لعبت المرجعية الدينية في النجف الأشرف بزعامة المرجع الديني الأعلى
والأب الروحي السيد علي السيستاني حفظه الله دورا بارزا ومشرفا لتحريك
ونجاح عملية الإنتخابات في العراق الحبيب، بهدف انتخاب الجمعية الوطنية
العراقية وتشكيل حكومة عراقية وطنية منتخبة من الشعب وكتابة الدستور
الدائم وإنهاء مظاهر الإحتلال والمحافظة على وحدة وسيادة واستقلال
الدولة العراقية .
و مما يلفت النظر بأن سماحة السيد علي السيستاني أوضح موقف
المرجعية الدينية في النجف الأشرف من الدور القادم للأمم المتحدة في
العراق في رسالة إلى السيد الأخضر الإبراهيمي بتاريخ 19 / آذار /
2004 جاء فيها:
" أن المرجعية الدينية التي بذلت جهودا مضنية في سبيل عودة الأمم
المتحدة إلى العراق وإشرافها على العملية السياسية وإجراء الإنتخابات،
كانت تتوقع أن يترك لممثلي الشعب العراقي في الجمعية الوطنية المنتخبة
حرية إدارة البلد في المرحلة الإنتقالية وكتابة الدستور الدائم
والإستفتاء عليه وفق الآلية التي
يقررها المندوبون أنفسهم".
كما أكد سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني في بيان
صادر له في 14 ربيع الثاني 1425 هـ عن موقفه تجاه الحكومة العراقية
الجديدة على أن تثبت هذه الحكومة جدارتها ونزاهتها، وعزمها الأكيد على
أداء المهام الجسيمة الملقاة على عاتقها وهي:
"1 – إستحصال قرار واضح من مجلس الأمن
الدولي باستعادة العراقيين السيادة على بلدهم سيادة كاملة، غير منقوصة
في أي من جوانبها السياسية والإقتصادية والعسكرية والأمنية، والسعي
البليغ في إزالة آثار الإحتلال من كافة جوانبه .
2 – توفير الأمن في كافة ربوع البلد ووضع حد لعمليات الدريمة
المنظمة وسائر الأعمال .
3 – تقديم الخدمات العامة للمواطنين وتخفيف معاناتهم فيما يمس
حياتهم اليومية .
4 – الإعداد الجيد للإنتخابات العامة، والإلتزام بموعدها المقرر
في بداية العام الميلادي القادم، لكي تتشكل جمعية وطنية لا تكون ملزمة
بأي من القرارات الصادرة في ظل الإحتلال، ومنها ما يسمى بقانون إدارة
الدولة للمرحلة الإنتقالية .
إن الحكومة الجديدة لن تحظى بالقبول الشعبي، إلا إذا أثبتت – من
خلال خطوات عملية واضحة – أنها تسعى بجد وإخلاص في سبيل إنجاز المهام
المذكورة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته " .
إن نجاح الإنتخابات الديقراطية والحرة لأول مرة منذ أكثر من 1400
سنة من قبل أبناء الشعب العراقي البطل في العراق وخارجه يعود فضلها
إلى موقف وإصرار المرجعية الدينية في النجف الأشرف بزعامة المرجع
الديني الأعلى والأب الروحي للمسلمين السيد علي السيستاني حفظه الله
وتكاتف الأحزاب الكوردية والديمقراطية والشخصيات الوطنية العراقية
الذين أدركوا جميعا خطورة تدهور الأوضاع والأمن في العراق.
و قد برهن شعبنا العراقي البطل على صموده ضد الإرهاب وحزب البعث
الفاشي والإرهابيين العرب المتسللين إلى العراق بأنه قادر على أن يتحدى
كل الصعاب والعمليات الإرهابية والقتل المنظم وتفجير السيارات المفخخة
للمشاركة في أول عملية إنتخاب ديمقراطية شعبية أتيحت له بعد أكثر من
1400 سنة .
ومن أجل توثيق وتقوية روابط الأخوة بين الشيعة والسنة ومشاركتهم في
الإنتخابات أكد سماحة السيد علي السيستاني في البيان الصادر عن مكتبه
بتاريخ 13 ذي القعدة 1424 هـ ما يلي :
"1 – إن تقرير الخبراء العراقيين
المقدمة إلى سماحة السيد – دام ظله – تؤكد إمكان إجراء الإنتخابات
بدرجة مقبولة من المصداقية والشفافية خلال الأشهر المتبقية إلى التاريخ
المقرر لنقل السيادة إلى ممثلي الشعب العراقي، ولكن هناك في مجلس الحكم
وسلطة الإحتلال من يدعي عدم إمكان ذلك، ومن هنا كان إقتراح بمجيئ فريق
من خبراء الأمم المتحدة إلى العراق للتحقق من هذا الأمر ودراسة الموضوع
من كافة جوانبه ،وقد قدم مجلس الحكم طلبا بذلك إلى السيد كوفي عنان
الأمين العام للأمم المتحدة وإذا جاء فريق الخبراء وتوصلوا بعد العمل
مع نظرائهم العراقيين إلى عدم إمكان إجراء الإنتخابات فعليهم التعاون
معهم في إيجاد آلية أخرى تكون الأصدق تعبيرا عن إرادة الشعب العراقي،
وأما الآلية المذكورة في إتفاق مجلس الحكم وسلطة الإحتلال فلا تتضمن
أبدا تمثيل العراقيين بصورة عادلة في المجلس الوطني المؤقت .
2 – ان العلاقة الأخوية بين الشيعة والسنة في العراق لن تتأثر ببعض
الحوادث المؤسفة التي وقعت مؤخرا وقد سعى الكل في تطويقها واتخاذ
مايلزم لعدم تكرارها . ومن المؤكد ان العراقيين جميعا سنة وشيعة وغيرهم
حريصون على وحدة بلدهم والدفاع عن ثوابته الدينية والوطنية، كما أنهم
متفقون على ضرورة التأسيس لنظام جيد يقر مبدأ العدالة والمساواة بين
جميع أبناء هذا البلد في جنب مبدأ التعددية واحترام الرأي الآخر".
لقد أثبتت المرجعية الدينية الشيعية في النجف الأشرف بزعامة السيد
على السيستاني على صدق وصحة مواقفها والتزامها لإجراء الإنتخابات
العراقية من قبل جميع العراقيين بغض النظر عن قومياتهم وأديانهم
ومذاهبهم، إلا أن الإخوة علماء السنة أعلنوا إنسحابهم من الإنتخابات
للأسف الشديد . وقد أكدت المرجعية الدينية بأن الإخوة السنة هم أبناء
هذا البلد لهم حقوقهم المتساوية مع إخوانهم الشيعة والأكراد والتركمان
وبقية القوميات والأديان العراقية المتحابة . لا يمكن أن يهمش دور
السنة في العراق كما زعمت بعض الدول العربية والشخصيات السياسية بذلك
.
و ختاما نقدم تهانينا الحارة إلى شعبنا العراقي الشجاع والمرجعية
الدينية والأحزاب الكوردية والديمقراطية وبقية الشخصيات السياسية
الوطنية العراقية وكل من أدلى بصوته للإنتخابات، سائلين العلي القدير
أن يمد الحكومة القادمة والشخصيات الوطنية السياسية بالعون والقوة
لتحقيق أماني شعبنا العراقي العزيز بكل قومياته وأديانه ومذاهبه
وأطيافه السياسية بالعدالة وبدون تمييز، والله ولي التوفيق .
عاش شعبنا النبيل وعاشت مرجعيته الدينية وجميع أحزابه الوطنية .
ماربورغ في 3 / 2 / 2005 |