في معرض يقام لأول مرة منذ ثورة عام 1989 التي أطاحت بدكتاتور
رومانيا المكروه نيكولاي شاوشيسكو كان في استقبال الزوار لوحات وقف
فيها شاوشيسكو وسط صيد ثمين من الدببة النافقة أو وهو يلوح لحشود تهلل
له أو وهو يقرع الكأس مع بطل من العصور الوسطى.
هذه الأعمال الفنية التي مجدته تُعرض الآن لتصدم مواطني الدولة
الشيوعية السابقة التي تستعد للانضمام الى الاتحاد الاوروبي لكنها لا
تزال تتعارك مع ماضيها.
وتقول فلورين تيودور أمينة المعرض الذي افتتح في العاصمة الرومانية
بوخارست الاسبوع الماضي "لا أنظر الى هذه الأعمال على انها أعمال فنية
لكن كأعمال تعكس الصدمة انها مهمة كتذكرة للتاريخ."
اقترن حكم شاوشيسكو الذي استمر 25 عاما وانتهى باعدامه رميا بالرصاص
بالارهاب والفقر الذي فرضه صانع الأحذية قليل التعليم على دولة يعيش
فيها 22 مليون نسمة ازدهرت فيما بين الحربين العالميتين الاولى
والثانية.
وتمكن شاوشيسكو من خلال بوليسه السري المرهوب الجانب وشبكة واسعة من
المخبرين من ان يفرض على الناس ان يعيشوا في ذعر دائم لكن رغم ذلك
أحاطت بشخصيته هالة من الاعجاب لم ينافسه فيها سوى قليلون في العالم.
في بعض اللوحات المعروضة في المعرض الأكثر تقليدية يظهر شاوشيسكو
جالسا مع زوجته ايلينا بشكل رسمي بل بتشنج وكأنهم من أسرة مالكة. وفي
لوحات أكثر حداثة يبدو شاوشيسكو وزوجته وقد أحاط بهما أطفالهم نيكو
وفالنتاين وزو في جلسة أكثر حميمية.
كانت حياتهم المترفة تتناقض بحدة مع الحياة اليومية والواقع المرير
الذي تعيشه رومانيا الشيوعية حين كان الناس يصطفون بالطوابير لساعات
للحصول على ما يحتاجونه من طعام ويفتقرون الى احتياجات أساسية مثل
التدفئة والكهرباء في الوقت الذي كانت فيه نشرات الأخبار تُمجد
شاوشيسكو كل يوم.
ووصل جنون العظمة عنده الى ذروته في الثمانينات حين سوى بالأرض جزءا
من المنطقة التاريخية في العاصمة بوخارست ليبني مركزا ضخما يوجد به مقر
مجلس الشعب ليكون ثاني أكبر مبنى في العالم بعد وزارة الدفاع الأمريكية
(البنتاجون).
خرج المبنى خليطا من الطرز المعمارية بل وصفه أحد كتب إرشاد السياح
بأنه أقبح ما يؤذي العين في العالم. ويضم القصر الآن متحف الفن الحديث
الذي يقام فيه المعرض حتى 22 مايو ايار.
وتقول تيودور ان المتحف اضطر لان يقتنى أكثر من 150 عملا فنيا غير
مرغوب فيها كانت منتشرة في مباني الحزب الشيوعي والوزارات وبعض قصور
إقامة شاوشيسكو.
واحدة من هذه اللوحات كانت لدكتاتور رومانيا والى جواره في أحيان
زوجته التي كانت مكروهة على نطاق واسع وهو في رحلة صيد ومن حوله عشرات
من صيده الثمين.. الدببة والحيوانات النافقة.
وفي لوحات أخرى كان الاثنان يفتتحان مناسبات عامة أو يتصدران
المسيرات أو والاطفال يعربون لهما عن مشاعرهم بتقديم الزهور.
بل في واحدة من اللوحات ظهر الأمير ستيفان العظيم بطل العصور الوسطى
الذي رسم فيما بعد قديسا وهو يمد يده من أيقونته ليقرع الكأس مع
الاثنين بمناسبة عيد ميلاد شاوشيسكو.
وقالت جابريلا نيكولا (24 عاما) التي تعمل مرشدة في المتحف "الناس
يضحكون كثيرا أمام هذه اللوحات. فستيفان العظيم اشتهر ببناء الكنائس
بينما اشتهر شاوشيسكو بهدمها."
ويقر منظمو المعرض بانه لا يتمتع بالكثير من الأهمية الفنية لان
عددا كبيرا من أعماله مشكوك في قيمتها الفنية لكنه يوفر إطلالة تاريحية
على حقبة من أصعب الحقب التي عاشتها البلاد.
وقالت تيودور "أريد لهذا المعرض ان يفجر جدلا حول هذا الفصل الأسود
من تاريخنا."
ولكل من شارك في ثورة رومانيا الدامية عام 1989 كانت هذه اللوحات
تذكرة محببة الى نفوسهم بان هذا الفصل البائس من حياتهم انتهى وان دولة
البلقان تستعد للانضمام الى الاتحاد الاوروبي عام 2007 .
وحوكم شاوشيسكو وزوجته ايلينا أمام محكمة عسكرية تشكلت على وجه
السرعة وصدر عليهما حكم بالاعدام نُفذ فيهما رميا بالرصاص يوم عيد
الميلاد عام 1989 . |