الاعتداد باللغة أي لغة هو حق مشروع للناطقين بها لكن زيادة درجة
الاعتداد دون العمل العلمي المطلوب لتطويرها هو بمثابة سهم موجه للقضاء
على حيوية تلك اللغة ثم الإجهاز على حياتها في مرحلة قادمة حيث ستحل
مكانها أوتوماتيكياً لغة أخرى.
ومثال اللغات الحية السائدة ومنها اللغة العربية يمكن أن يكون فيها
مدخلاً ملائماً لمعرفة ما تتعرض له هذه اللغة العظيمة من إهمال متعمد
أو عن غير قصد ولعل أخطر ما يواجه أي لغة حية وتحديداً اللغة العربية
أن موضوع تطوير مجالات فيها لم يتم وليس ذلك وحسب بل إن ذلك حسبما يبدو
قد تركه اللغويون العرب على (الصدفة) ولذا بقيت (قواعد هذه اللغة)
و(إعراب هذه اللغة) و(كتابة هذه اللغة) وحتى ما يتعلق فيها من فروع
كـ(تنظيم الشعر المقفى وفقاً لقوانين وتنوع أوزانه) ليس من المجالات
السهلة الممكن أن تشجع على كتابتها.
ينقل لنا بعض لغويي مجامع اللغة العربية عبر مقابلاتهم الإعلامية
المبثوثة ولقاءاتهم الصحفية أيضاً ويؤكدون ذلك في بعض مؤلفاتهم أن لا
خوف على مصير العربية لأنها لغة راكزة وحيث أن لا أحد يقول عكس ذلك
فهذا لا يكفي لأنه يمثل اعتداداً خطيراً على مستقبل اللغة العربية وأن
لغويي العربية سوف لن يخسروا شيئاً لو شجعوا على استلام ما ييسر هذه
اللغة لأي مجال فيها.
إن هذه المادة الانترنيتية غير معنية تماماً بالتطرق إلى تجارب بعض
اللغات الحية الأخرى كـ(نموذج طرح) لكن هذا لا يفي حقيقة بما يتناسب
وادعاء الإخلاص لها إذ أن المعركة اللغوية العالمية لا بد وأنها قادمة
لاختيار برنامج تقليص اللغات إلى أقل عدد ممكن منها وإلا ما فائدة أن
تتكلم البشرية بما يصل لزهاء (4000) لغة الآن في عالم أصبحت مساحاته
الجغرافية تعتمد على الاتصال اللغوي؟!
في أحسن الأحوال أن مؤتمراً لغوياً عالمياً إذا ما انعقد لاختيار
عشر لغات في العالم ينبغي أن تكون معتمدة خلال مدة مبرمجة علمياً كي
تعمم على بلدان البشرية خلال فترة عشرين سنة مثلاً وأكيد فإن العربية
ستكون إحدى تلك اللغات لكن منافستها لبقية اللغات الأخرى سوف تصطدم
بنفوذ المؤتمرين الذين سوف لن يضعوها ضمن اللغات الثلاث الأولى على أي
حال!
وموضوع الصراع اللغوي السلمي القادم كـ(احتمال قوي) لا يفضل إهماله
على كونه محظ فكرة خيالية أن موضوع تهيئة الأجواء العلمية والعملية
لتسود العربية في العالم بالمنزلة الأولى باعتبارها لغة القرآن أولاً
بهذه الدنيا ولغة أهل الجنة في الآخرة تقضي أن تصرف لها الجهود العلمية
لتتبؤا من الآن مركز الصدارة ليس بالاعتداد الإعلامي بل بتيسير أرومتها
كي تكون جديرة على المنافسة الحرة مع بقية اللغات العالمية الحية. |