تهنئتي للشعب العراقي العظيم على ذلك الإنجاز الذي حققه يوم
الثلاثين من يناير عام 2005 حينما تمكن بإرادته الحرة من إفشال عدة
مؤامرات في يوم واحد.
أقل هذه المؤامرات وأحقرها شأنا كانت حرب الإرهاب والتخويف التي
مارسها المجرم (المجرمون) الزرقاوي وعصابته من خوارج آخر الزمان من
مستبيحي دماء المسلمين وغير المسلمين وأعراضهم وأموالهم من أجل فكر لم
يكن يوما ما من دين الله في شيء.
أما الفوز الأكبر فهو أن هذا الشعب بإرادته الحرة قد أنهى أربعة عشر
قرنا من التهميش الإجرامي لشيعة أهل البيت عليهم السلام بدأها المجرم
ابن آكلة الأكباد عندما أوصى عامله على الكوفة المغيرة بن شعبة بقوله (لا
تتحم عن شتم علي بن أبي طالب وذمه والاستغفار له والعيب على أصحاب علي
والإقصاء لهم وترك الاستماع منهم وإطراء شيعة عثمان والإدناء لهم و
الاستماع منهم) تاريخ الطبري ج5 ص 253.
وأيا كانت الصورة النهائية للتشكيلة الحكومية العراقية التي نراها
شأنا داخليا عراقيا والتي ستسمح للجميع بالمشاركة فإن النتيجة هي زلزال
سيجبر أحرار العرب (الذين ما زال البعض منهم يسأل هل أن الشيعة يقولون
أن الوحي أخطأ وذهب إلى علي بن أبي طالب؟؟!!) على إعادة النظر في
مسلماتهم الراكدة والفاسدة.
بالأمس القريب (31-1-2005) نشرت جريدة الأهرام مقالا للدكتور محمد
السيد سعيد المفكر اليساري بعنوان (نحو مفهوم جديد للدولة العربية) دعا
فيه لممارسة النقد باعتباره المدخل الأساسي والمعرفي الضروري لصياغة
مفهوم جديد للدولة الوطنية في العالم العربي يختلف عن مفهوم تلك الدولة
القائمة على تسيد دين على دين أو مذهب على مذهب أو قومية على أخرى
ويتجه نحو دولة الحق والقانون التي يتمتع فيها الجميع بالمساواة ويرون
أنفسهم بما في ذلك ثقافتهم جزءا لا يتجزأ من منظومة الدولة.
الآن يعزف القوم معزوفة مشاركة السنة في حكم بلد شكل الشيعة فيه
الأغلبية طيلة فترات التاريخ من دون أن يكون لديهم أي فرصة للمشاركة
ونحن من ناحيتنا ندعو إلى تحالف وطني واسع يقوم على إشراك كل الكفاءات
في إدارة شئون البلاد ليكون نموذجا يحتذى في عالم مغرق في عصبيته
وطائفيته ويرى نفسه الأهدى سبيلا والأحرص والأقدر على تطبيق العدالة
إلى آخر لائحة أفعل التفضيل في حين لا يخجل قادته من إلقاء القبض على
مجموعة من المفكرين الشيعة والزج بهم إلى السجون والمعتقلات وسط ضجة
احتفالية بتهمة ازدراء الأديان.
هذا العالم العربي لم يجرؤ أحد على وصفه بما يستحق من أنه ينتمي
للقرون الوسطى وربما ما قبل الجاهلية والوسطى إلا رئيس وزراء إيطاليا.
وأخيرا فإنني أتمنى على إخواننا العراقيين من أهل الفكر والرأي ألا
يديروا ظهرهم لأحرار العالم ومفكريه الذين وقفوا معهم وناصروا قضيتهم
العادلة أيا كان دينهم وأن يشكلوا معهم جبهة واحدة لمقارعة الظلم
والاستبداد وأن لا يفعلوا مثلما فعل المهزومون من داخلهم حينما أصروا
على التحالف مع فلول الأخوان والقوميين وأدعو الله ألا أصحو يوما لأرى
فهمي هويدي وهو يكتب من النجف الأشرف عن (الوحدة الإسلامية وعن سعيه
الدؤوب لإقناع الشيعة بتصحيح عقائدهم)؟؟!!.
تهنئتي للعراقيين مرة أخرى. |