أرجع باحث مصري المصطلحات الشعبية في بلاده إلى أصول ترجع إلى لغات
مختلفة كالتركية والفارسية والايطالية والفرنسية اضافة إلى العامية
المصرية التي "تتمتع بثراء غير عادي."
وأصدر سامح فرج في الآونة الاخيرة الجزء الأول من معجم نوعي في طبعة
محدودة تحت عنوان (معجم فرج للعامية المصرية والتعبيرات الشعبية للصناع
والحرفيين المصريين في النصف الثاني من القرن العشرين).
ويضاف المعجم الجديد إلى اجتهادات مصرية سابقة في هذا المجال ولكنها
توقفت قبل عشرات السنين وأبرزها (قاموس العادات والتقاليد والتعابير
المصرية) الذي نشره عام 1953 الكاتب المصري أحمد أمين (1886 - 1954)
الذي تولى عمادة كلية الاداب جامعة القاهرة في نهاية الثلاثينات.
وأشار فرج في مقدمة المعجم إلى أن فكرته بدأت منذ عام 1971 حين لاحظ
بعد تخرجه في كلية الهندسة اختلافا في نطق الحرفيين لبعض أسماء أجزاء
السيارة عن الاسماء العلمية مثل "رداخ" و"شكمان". وتساءل "هل يعتقد
السائقون أن الشكمان يشكم الموتور كما تشكم الشكيمة.."
وقال إن التكنولوجيا الجديدة تأتي محملة باسمها ولهذا "سقط مصطلح
الحاسوب أمام الكمبيوتر رغم عجز الأخير عن الدلالة الوظيفية لهذا
الجهاز وسيستمر (مصطلح الكمبيوتر) محليا وعالميا طبقا لقاعدة أن
المصطلح الاول هو المصطلح الاخير."
ووصف العامية المصرية بأنها تتمتع "بثراء غير عادي حيث تتمتع بكثرة
المتردفات فمثلا (سبنسة - شنجي - ترسو) كلها بمعنى الاخير أو المتخلف و
(مناخوليا - مورستان - عباسية - خانكة - حالة السرايا الصفرا - بتنجان)
كلها أوصاف لشخص مريض نفسيا أو غير مستقر عقليا.
"الثراء غير العادي للعامية في الاختلاف أيضا فمثلا (الكهنة) تختلف
عن (الخردة) وتختلف عنهما (العوارية) رغم أن هذه المصطلحات تحمل ضمنا
معاني مثل (تالف - فاسد - مستغنى عنه)."
وأشار فرج الى أن ما يقوله العامة في الشارع المصري ليس كله هذرا
ضاربا المثل بتعبير يبدو للوهلة الاولى خادشا للذوق وهو (فسا كلاب)
الذي قال إنه سمعه وهو تلميذ في وصف رائحة زهرة غريبة في حديقة المدرسة
ثم سمعه من والده الصيدلي يصف به رائحة صابون لم تعجبه.
وأضاف أنه قرأ هذا التعبير في وصف بعض نباتات أسوار الحدائق في
منازل القاهرة للكاتب المصري البارز يحيى حقي (1805 - 1992) "وهو أديب
كبير ممن لا يلقون بالكلمات جزافا... ثم عثرت على تعبير (فساء الكلاب)
مع صورة للنبات ووصف كامل له في كتاب (عن الزهور العشبية في مصر لاستاذ
علم تصنيف النبات) الدكتور لطفي بولس ولجأت الى (المعجم العربي الحديث)
(للبناني) الدكتور سعيد الجر فوجدت (فساء الكلاب.. نبات كريه الرائحة)."
وقال إن وجود بقايا للغات التركية والفارسية والايطالية والفرنسية
يرجع الى انشاء محمد علي (1805 - 1848) مدارس حربية في فترة تأسيس
الجيش المصري حيث "كان يدرس في بعض هذه المدارس الحربية اللغات العربية
والتركية والفارسية. كما كانت اللغة التركية تدرس أيضا في المدارس
المصرية الرسمية حتى نهاية القرن التاسع عشر."
وأضاف أن المصانع الحربية والمدنية التي أنشأها محمد علي كان لها
تأثير في ادخال تعبيرات دارجة في الشارع المصري حيث أحضر لها مهندسين
وفنيين من بريطانيا وفرنسا وايطاليا ومالطة لتدريب الصناع المصريين.
وقال فرج إن المصطلح تتغير دلالته بمرور الزمن ضاربا المثل بكلمة (بلطجي)
التي كانت تعني حامل البلطة باللغة التركية "ومنذ قيام الدولة
العثمانية كان الجنود البلطجية يتقدمون القوات الغازية يقطعون الاشجار
بالبلط ويشقون طريقا أمام القوات المتقدمة وكان دورهم أيضا عمل فتحات
أو هدم أجزاء في جدران الحصون والقلاع حتى تقتحمها قوات المشاة.
"ولم تكن كلمة بلطجي تحمل معاني سيئة بل أن (بلجة جي مصطفى باشا)
كان واليا على مصر قبل الدولة العثمانية (1752 - 1755). وفي عصر محمد
علي كانت قوات البلطجية موجودة في الجيش المصري. وفي الثلث الأول من
القرن العشرين أصبحت (بلطجي) صفة سيئة وتعني الشخص المستهتر الاقرب الى
الفتوات في الحياة الشعبية المصرية في فترات سابقة."
وأشار إلى صدور قانون مصري في السنوات القليلة السابقة "لمكافحة
أعمال البلطجة وترويع الامنين. وهكذا أصبح البلطجي مجرما."
المصدر: رويترز |