تأسست الدولة العراقية عام 1920 أي منذ 85 سنة وحتى سقوط النظام
البعثي الشوفيني في التاسع من نيسان المبارك عام 2003 على أيادي قوات
التحرير والتحالف والإحتلال وبمساعدة المقاومة العراقية في الخارج
والداخل، لم يحكم العراق أي زعيم كردي أو شيعي على الرغم من أن الشيعة
والإخوة الأكراد معا يشكلون نسبة 80% من سكان العراق .
كل الحكومات التي حكمت العراق كانت عربية من الإخوة السنة، حيث قامت
للأسف الشديد منذ تأسيس الدولة العراقية بأخطاء وجرائم جسيمة وقادت
الشعب العراقي من فشل إلى فشل ومن حرب إلى حرب ومن قمع إلى قمع ومن
تهجير إلى تهجير وغيرها من الجرائم والأخطاء دون رعاية حقوق وانتماءات
الأكثرية لهذا الوطن وتربته من المواطنين العراقيين .
أصبح الكردي في نظر الأنظمة الحاكمة من الناحية العنصرية والقومية
مواطنا من الدرجة الثانية، وأصبح المواطن العراقي العربي الشيعي فارسيا
أو شعوبيا أو رافضيا وغيرها من المصطلحات التي لا تليق بمكانة
العراقيين عامة .
فمن يقرأ تاريخ العراق ويتصفح الوقائع والأحداث، فإنه سيستنتج من أن
الملايين من الشيعة ومئات الآلاف من الإخوة الأكراد هم ضحايا السياسات
الطائفية والعنصرية الخاطئة لتلك الحكومات وأن شهداء المقابر الجماعية
كلها من الشيعة والأكراد .
و بعد تحرير العراق من نظام البعث العنصري الطائفي في التاسع من
نيسان المبارك عام 2003 أصبح العراقيون أحرارا بآرائهم وأعمالهم
وعقائدهم الدينية والسياسية لا يفرقون بين قومية وأخرى ومذهب وآخر
وعقيدة وأخرى .
هذه هي أخلاقيات الشعب العراقي الحضاري منذ آلاف السنين، حيث ان
نسيج المجتمع العراقي مكون من كافة الأطياف القومية والدينية والمذهبية
ومن الثقافات المتنوعة القديمة كالآشورية والبابلية والسومرية
والكلدانية وغيرها والحديثة الإسلامية والعربية . لم يعرف الشعب
العراقي موضوع الطائفية أو العنصرية على الإطلاق آخذا بهذا المثل : له
دينه ولي ديني .
و بالإضافة إلى ذلك توطدت صلات الرحم والتزاوج والصداقة والمحبة
والمواطنة بحكم الهوية العراقية بين كافة القوميات والأديان والمذاهب .
لقد زرنا في سنين الشباب العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى
غربه فلم نجد عند القوميات والأديان والطوائف والمذاهب المختلفة إلا
الكرم والطيبة وحسن المعاملة، حيث أشرنا في مقالات سابقة عن زيارتنا
لكركوك والموصل وأربيل والسليمانية وضواحيها
وبعقوبة والناصرية والسماوة والديوانية والعمارة والبصرة والحلة
والهندية والنجف الأشرف وبغداد والكاظمية وسامراء وغيرها من المدن
العراقية لم نلق من أهاليها إلا الإحترام والضيافة .
و بموجب عملي كمحضر للكيمياء ومسؤول عن مخازن ومختبرات قسم الكيمياء
بكلية التربية لمدة 16 عاما وكذلك أثناء دراستي في كلية اللغات
الأجنبية وفي قسم اللغة الألمانية في كلية الآداب وأثناء تدريسي للغة
الألمانية في كلية الآداب والتربية 1976 - 1978 تعرفت على كثير من
الطلاب والطالبات والأساتذة والأساتذة
الكرام من مختلف القوميات والطوائف والمذاهب والأديان، فلم أشعر أي
تمييز بينهم ولا زلت محتفظا بمحبتي واحترامي لهم ولهن، لأن الجميع
عراقيون وإخوتي وأخواتي في الهوية والتربة والوطن . فإذا لم يكونوا
إخواني وأخواتي في الدين والمذهب، فهم إخواني وأخواتي في الخلقة
بالإضافة إلى الهوية العراقية الوطنية .
من هذا المبدأ نرى من الحكمة والضرورة الملحة بأن ينتخب الرئيس أو
رئيس الوزراء من الإخوة الأكراد الذين أضطهدوا وقتلوا وعذبوا منذ مئات
السنين مع إخوانهم الشيعة، وهم الذين يشكلون بعد القومية العربية
القومية الثانية الكبيرة في العراق، لكي نقضي على العقدة القومية
والعنصرية التي اتبعها ويتبعها الحكام العرب واتبعتها الحكومات
العراقية العربية السابقة للأسف الشديد.
إذ لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى والكفاءة والعمل الصالح
والإخلاص والحب للوطن العراق وللعراقيين .
لما كان عراقنا الحبيب متعدد الحضارات والثقافات والقوميات والأديان
والطوائف والمذاهب والجميع إخوة في الهوية والوطنية، فلا ضير أن يحكمنا
أخ كردي أو مسيحي أو صابئي أو شيعي أو سني وغيرهم إذا توفرت فيه
الكفاءة والمقدرة والإخلاص والتضحية والحب للوطن العراق .
إن الجمعية الوطنية العراقية القادمة ( مجلس البرلمان ) التي تمثل
كافة شرائح المجتمع العراقي والمسؤلة عن كتابة الدستور العراقي الدائم،
هي التي تحدد بموجب الدستور صلاحيات الرئيس أو رئيس الوزراء، بحيث لا
يمكن للرئيس أن يتجاوز القانون ومواد الدستور المحددة . ولا يحق للرئيس
أن يبقي أكثر من أربعة أو ثماني سنوات، لأن العراقيين سينتخبون الرئيس
والحكومة بعد مرور أربع سنوات على انتخاب الرئيس والحكومة .
و تجربة مجلس الحكم العراقي المؤقت والحكومة العراقية الإنتقالية
كانت غنية ومثالا رائعا للعمل المشترك بين الأحزاب الوطنية والدينية
والقومية والديمقراطية .
نأمل أن يلقى هذا المقال إستحسان الجميع وأن يبدأ عراقنا الحبيب
بحكومة ديمقراطية تعددية فيدرالية مخلصة وطنية تخدم كل العراقيين
والعراقيات بعدالة وبدون أي تمييز، والتوفيق من عند الله .
عاش العراق الحبيب والموت والخزي والعار لأعداء العراق والعراقيين !
ماربورغ في 2 / شباط / 2005
adnan_al_toma@hotmail.com |