بعد أن أنار أداء مناسك الحج قلوب المؤمنين والمؤمنات وحصل كل منهم
لقب (حاج) أو (حاجة) هَّم الجميع برحلة العودة إلى أوطانهم والأنفس
عامرة بإذن الله سبحانه وتعالى بالإيمان وتطبيق متطلباته بحسب ما تمليه
شريعة الإسلام على المسلمين.
بعد أيام عيد الأضحى المبارك أخذت مجاميع الحجاج تغادر الديار
المقدسة في مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد أن أفلحوا مأجورين
عند الله العلي القدير في قضاء أحد أهم أركان العبادات في الإسلام وهي
فريضة الحج فبذاك فقد أقصى كل مسلم ومسلمة من قلوبهم ما علق من قلق قبل
أداء هذه الفريضة المباركة آخذين بالاعتبار عظمة هذه الفريضة وثوابها
في الآخرة وحُسن مردودها قبل كل شيء في الدنيا.
وجمال أداء فريضة مناسك الحج عند الحجيج الذين يقومون بها لأول مرة
أكثر انعكاساً في التأثير على النفوس المؤمنة من هؤلاء الذين يؤدون هذه
الفريضة للمرة الثانية أو أكثر بصورة عامة وعلى أية حال فإن في أداء
مناسك الحج وعي وإيمان والتزام بما يرضاه الله العلي القدير لعباده
وبالذات خيرتهم. إذ أن للحج بُعد لا يخشاه إلا الكفرة والمنافقين. ومما
يلاحظ في البلدان والمدن والقصبات والقرى ممن ذهب عنهم شخص مسافر إلى
ديار بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج قد تمت تهيئة سبل الاستقبال
الإيماني والمفرح له أولها وإقامة الاحتفالات العائلية للحجاج بعد
عودتهم إلى بيوتهم هي مسألة قد جرى العرف عليها.
ولأن في أداء فريضة الحج استجابة لدعوة الحق فإن الاهتمام في الشأن
الحجي توعية للشخوص الآخرين ممن لم تتح لهم فرصة الأداء لفريضة الحج
هذه السنة لتكون مناسبة عودة الحجاج إلى بيوتهم أخيار غانمين لتحث على
التوعية الاجتماعية بضرورة عدم تفويت فرصة أداء الحج كـ(فريضة إسلامية
واجبة) خلال العام القادم لمن استطاع إليها سبيلاً فلقد شرع الجميع من
أجل اقتراب الإنسان المؤمن أكثر إلى ربه الذي خلقه على أحسن صورة.
وأكيد فإن التبحر بثواب أداء فريضة الحج هي كبيرة جداً وتعلّم أن
زينة النفس هي في الحج التي تشكل حالة تواصل أسمى مع روح الدين المحمدي
السماوي وتطبيقاً لأهم فروعه وبذا فأنه بقدر ما في الدعوة لأداء فريضة
الحج من تصدير روحي مفتوح للعالم الإسلامي لكن الخيار يبقى للمرء ذاته
فهي فريضة واجبة لمن هو قادر عليها.
إن نهضة كل مجتمع إسلامي لا تأتي قبل انتصار الإنسان المؤمن على
ذاته أولاً وربط ضميره في سكنات وحركات بما يرضى الله سبحانه وتعالى
ولا شيء قبل ولا شيء بعد ذلك. |