لا شك في توجهات النظام العالمي الجديد الذي يرعاه أمريكا ويطبل له
الاتحاد الأوروبي في تغيير الأنظمة والحكومات والأيديولوجيات المعارضة
للدين الأمريكي الجديد في العولمة وما يحققها من مكاسب على المدى
البعيد في فرض الهيمنة والسيطرة وتجريد الشعوب من كل ما لديها من
مقومات الحياة والتحدي الحضاري وجعلها أبواقاً لها.
فليس غريباً أن تطال هذه التوجهات العولمية مبادئ الأديان التي تقف
في وجهها ولا تقبل المساومة كالترويج والدعم لإمامة النساء في صلوات
الجمعة والجماعة للمسلمين واعتبارها خطوة إلى الأمام ورمزاً لما في
الإسلام من فرص وإمكانيات. حيث قدمت جماعة نسائية صغيرة في الولايات
المتحدة امرأة لتؤم المسلمين في صلاة الجمعة في مدينة نيويورك.
فقد ألقت أمينة ودود أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة فيرجينيا
كومنولث ورئيسة جامعة (مسلم ويك آب) (أصحوا أيها المسلمون) الأمريكية
خطبة الجمعة أمس أمام تجمع مختلط من الذكور والإناث ألتقوا في قاعة
سينودهاوس في كاتدرائية القديس جون، وهي كنيسة انغليكائية في مانهاتن.
وقبل الصلاة التي استمرت ساعتين وحضرها ما بين (80 – 100) من
المسلمين والمسلمات جلسوا جنباً إلى جنب، وارتدت خلالها معظم النساء
غطاء الرأس والثياب الطويلة الفضفاضة، قالت أمينة ودود: إن مسألة
المساواة بين الجنسين مسألة مهمة جداً في الإسلام. ولكن المسلمين،
للأسف، لجاؤا إلى كل التفسيرات المقيدة والضيقة للتاريخ كي يعودوا إلى
الوراء. إلا أننا بإقامتنا هذه الصلاة المشتركة نخطو خطوة إلى الأمام.
إنه فعل رمزي يدل على ما في الإسلام من فرص وإمكانات.
وقدمت للصلاة في القاعة سهيلة العطار وهي أمريكية مسلمة من أصل مصري
غير محجبة من جماعة (اصحوا أيها المسلمون) التي تحدث أحمد ناصيف بأسمها
فأوضح (إن الحدث ليس شكلاً من الاحتجاج، بل هو فرصة للعمل الروحي الذي
يتسع بمساحة متساوية للرجال والنساء معاً).
وقالت المنظمة الرئيسية للصلاة الكاتبة إسراء نعماني، أن هدف الحدث
استقطاب الانتباه للوضع الثانوي المهمش للمرأة في الحياة الروحية بشكل
عام. (إننا نتخذ إجراءات لم يجرؤ أي شخص آخر على التفكير بها من قبل..
ولم يهتم أي شخص بأننا ليس لنا منزلة في العقيدة.. وأخرجنا منها فحسب).
وكأن المساواة والمنزلة الروحية لا تكون إلا بالبروز أمام الرجال،
حيث لا يسلط الأضواء إلا على الذين يجرؤون فكما في المقولة المشهورة (خالف
تُعرف).
وكأن المناجاة الروحية والقرب عند الله سبحانه وتعالى لا تتحقق في
الخفاء والخلوات وعدم البروز أمام الرجال مع أن نافلة الليل تقع في غسق
الليل، بل محور الإخلاص هو في عدم الجهر على الظاهر إن معلومات (أمينة
ودود) ليست مستقاة من منبع الإسلام الأصيل من النبي وأهل بيته الأطهار
بل هناك مخاوف أن تتطور الأمور إلى تجرء أكبر من ذلك: كما حصل للقسيس
روبرت رايت حيث تعهد بأداء الصلاة عارياً خلال مهرجان (راو كابريتا)
الساحلية في أستراليا الذي سيبدأ في (22) نيسان المقبل.
وبرّر تعهده بقوله: إنني لا أحاول دفع المسيحيين إلى اعتناق مذهب
التعرّي بل إنني ألبي احتياجات المسيحيين من أنصار العربي. وأضاف إن
عدد المسيحيين الذين يؤمنون بمذهب التعري يفوق اعتقاد الكثيرين،
واستطرد (نحن لا نمارس العربدة الجنسية بل إننا أشخاص أسوياء للغاية)
في محاولة للتغطية بغطاء عفيف وشريف.
و(المسز) أمينة ودود إذا كانت تلبي حاجات المنحرفين من المسلمين
والمسلمات فلا بد أن تقوم بأي عمل حتى لو خالف مبادئ الدين.وتبرريها
بأنها خطوة إلى الأمام. |