت أو كلامه حين يسمع لأول مرة بما حدث للآخر الذي لا
يكون راضي عنه.
ولأن الشماتة ليست من صفات العظماء المطلوب منهم أن يكونوا فوق هذه
الصفة التي تفسر أن ما حدث للآخر المشموت به هو عقابه الطبيعي ولا
يقتضي إظهار أي شيء يؤيد إبراز شعور شامت أو حركة شامتة تعبر عما أجاشت
به النفس عند سماع أو رؤية ما حدث لذاك الآخر والمشموت به هو أعرف من
غيره بمن هو الذي سيشمت به إذا ما لحقه أذى أو خسارة مادية أو معنوية
لذا فمن جانبه يحاول عدم إظهار نفسه وكأن الأمر قد عصف بنفسه أكثر من
اللازم.
إن حكايات التاريخ قديمة وحديثة، مليئة بالشماتات التي في بعضها لا
بد وأن تكون هناك شماتة جراء ما فعله المشموت به من إلحاق ضرر بالمقابل.
فبعد أن يبقى وسواس النفس المتضررة جراء ما قام به الآخر ضدها فإن تلك
النفس تكون على شكل متابعة وأن تبدت خاوية لكنها تظهر فجأة تزامناً مع
توقيت إلحاق الضرر المعنوي أو المادي أو الجسدي بالمقابل كـ(إنزال أو
نزول الموت به!).
والإنسان السوي الذي يعيش بين نزعتي شماتة أو لا شماتته حول من أضرّ
به فإن طبيعة ذلك الضرر هي التي تحدد الشماتة من عدمها ضمن شعار منتظر
أو لا شعار له ومعلوم أن المربين غالباً ما يعلموا طلابهم بضرورة اتخاذ
أسباب تحريم الشماتة لأن ذلك بحسب اعتقادهم مدعاة للرفعة. ففكرة
الشماتة هي من أساسها آخذة بثأر عاقل أو ضعيف تضررا فعلاً من المقابل
أو من موضع معين بينهما والشماتة على أية حال من ضمن معانيها أن لا
تحدث بشخص يختلف معه بالرأي مثلاً إذ تدل هذه الحالة – أن الاختلاف في
الرأي لا يفسد للود قضية – كما تنص المقولة بهذا الشأن ولذا كان الحرص
على عدم الشماتة مدرسة أخلاقية بحد ذاتها.
إن ما تطلع به علينا حقائق الحياة تستدعي منا أن نحب لغيرنا ما نحب
لأنفسنا إذ لا يجوز أن نجسد ما نتعرض له قبل إكرام ذواتنا في تربيتها
على السجايا الحميدة ذات التوجهات الخاصة بالسماح والعفو للمقابل حين
يستحق العفو.
وسجية المؤمن إيمانه الذي ينبغي أن يحافظ عليه من شرور نفسه قبل
العفو عن تجاوزات غيره. وهكذا فالإنسان حر فيما يراه أهلاً له من ناحية
مثبتات المرضاة الأبدية الجاعلة للإنسان أن يتخذ من الذوق حتى في
معاقبة خصومه أو الشماتة منهم. |