صفاء النيّة أهم سمة ينبغي أن يتسم بها الحجيج.
وصفاء النية الذي يقصد منه توفر سلامة القلب التي تجعل المرء يخطو
نحو تعزيز آصرته الإيمانية بخالقه الله سبحانه وتعالى فإن من جملة ما
يصبوا إليه بهذا الصدد الأداء الصادق لفريضة الحج وبلا أي مطامع دنيوية
فعند ذاك يكون المرء قد تواشج أولاً مع بنائه الإيماني الداخلي وما
قرره في ذاته من اجتناب أي عمل أو فعل يغضب الله القدير على كل شيء.
ففي انسجام المرء مع ذاته توفر لأجسدة أفضل للإيمان فالمرء حين يحج
يحرص أن يكون حاملاً لـ(لقب حاج أو حاجة) بأنه مُطالب أكثر من الماضي
الذي لم يحج خلاله بأن ينتبه على مرضاة الله العلي الذي لا يسمح بعد
أداء هذه الفريضة المقدسة أن يسترخص سلوكه ويستسهل ارتكاب معصية ما
وطبيعي فهذا لا يعني أن ذلك مجاز لمن هو غير حاج فالمسلم – المؤمن
يفترض أن يبقى تابعاً لله بكل شيء وأن لا يأخذه العجب إذا ما عرف أن
إنساناً ما يقترف الخروقات بعد أدائه فريضة الحج إذ أن ما يعزز الإيمان
هو أن يتواصل المرء مع مستقبله الإيماني طامحاً في الدخول إلى الجنة
التي ستكون مآله بكل تصرف.
أما الذين يخططون (بلا خوف من الله تعالى) ويحاولوا أن يؤدوا فريضة
الحج ودون أي التزام قادم بما يتناسب من أخلاقيات إسلامية فهؤلاء النفر
ليسوا من الدين في شيء. ولأن موسم الحج اليوم قد بدأ وأن الجهود مكرسة
استعداداً لأداء مناسك الحج فإن الفرائض الإسلامية موجبة الأداء مع
فريضة الحج ولا فاصل بين أي منها فمثلاً أن المعتاد على المساهمة
بإبداء الجهد لسبل حل المعترضات ومشاكل المسلمين عليه أن يؤديها لأن في
ذلك كسب من الثواب أكثر له.
ولأن في أداء فريضة الحج فرصة لمراجعة النفس المؤمنة لما لها وما
عليها فإن استنهاض همتها من قبضة أمارتها بالسوء تكون بعد الحج قد
ترسخت أكثر في الضمير وبذا يلاحظ الحاج أو تلاحظ الحاجة بعد أداء فريضة
الحج أنهما قد أصبحا في حال أفضل من التفكير الحكيم وترك ما يدعو إليه
الرب القدير من أمور تخالف الشريعة الإسلامية السمحاء.
والمؤمن في حالة أدائه لفريضة الحج يكون كمن كسب سلاحاً جديداً في
معركة يتسم عدوه في حمل سلاح قديم لا فائدة ترتجى منه عند حسم أي معركة
ولهذا فالحجيج كـ(جمهرة أو تجمع) إذا ما نُظر إلى نواتهم كـ(أفراد)
يلاحظون أنهم أحرص على إعطاء معاني إيمانية دائمة في كل سلوكهم المترجم
إلى أعمال.
لقد هيأ الله سبحانه وتعالى طرق الوقاية للبشر من نكد الشياطين من
إنس وجن وبذاك فعلى المسلمين أن يكونوا ملتزمين أكثر بالطريق الذي خطه
الباري عز وجل للبشر وهو الطريق القويم وبلا أي شائبة. |