بسم الله الرحمن الرحيم
اخوتي اعضاء الجمعية العمومية.
اخواني أبناء الشعب العراقي.
السلام عليكم..
احمد اليكم الله ربنا الذي وفقنا لاجتياز اعتى العقبات التي وضعت
امام تقدم هذا البلد المتمثل في النظام البعثي البائد فاذا بأجهزة
الطغيان والفساد قد تساقطت واذا بإرادة الناس في الانتخابات الحرية
تنتصر بفضل الله على بقايا النظام الفاسد، واذا بالجمعية العامة تجتمع
اليوم من اجل تشكيل حكومة تمثل الامة ومن اجل وضع مشروع اول دستور دائم
للبلاد لكي يقّره الناس انشاء الله تعالى، ثم يصبح محور الوحدة ومنطلق
التقدم ومضمار التنافس على الخيرات والمكرمات.
ان مشروع الدستور ـ في كل أمة ـ تعبير عن قيمها وركائز قوتها
وتطلعاتها وتكميل هذا المشروع يمثل اكبر انجاز للجمعية وللشعب العراقي
في هذه المرحلة، وبالرغم من ان المشروع يضعه الممثلون الا ان الواجب
مشاركة الناس جميعا في مناقشة ركائزه الأساسية ليوافقوا عليه بوعي كاف
و ليكون تعبيرا صادقا عن ضمير الامة في القيم والتطلعات ولكي يبقى موضع
احترام الجميع ومرجع خلافاتهم.
و إنى اوصي اخوتي الكرام في الجمعية بالتوصيات التالية:
1. ينبغي ان يعتبر العضو نفسه ممثلا لكل العراق، فيضع بذلك مصلحة
الوطن فوق كل الاعتبارات، ويراقب ربه الذي جعله وجيها ووفقه لهذه
الخدمة فلا يبتغي مصالح شخصية او فئوية.
2. يجعل كل منتخب لنفسه دائرة شعبية خاصة يراجع عبرها الفئات
المختلفة من الناس فيستشيرهم في شؤون الدستور ويستفيد من خبراتهم فيما
يطرح من قضايا في المجلس التشريعي.
3. إن مرحلة الانتخابات ربما احدثت بعض الشروخ في جدار الوحدة
الوطنية، فلابد ان يعمل الجميع وفي طليعتهم أعضاء الجمعية من اجل
اصلاحها وليكونوا بوتقة تنصهر فيها كل أطياف المجتمع وليعلموا ان
المناهج الوسطى والأفكار المعتدلة هي التي تحقق صلاح الأمة بينما
المناهج المتشددة والأفكار الحدّية تفرّق كلمة الأمة.
الدستور الأمثل الهدف الأسمى
والهدف الأسمى للجمعية ترسيم مشروع الدستور الأمثل للبلاد والذي
يتوقع ان يحظى بقبول أغلب أبناء الوطن ويحقق مصالح الأكثرية دون
الأضرار بحقوق غيرهم، ولنا في هذا الحقل توصيات:
أولاً: إن وحدة البلاد واستقلالها وأمنها وعزتها هي الغاية الأسمى
التي يريدها الناس، ومن دونها لا يمكن تحقيق سائر القيم المثلى التي
ينشدها العراقيون اليوم، واي فرد او مجموعة يفرط بهذه القيم فسوف يكون
منبوذا في المجتمع الآن وفي المستقبل.
ثانياً: إن لكل دستور روحا يستلهم الدستور منها احكامها و تلك الروح
تشكل مبادئ الدستور التي تضمن وحدته و انسجام مواده، وان تلك الروح
التي لابد ان تسري في سائر احكام الدستور هي الكرامة التي انعم الله
بها على الانسان حين قال ربنا سبحانه: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي
آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلاً)) [سورة الاسراء 70].
والكرامة هذه هي هدف كل انسان وكل شعب وهي لا تتم الا بتوفير كل
مستلزمات الحياة الطيبة والعزة الشاملة والقيم السياسية.
وفيما يلي تلكم التفاصيل:
الف- فالحياة الطيبة هي التي يتوافر فيها العيش الرغيد من المطعم
والمشرب والسكن والصحة والتعليم وفرص العمل والضمان الاجتماعي، وانها
الخطوة الأولى في طريق الكرامة البشرية وعلى الدستور تأمين وسائل هذه
الحياة عبر سنِّ أنظمة فاعلة.
باء- اما العزة الشاملة فهي الخطوة الثانية في سبيل الكرامة البشرية،
وتتحقق بالمحافظة الكاملة على حقوق الانسان انطلاقا من تكريم الله له
وليس إعتماداً على انتماءه الطبيعي الى عنصر او قوم او ارض ولا انتماءه
المبدئي الى فكر او عقيدة، وقد قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) [سورة الحجرات 13].
وحقوق الانسان لن تحفظ الا بقضاء مستقل عادل ينتصف للضعيف من القوي
وللمحكوم من الحاكم وللفقير من الغني، وكما قال الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام: "القوي العزيز عندي ضعيف حتى أخذ الحق منه والضعيف الذليل
عندي قوي حتى أخذ الحق له".
وضمانة استمرار القضاء العادل هي مشاركة الجميع في اختيار القيادة
السياسية والرقابة عليها باستمرار عبر المجالس المنتخبة وعلى كل
الأصعدة ابتداءا من المجلس النيابي واستمراراً مع مجالس البلدية
والاقضية وانتهاءاً بالنقابات والاتحادات.
إن حرمة الناس لن تحفظ الا ببناء سياسي رصين، وأية ثغرة في البناء
قد تكون وسيلة لنفوذ الديكتاتورية لتفرض سيطرتها مجدداً على البلاد.
ولن تكتمل مسيرة المحافظة على حقوق الانسان الا بحرية التعبير وفك
القيود من المعلومات ليشارك الجميع في التعرف على الحقائق وكذلك بحرية
الاعلام لكي يساهم الجميع في بيان آرائهم و يراقبوا عمل الاخرين يسجل
عندهم.
جيم- القيم السياسية
ان الشعب العراقي ينتمي وباعتزاز الى دين الاسلام وقد تجذرت فيه قيم
الوحي وهو يتطلع الى يوم يعيد فيه أمجاده الحضارية التليدة ويكون من
حملة هذه القيم الى العالم.
ولولا هذه الروح العظيمة في هذا الشعب الأبي لكان قد انهار منذ زمن
بعيد امام تحديات الزمن، بينما نرى هذا الشعب قام بدور عظيم في مقاومة
الغزو الصليبي ومواهبة الاعصار الفكري و التمسك بالقيم المثلى بالرغم
من تعرضه لهجوم التيارات المعادية عليه مراراً.
واليوم حيث يجد الشعب متنفسا للتعبير عن ذاته تجده يتحدث عن قيمه
وامجاده ويتحين الفرص للعودة الى دينه الناهض.
ومن هنا فلابد أن يحتوي الدستور على بنود واضحة لتكريس هذه الروح
حتى يصبح إطارا لحركة هذا الشعب التاريخية و نظاماً للمجتمع العراقي
الجديد.
إن أي تجاهل لهذه الروح الناهضة سوف يجعل الدستور بلا ثبات وربما
تعارضه آجلا ام عاجلا قوة الروح في هذا الشعب، ولذلك فإننا نقدم
التوصيات التالية:
أولاً: يجب ان ينصّ الدستور على ان الاسلام هو نظام هذا البلد وان
القرآن هو المصدر الوحيد للتشريع، وان كل قانون يصطدم مع قوانين
الشريعة سوف لن يكون مقبولاً.
ثانياً: يجب أن يكون هدف الدستور الأسمى النهضة بهذا البلد ليتجاوز
في فترة قياسية انشاء الله حاجز الدول النامية ويستقر في مصاف الدول
المتقدمة..
ثالثاً: يجب التأكيد على إنتماء العراق الى العالم الاسلامي وتفاعله
مع قضاياه العادلة، ومنها قضية فلسطين.
كلمة الختام..
الأخوة ممثلي الشعب العراقي.. إنكم اليوم حمّلتم أمانة كبيرة.
فاستعينوا بالله العظيم لأداءها واعلموا ان الله سائلكم غداً عما
فعلتموه وعليكم بالتشاور ابدا مع ذوي الاختصاص من علماء الدين و من
خبراء القانون ومن حكماء الشعب والله سبحانه مؤيدكم بنصره ان أخلصتم
النية له سبحانه وهو نعم المولى ونعم النصير.
كربلاء المقدسة
www.almodarresi.com |