تعدد المدعون بالثقافة وبقيت الأمية الثقافية هي سيدة الموقف لدى
كثرة من المسؤولين على الصحف وأجهزة الإعلام.
إن البنى الثقافية اليوم تسير في طرق وعرة لا يُعرف إلى أين ستؤدي
في النهاية بعد أن أصبح الحذر من الأميين الثقافيين غير ذي بال لدى
ممولي الصحف بالذات (جرائد، مجلات...) فبين ليلة وضحاها يقرأ الجمهور
اسم شخص شبه مثقف إن لم يكن شبه أمي وقد ترأس عمل صحيفة لا يمكن أن
تمرر موادها إلا على القراء غير النبهين ولأن هذه الصورة تكاد تشكل
ظاهرة في الوسط الثقافي فإن سكوتاً يتم تعميمه في المدارات بين قادة
الأمية الثقافية بعضهم لبعض ضمن مجاملات فجة وبذا فإن حالة مثل النقد
الأدبي في معظم الصحف العربية تكاد أن لا تعطي ذاك الاهتمام، فبعد أن
وصلت المحسوبيات والمنسوبيات والجهاليات (من الجهل) إلى مدى غير مقبول
وبشكل طاغٍ في بعض الساحات الثقافية فإن اللاعدالة في الطرح الثقافي أو
المكرر أمسى هو محور الفصل فيما يختار لمواد الصحيفة أو الإعلامية حتى
ليمكن القول بأن لولا أخبار الساعة السياسية وما تقدمه من نشرات
وتعليقات لتم إغلاق العديد من الصحف والإعلاميات إذ تشكل الأخبار
العمود الفقري اليوم في معظم أوقات البث الإعلامي كما أن الجرائد مثلاً
تعتمد على الأخبار بصورة ملفتة.
ولأن الرقيب الثقافي الرسمي بالعديد من البلدان لم يعد يتمتع بوضع
شروط صارمة لموضوعية فإن العديد من هب ودب قد طمع لإيجاد موضع لقدمه
الوسخ في الساحة الثقافية ولعل هذا ما زال يلوث الكثير من الأجواء
الثقافية المستنكرة.
ولأن المال أضحت في زمن المادة هو القاضي بين الصالح الثقافي وطالحه
وطبيعة هذا المال جبان في طبيعته فإن الصالح الثقافي قد ركن إلى زمن
مؤجل وتم الأخذ بالطالح الثقافي ليتبؤ المسؤولية العليا في عموم الساحة
الثقافية العربية التي أضحى من أتبع صورها المقدمة هو وجود وحدة ثقافية
الشكل بين الدخلاء على الثقافة وما أكثرهم وهذا ما أفقد الثقة لدى
الرأي العام في بلدان عديدة بأسماء كثير من الدوريات الثقافية والأدبية
نظراً لما عرف عن قيادة الأميين الثقافيين العاملين فيها.
والحذر في المجال الثقافي الذي يمكن عدم التفكير به كثيراً نظراً
لقوة القياديين الأميين في الثقافة وما يلقوه من معلميهم من سنود مالية
ومعنوية تحمي أميتهم الثقافية فهذا ما يجعل التفكير متجهاً نحو شخصية
الممول فيما إذا كان مثقفاً أم يريد أن يبني لاسمه مجداً ثقافياً سائغاً؟!
ولعل نظرة غير محصاة لتمحيص مستوى من لم يكن أحد يعرفهم في الساحة
الثقافية وتم صعود أسمائهم على رأس قيادات إعلاميات وصحف بصورة مفاجئة
تزيد الطين بلة في وسط ثقافي متراجع. |