أحيت اسبانيا اليوم الذكرى الأولى لتفجيرات قطارات العاصمة مدريد
التي وقعت في الحادي عشر من مارس وراح ضحيتها قرابة مائتي قتيل و1900
جريح.
وقد شارك المسلمون في اسبانيا للصلاة اليوم الجمعة على ارواح ضحايا
الاعتداءات التي تبناها تنظيم القاعدة وقرعت أجراس الكنائس في تمام
الساعة السابعة و37 دقيقة من صباح اليوم وهي الدقيقة نفسها التي شهدت
اول تفجير في مثل هذه اليوم من العام الماضي ومن المقرر ان يقف الاسبان
خمس دقائق حدادا على ارواح ضحايا التفجيرات بعد ظهر اليوم.
وتتزامن مراسم احياء الذكرى مع اختتام المؤتمر الدولي لمكافحة
الارهاب الذي استضافته العاصمة الاسبانية مدريد والذي حضره عدد من قادة
دول العالم بينهم الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ويشارك فيه نحو
300 خبير واكاديمي.
وطالب عنان خلال كلمة القاها بالمناسبة بتطبيق اجراءات عالمية
لمكافحة الارهاب من شأنها وقاية وردع الارهابيين دونما المساس بامن
الناس العاديين وانتهاك حقوقهم.
واشار عنان الى ان الوقت قد حان لتجريم كافة صور الارهاب مضيفا ان
خبراء حقوق الانسان الدوليين اجمعوا على "ان الاجراءات التي تتبناها
بعض الدول حاليا في مكافحة الارهاب تنتهك حقوق الانسان والحريات
الاساسية للمجتمعات".
وبعد سنة على مجزرة الحادي عشر من اذار/مارس في مدريد التي ارتكبها
ارهابيون باسم الاسلام حرص مسلمو اسبانيا على اعلان ادانتهم الشديدة
للارهاب وتضامنهم مع ضحايا هذه المجزرة.
ودعت اللجنة الاسلامية في اسبانيا المحاور الرئيسي باسم المسلمين مع
الحكومة الاسبانية كل ائمة المساجد في اسبانيا الى التنديد علنا
بالارهاب.
وفي مسجد مدريد الكبير دان الشيخ منير محمود المصري الجنسية "المجزرة"
واكد في خطبته "ان الذي لا يحترم الحياة ويرغب بالموت ليس مسلما حقيقيا".
واضاف امام نحو الفي مؤمن "نريد ان نشكر الشعب الاسباني الذي اظهر
نضجا وعرف كيف يفرق بفضل ارثه الثقافي العريق بين الاسلام واقلية من
الجهلة لا نستطيع ان نعتبرهم مسلمين حقيقيين".
وبخلاف ما حصل في هولندا بعد مقتل المخرج الهولندي ثيو فان غوخ في
تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وما حصل في الولايات المتحدة بعد اعتداءات
الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 لم يسجل اي حادث عنصري خطير في
اسبانيا بعد اعتداءات مدريد التي اودت بحياة 191 شخصا واوقعت 1900 جريح.
ويقدر عدد المسلمين في اسبانيا بنحو نصف مليون شخص من اصل عدد سكان
يناهز الاربعين مليونا.
وقبل الخطبة تجمع نحو ثلاثين طالبا مسلما في مسجد مدريد الكبير
والتزموا مثلهم مثل كل الاسبان خمس دقائق صمت في الذكرى السنوية الاولى
لتفجيرات مدريد تحت يافطة عريضة كتب عليها "جميعا ضد الارهاب".
واصدرت اللجنة الاسلامية في اسبانيا فتوى من خمس صفحات تعتبر زعيم
تنظيم القاعدة اسامة بن لادن "مرتدا" وكذلك الامر بالنسبة "الى كل
الذين يبررون الارهاب استنادا الى القران الكريم".
واكد المصلون لدى دخولهم الى الجامع نبذهم للعنف مشددين على ان "الاسلام
يحرم القتل" وان اعتداءات الحادي عشر من اذار/مارس "كانت مؤلمة
للمسلمين بمقدار ما كانت مؤلمة للمسيحيين".
وفي الطابق العلوي للمسجد حيث كانت النساء تتابعن خطبة الجمعة روت
رومانية محجبة اعتنقت الاسلام انها بكت طول يومين بعد اعتداءات الحادي
عشر من اذار/مارس.
وقال محمد العفيفي المتحدث باسم المسجد الذي تموله رابطة العالم
الاسلامي "كانت هذه الاعتداءات ضربة قاسية لانها اضرت بالثقة مع الشعب
الاسباني. لم نتعرض لاعمال عدوانية الا اننا نعاني من مصاعب في حياتنا
اليومية عند البحث عن عمل او لاستئجار منزل. نحن مشبوهون الى حد ما".
وتضيف الفتوى ان «الاعمال الارهابية «لبن لادن والقاعدة» ممنوعة
تماما ويدينها الاسلام بشدة»، مؤكدة ان بن لادن والقاعدة يدافعان عن «شرعية
الارهاب» لذلك «لا يجب اعتبارهم مسلمين ومعاملتهم بهذه الصفة».
كما تؤكد الفتوى ضرورة عدم استخدام «كلمتي «اسلام» و«اسلاميون» في
وصف هؤلاء الاشرار».
ودعت اللجنة الائمة في اسبانيا الى ادانة الارهاب في خطبهم الجمعة،
مشددة على ان المسلمين يجب ان يدركوا ان الارهاب تهديد للاسلام في ما
يثيره من كره للاسلام في البلدان التي يشكل فيها المسلمون اقلية ويدمر
العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين.
وهناك ثلاثة من الاشخاص الذين قد يكونون مسؤولين عن هذه الاعتداءات
كانوا يرتادون هذا المسجد قبل ان يطردهم منه المسؤولون عنه. وهم
المغربي جمال احمدان والتونسي سرحان بن عبد المجيد الذي قتل في عملية
الانتحار الجماعية في الثالث من نيسان/ابريل بعد ملاحقة الشرطة لعدد من
المشاركين في الاعتداءات اضافة الى عامر عزيز الذي صدرت بحقه مذكرة
توقيف دولية.
وكان ملك اسبانيا خوان كارلوس والامين العام للامم المتحدة كوفي
عنان والعاهل المغربي محمد السادس في عداد الشخصيات التي دشنت «غابة
الغائبين» في حديقة ريتيرو بمدريد حيث زرعت 192 شجرة سرو وزيتون في
ذكرى 191 قتيلا.
وقال منظمو مؤتمر مدريد ان نشر الديموقراطية وتعزيز التعاون الدولي
هما من الاولويات في مكافحة الارهاب.
وصرح فرناندو هنريك كاردوسو الرئيس البرازيلي السابق الذي يرأس نادي
مدريد منظم المؤتمر حول الارهاب، في مؤتمر صحافي «تستطيع اي حكومة كسب
جولة على الارهاب ولكن كسب الحرب اصعب من ذلك».
واضاف كاردوسو في عرض لوثيقة تلخص نتائج المؤتمر الذي استمر ثلاثة
ايام وانتهى الخميس، انه لتحقيق ذلك يجب التمسك بالمبادئ الديموقراطية
وتطويرها في بلدان اخرى.
ودعا رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس رودريغيز زاباتيرو، لدى
اختتام المؤتمر الى دور مركزي للامم المتحدة في مكافحة الارهاب.
وقال زاباتيرو امام رؤساء دول وحكومات خمسة عشر بلدا:ان «اي فكرة،
ايا تكن شرعيتها، لا يمكن ان تكون ذريعة لعملية اغتيال غاشمة».
ودعا زاباتيرو الى «الاعتراف للامم المتحدة بدور مركزي لقيادة عملية
مكافحة الارهاب»، مذكرا بدعوته الى «تلاقي الحضارات»والى رد «متعدد
الاطراف». |