التنسك في الدين هو التعبير الظاهري عن الالتزام المشهور لنضال
النفس من أجل إعطاء المثل الأعلى لكل جيل.
وروح التنسك العبادة لوحدانية الله تبارك وتعالى وفيه مواجهة مباشرة
ما تصبوا إليه النفس من رص للبنة الإيمان في النفوس في مواجهة أمارتها
بالسوء. ولعل من أهم غايات التنسك عند المرء المؤمن هو الذود عن القيم
الربانية السمحة وإعلاء كلمة الحق في كل زمان ومكان.
ويترجم لنا التنسك ضمناً كما هو الحال المزري لمن لا يعرف الدين أو
هو متخذ من شكله فقط دون جوهره مساراً ولكن ما يفوت البعض من المنافقين
أن في إيحاءات التنسك الديني الإسلامي للآخرين ما يثير الهمة ليحتذى
هذا الناسك أو ذاك لما لهم من تأثير غير مباشر على تحشيد النفوس كي
تبني الدين على أسس من التفكير العفوي الصحيح ولذا فإن التنسك مسؤولية
غير معلنة ولكنها مطلوبة لمن يريد أن تعلو كلمة الله سبحانه وتعالى
أكثر وأكثر بين الناس.
ليس بمقدور أي مسلم أن يكون متنسكاً بسهولة قبل أن يكون مؤمناً
حقيقياً فالمرء ما لم يتحرر من ضغائنه ويوظف صحوته على طريق التعريف
المباشر أو اللامباشر بما هو عليه من إنسانية وسوية تطلع (مقرون بالعمل)
لا يمكن أن ينال اعترافاً اجتماعياً بسموه فالتنسك لا يقبل التفكير
الخاطئ الذي يجعل من الدين شكلاً بلا مضمون حقيقي.
والنسك يكاد أن يكون موقفاً فطرياً لا يحرص عليه سوى الطيبون بعيداً
عن (وعّاظ النفاق) الذين يملئون الآن أماكن عديدة ولكن إسدال الستار
على وجودهم المزيف داخل المجتمعات الإسلامية لا بد وأن تكون له نهاية
خزي وعار تلحق بهم عاجلاً أم آجلاً فالمسلمون الحقيقيون هم في حال
مراقبة شديدة لما يدور والجميع متفقون أن لا مكان بينهم لرجل دين يحاول
التمثيل بالنساكة.
إن في التنسك الإسلامي تحريك فاعل نحو الفضيلة قضية التنسك لا تقبل
تأويلاً يجرده على كونه حالة قابلة لأن تكون (بين بين!) وذلك لأن
التنسك مرتبط بموضوع تقديم (القدوة الصالحة) وفي نفس الوقت فهو يمثل
براءة من المشركين الذين يتجرأون على الإساءة لأمة النبي محمد (صلى
الله عليه وآله وسلم) حين يتمثلوا بمظهر النسك ولا يلتزموا بشروطه
وأخيراً فإن في النسك إيحاءات إيجابية يتمنى كل سوي أن يتمثل بها حيث
كل شيء فيه يتحرك نحو تحقيق الفضيلة. |