من أجل تسليط الضوء على ملامح المرحلة
العراقية المقبلة،
التقت شبكة النبأ الكاتبة العراقية المعروفة
حنان أتلاي
التي كانت لها إسهامات وكتابات عديدة في فضح
النظام السابق ومحاربته،
كما ولها في الساحة الثقافية العراقية، وربما
حتى غير العراقية إضاءات فكرية وثقافية واسعة..
** بعض العراقيين
يطالبون بالفدرالية أسوة لما موجود في كردستان العراق.. ويرى
هذا البعض أن الفدرالية ضمانة أكيدة ضد الاستبداد
والديكتاتورية.. بينما يرى آخرون أنها بداية
لتقسيم العراق.. كيف تقيمون النظرتين؟
ــ "الفيدرالية على اساس اثني تكون اساسا للنزعات العنصرية
والتوسعية والسعي الدائم لاغتنام اراض لقومية على حساب قومية اخرى و
تلحق الضرر بحقوق الاقليات المتواجدة ضمن الفيدرالية الواحدة لهذا ارى
الفيدرالية على اساس جغرافي وليس اثني هي الشكل الافضل لادارة البلاد
ولتجنب سلبيات الحكم المركزي . وهناك امور اساسية ينبغي ان تحكم هذه
الفيدرالية كي لا تصبح الاواصر التي تربط المناطق الفيدراليات ببعضها
لا تتعدى الحدود الشكلية وضعيفة وأهمها ان يكون الجيش والعلاقات
الخارجية مرتبط بشكل تام بالحكومة المركزية، ولابد ان يتم اتخاذ قرار
عادل بخصوص الثروات النفطية ، للاسف هناك اصوات بدأنا نسمعها بأن
المحافظات الجنوبية تطالب بالاستقلال بمواردها النفطية وهذا الامر نفسه
الذي يدفع بالاحزاب الكردية الى المطالبة بان تكون كركوك ضمن اقليم
كردستان انا ارى مثل هذه المطالب انانية اذ كيف يمكن لاحد ان يسعى الى
حرمان قسم من الشعب من واردات النفط . الشعب العراقي برمته وبدون
استثناء عانى الكثير جدا بسبب الثروات النفطية هذه، لهذا لا اجد من
العدل ان تنفرد المحافظات التي يتواجد النفط على ارضها بواردات النفط .
وليس هناك جزءا من العراق وشعبه يمكننا الاستغناء عنه وحرمان المناطق
الاخرى منه، فكل منطقة لها خواصها التي لا يمكن فصلها عن الاجزاء
الاخرى . ولو تقسم العراق ستظهر مشاكل الموارد المائية ومشاكل الطرق
التجارية وغيرها وقد تكون حافزا لمنتجي الاسلحة وتجار الحروب الى
العمل على تاجيج الخصومات بين الفيدراليات لترويج بضاعتهم وابتزاز ما
يمكن من واردات النفط، لهذا لا اجد بأن النفط يستحق ان نفرط بوحدة ارض
وشعب العراق من اجله وان كنتم تتابعون النقاش الاوربي حول البيئة،
ستجدون بأن القلق الان في اوجه على مستقبل الحياة على كوكبنا بسبب
زيادة نسبة ثاني اوكسيد الكاربون الناتج من استهلاك البترول ولا يستبعد
ابدا ان يتخذ العالم قرارات بالحد من استهلاك النفط لان حساب احتياطات
النفط العالمية وكميات ثاني اوكسيد الكاربون الذي سينتج منها عندما
تحترق يثير دهشة المعنيين بالبيئة العالمية . وهناك توقعات جدية بأن
النفط سيفقد الكثير جدا من قيمته بعد عشر سنوات وستم الاستعاضة عنه
بمصادر اخرى للطاقة اقل ضررا على البيئة . ما اعنيه هنا انه من الخطأ
الكبير التفريط بوحدة الشعب العراقي الذي اكتسب هويته الحضارية
والثقافية من خلال تعايشه معا على مر الاف السنين من اجل النفط الذي لم
يمض اكثر من قرن على استعماله وقد ينفذ او يتم الاستغناء عنه بفترة اقل
بكثيرمن هذه .
في نظري من الممكن تلخيص بعض شروط الشكل الصحيح للفيدرالية بهذه
النقاط :
ـ ان تقوم على اساس جغرافي
ـ ان تكون الدولة الفيدرالية ملزمة بلائحة حقوق الفرد العراقي
ـ ان يكون الجيش والعلاقات الخارجية مرتبطة بالحكومة المركزية .
ـ الموارد النفطية ترتبط بالحكومة المركزية وتوزع بشكل عادل على
الفيدراليات .
ـ ان يكون هناك قانون يحكم الموارد المائية والطرق التجارية ومنافذ
الحدود وفق لمنفعة البلاد العامة . "
** كيف تقرأون
المستقبل السياسي للعراق في ضوء المشاركة الكبيرة للعراقيين في
الانتخابات، وغياب بعض الأوساط.. وبعبارة أخرى هل تتوقعون بروز
تحالفات سياسية بين الكيانات التي شجعت
العملية السياسية وشاركت فيها، في مقابل تحالفات أخرى
للكيانات التي وقفت بالضد منها، وهل الديمقراطية يمكن ان تتحق
مع التوافق والوفاق؟
ـ " لابد من التفريق بين الدولة
والحكومة، المجلس الوطني الان على عاتقه وضع اسس الدولة العراقية التي
ستتوالى على ادارتها برلمان وحكومات منتخبة . المجلس الوطني سيضع الاسس
التي ستحكم الانتخابات وقانون الاحزاب وقبل كل شئ واهم من كل شئ ان
يقر لائحة حقوق الفرد العراقي بغض النظر عن دينه وقوميته وجنسه بشكل
ينسجم مع قوانين الامم المتحدة لحقوق الانسان . لهذا انا كنت اتمنى لو
كان انتخاب المجلس الوطني ليس من خلال احزاب وتكتلات بل انتخاب
الشخصيات العراقية التي تحضى بتقدير واحترام العراقيين وممن لهم كفاءة
في مجال الحقوق وميزات قيادية ودبلوماسية وعسكرية وغيرها، وهذا لم يكن
ليمنع ان تدعم الاحزاب هذه الشخصية او تلك ولكانت الصعوبة في اختيار
رئيس الدولة اقل الان. التكتلات السياسية ستظهر اثناء وبعد الانتخابات
البرلمانية وهذا امر اعتيادي، مادام كل حزب مجبر على اتباع قانون
الاحزاب الذي اهم ما يجب ان ينص عليه هو ان لا يمتلك الحزب السياسي
ميليشيات ولا يلجأ الى السلاح والعنف باي شكل بل الى الحقوق وكذلك ان
لا يستلم تمويلا من دولة خارجية او جهات مشبوهة وغير قانونية، الدولة
ستدفع تخصيصات معينه للاحزاب السياسية المستوفية للمواصفات، عندها
ستكون المنافسة حرة بين الاحزاب وسيعمد كل حزب الى تقديم افضل الخدمات
لناخبيه ومن خلال مؤتمراتها والانتخابات الديمقراطية داخل الاحزاب
نفسها ستتطور و تزداد كفائتها مع مرور الزمن و قد تلجأ الى الائتلاف
فيما بينها للحصول على عدد اكبر من المقاعد البرلمانية، المهم الان
التقدم بالخطوات الصحيحة على هذا الطريق ."
** هل تتوقعون أن
تتوصل الأحزاب السياسية داخل الجمعية الوطنية لصياغة دستور
لا يسقطه ثلثا ثلاث محافظات؟
ـ لا شئ يمكن ان يحل محل الوعي لدى
المواطن العراقي وتعقيبه الحذروالمستمر لمجريات الامور في هذه الايام
التاريخية فهذا سيشعر اعضاء المجلس الوطني بجسامة المسؤولية التي
امامهم وبان مستقبل الاجيال القادمة سيتوقف الى درجة كبيرة على مدى
كفائتهم في تحملهم لهذه المسؤولية، المواطن العراقي لا ينبغي ان يترك
المجلس الوطني لوحده بل لا بد ان يشعره بحضوره ودعمه ويحيط من انتخهم
بمطالبه المشروعة وتوقعاته منهم لاسيما ونحن الان نتمتع بهذه
الامكانيات الكبيرة في مجالات الاعلام والاتصال بشكل لم تكن تحلم به
الاجيال السابقة .
** كيف
يمكن للجمعية الوطنية ان تكتب دستورا حقيقيا يضمن وجود ديمقراطية
تعددية وليس مجرد دستور شكلي قد يسقطه أي انقلاب عسكري؟
ـ " كما اشرت سابقا بان يصدر المجلس
لائحة حقوق الفرد العراقي التي تستند على اساس لوائح حقوق الانسان
المثبتة في قوانين الامم المتحدة . انا من تواجدي في تركيا البلد الذي
شهد ثلاث انقلابات عسكرية خلال الواحد وثمانين عاما من عمر الجمهورية
التركية لاحظت بان الشعب التركي يثق ويحترم مؤسسة الجيش وذلك لتاريخه
الطويل في حروب التحرير ،اذا ما تذكرنا حرب الدردنيل وكيف اجتمعت
الجيوش الاوربية لاقتسام تركيا . اثناء حرب التحرير كان مجلس المبعوثين
ممثلا بمندوبين من المدن التركية يتحرك مع مركز القيادة العسكرية في
جبهات القتال، بالطبع الظروف كانت عسيرة وقاسية جدا ،و ما ان تم اعلان
النصر حتى تم افتتاح البرلمان واعلان تاسيس الجمهورية التركية الحديثة
ولكن لم تكن هناك في ذلك الوقت احزابا سياسية مما دفع أتاتورك ان يشير
الى بعض جنرالات الجيش ان يستقيلوا من المؤسسة العسكرية ليؤسسوا احزابا
سياسية وبعض الاحزاب الحالية هي امتدادا لتلك الاحزاب الاولى ولكن
بالطبع برامجها واشكالها تغيرت مع تغير الظروف . اما الدستور فيتغير
بشكل بطئ جدا ان الحت الامور المستجدة وفق التطورات التي يشهدها
المجتمع كما هو الحال الان ضمن عملية الانسجام مع الاتحاد الاوربي تتم
مناقشة بعض البنود وتغييرها . الانقلابات العسكرية كانت تحدث عندما
تعجز القوى السياسية عن ادارة دفة الحكم وعندما تكون البلاد على حافة
حرب اهلية ووصول التناحرات بين الاحزاب السياسية الى طريق مسدود عندها
تتدخل قيادة الجيش ولكن في كل مرة تم تسليم الامور الى حكومة وبرلمان
منتخب بعد فرض استتباب الامن. انفتاح تركيا على العالم الغربي ساعد الى
حد كبير على رجوع الامور الى مجراها لان الحكم العسكري ان دام سيتحول
الى حكم دكتاتوري وهذا بالتالي سيؤدي الى الانغلاق عن دول العالم
المتطور التي تسير وفق قوانين واسس معينة ويسئ الى الجيش نفسه والى
دوره الذي تاسس من اجله وهو حماية حدود البلاد ووحدتها.
و سوف يسرني اطلاعكم على رأيي في مقالة نشرت سابقا
(1) حاولت فيها ان اشرح الكثير من تفاصيل هذا الامر الهام .
** أية ملاحظات أو
إضافات..
-- نعم، اتمنى ان يتم اختيار رئيس الجمهورية من بين الشخصيات
العراقية التي تحضا بحب وتقدير العراقيين والتي عرف عنها حسن السيرة
وعدم الانحياز لفئة او دين او مذهب بل انحيازها الى اسس العدالة والى
الحقوق وان تكون على معرفة بالقوانين التي يسير بموجبها العالم البشري
والعالم المتقدم اليوم، لان المثالية لوحدها لن تكون ذات جدوى ومن
شأنها ان تسير بالشعب والبلاد على طريق خاسر ونحن في المنطقة العربية
لنا الكثير من الامثلة على هذا. وان يكون الانسان العراقي قد استفاد
فعلا من التجارب المريرة ليقف الى جانب القيادة السياسية التي يختارها
ويدفعها الى ان تكون اجرائاتها في صالح مستقبل البلاد وبعيدا عن
المغامرات والشعارات العديمة الجدوى . الانتخابات البرلمانية تعتبر
مدرسة جيدة للاحزاب السياسية فالحزب الذي يخسر الانتحابات يراجع اسباب
الفشل ويحاول التوصل الى الطرق التي تجعله يكسب شعبية اكبر وهو في موقع
المعارضة وان خسر الحزب الحاكم الانتخابات فسيراجع الصعوبات والهفوات
التي اعترضت طريقه وقللت من شعبيته . واتمنى ان يبتعد العراقي عن عبادة
الشخص وان تكف الاحزاب السياسية عن تزيين هذا الامر له، الاجراءات هي
المقياس وليست الوعود الكبيرة .
*- مواقع تهم
الكاتبة:
1 ـ http://www.atalay.info/general2.php?id=257
*- دراسات ومقالات
اخرى للكاتبة
http://www.atalay.info/general.php?TYPEID=2
http://www.atalay.info/general.php?TYPEID=6&KONUID=33 |