مراعة الصفات الحميدة من ثوابت الإسلام.
ربما كانت لمقولة (أن تكون أو لا تكون) تنطبق على أحوال كل إنسان
دون تمييز هي مهمة الساعة الدائرة في كل وقت والتحلي بصفات الود مع
الآخرين نضج فكري وسوية سلوك لا يشذ عن قاعدتهما إلا متكابر على نفسه
إذ أن بمعنى (أن يكون الإنسان) هو امتلاكه لقاعدة صلبة يقف عليها ولا
يحدث ذلك إلا إذا أمتاز بمجاهدة نفسه قبل غيره فالعقل بالنسبة له هو
مركز ثقله الحقيقي بهذه الحياة لتجاهل كل ما يعتريه من سوءات الدنيا.
واليوم وبعد تقدم العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية وما يمتاز
به هذا اليوم من كثرة ضجيج فإن مسائلة المرء لنفسه دوماً إذا ما نشطت
فإن انطلاقته نحو الأفضل سيكون له بمثابة ديدن دائم أقل ما فيه أنه لا
يفرط بسويته لحساب أي نقيصة قد تعرض سمعته للتأرجح وبذاك فإن في انتصار
الإنسان على إمارة السوء في نفسه معناه أنه قد أبعد الشرك عن سلوكه
وأبعد مكائد الشيطان عن حياته.
وتجسيداً لبراءة الإنسان من مهالك الدنيا غالباً ما تبدأ بالتحلي
بصفات المواجهات السايكولوجية القوية وذات الفاعلية الكبرى كامتلاك
الصبر والتفكير بحكمة واتخاذ العبرة الماضية من المواعظ الحسنة التي في
مجملها تشكل دروساً أخلاقية عالية تجرع النفس في مطامعها كي تعرف
حدودها وفقاً لما يريده الإسلام من معرفة لحدود الله العلي القدير
فبهذه الصفات الصبر على الزمن ومنغصاته والحكمة في معرفة أبعادها وتخيل
نتائجها الإيجابية واستيعاب كامل لمعنى معرفة الموعظة الحسنة في كل
مداها يكون المرء قد تعلم أن الحل الأساسي لمشاكل الحياة لا بد وأن
يشده للنفس إجراء صحيح لما يعترضها والصوت الداخلي في النفس حيث يحدد
لنا معالم الصواب ليتخذ ويطبق بصورة خلاقة في علاقاتنا الاجتماعية
المنوعة فإن في هذه التزام بموقف سواء السبيل.
وأي إنسان يستطيع استعادة شخصيته الإسلامية الحقة أو يكون عليها إذا
ما غلبت إرادته ما يعيقها ولعل الاكتفاء بمعرفة أسرار النفس البشرية
كـ(هاجس دائم) يوصل إلى تبني موقف حيادي من الحياة ومشاكلها بعد أن
أضحى النظر بعين الطمع وإشباع الذات بالحرام من الأمور التي يدرسها
المرء بغريزته الطبيعية بيد أن المرء الأصيل في سلوكه لا يكتم ما تختلج
به نفسه فهو يقول الحق حتى على نفسه ولكن أين يوجد مثل هذا الإنسان في
مثل هذا الزمن التعيس التي اختلطت فيه أوراق الشعور الهش بالمسؤولية
سواء في العائلة أو المجتمع.
إن اقتراب الناس بعضهم من بعض ضمن خط التحلي بالصبر والحكمة
والاستماع الحسن للمواعظ والنصائح هي أول الغيث. |