سلب نظام البعث الفاشي المخلوع برئاسة المجرم طاغية العوجة الفرحة و
البهجة من قلوب العراقيين بعد أن أثقل كاهل شعبنا العراقي بأكثر من
ثلاثة ملايين و نصف شهيدة و شهيد في جنوب و وسط و شمال العراق . و لم
يكتف النظام المقبور بحروبه المتعددة و عمليات التطهير العرقي و
الإبادة الجماعية للإخوة الأكراد و الشيعة في وسط و جنوب العراق بل انه
قام بأبشع الجرائم المحرمة دوليا وذلك باستعماله الغازات السامة كما
حصل في حلبجة بكردستان العراق و تسميم مياه الأهوار و المدن الجنوبية
العراقية كالبصرة و العمارة .
كانت مدينة البصرة التاريخية و العريقة ثغر العراق الباسم لطيبة
أهاليها الكرام و وداعتهم و حسن كرمهم و دماثة أخلاقهم .
و من كان يزور العشار أو التنومة و يلتقي بالمواطنين يشعر بأصالة و
طيبة أهالي البصرة بغض النظر عن قومياتهم و معتقداتهم الدينية و
المذهبية .
أطلق المؤرخون و السائحون و زوار مدينة البصرة عليها بفينيسيا الشرق
لكثرة القوارب و المشاحيف في الأنهر الصغيرة و الجداول و فروع شط العرب
.
و في إحدى سفراتنا ، أيام الشباب ، بالخمسينات إلى البصرة قمنا
بجولات في المدينة و على ضفة شط العرب الجميلة و شاهدنا القوارب (
المشاحيف ) المزينة بالوسائد البيض و المقاعد المغطاة بشراشف بيض أيضا
راسية على ضفة شط العرب و جاهزة للقيام برحلة نهرية جميلة .
كنا أربعة أشخاص استأجرنا قاربا كان يقوده بالمجذاف صاحبه و توجهنا
إلى إحدى بواخر شحن البضائع الراسية في الميناء و سألنا ربان السفينة
الإيطالي عما إذا كان بإمكاننا الصعود إلى ظهر الباخرة للإطلاع على
الباخرة العملاقة ، فأجاب بنعم . صعدنا فرحين و تجولنا في أقسامها و
شاهدنا غرفة قيادة الباخرة و أجهزة الملاحة و الرادار و جهاز اللاسلكي
و خريطة لمحيطات و بحار العالم . ثم شكرناه و عدنا إلى ضفة شط العرب .
أحرق نظام البعث الدموي آلاف النخيل و لوث مياه البصرة أثناء حربه
الإجرامية ضد الجارة الإسلامية إيران طوال ثمانية أعوام و قتل و هجر
مئات الآلاف من أهالي البصرة و فلاحيها و دمر المزارع و أحرق البساتين
و الحقول الأمر الذي أدى إلى هجرة الكثير إلى المدن العراقية الأخرى
طلبا للرزق و العيش .
أصبحت مدينة البصرة و ضواحيها و قصباتها وعرة من أفقر المدن
العراقية بعد أن كانت من أغنى المدن العراقية و أشهرها .
و بعد تحرير العراق من النظام البعثي الدموي شاهدنا أن مياه البصرة
كانت ملوثة وسخة غير صالحة للشرب ، حيث قامت دولة الكويت الشقيقة ،
جزاها الله خير الجزاء ، بإمداد أهالي البصرة بالمياه الصالحة للشرب
سواء أكانت على هيئة قناني أو عن طريق المضخات و سيارات توزيع المياه .
أما في كردستان العراق فإن الأمر يختلف عن البصرة و المدن الجنوبية
، لأن كردستان العراق أصبحت محمية دوليا بعد مجزرة حلبجة الوحشية و
الهجرة المليونية .
و بحكمة القيادة الكوردية استعادت منطقة كردستان العراق عافيتها و
تم إعمارها بصورة بناءة جميلة .
قام نظام البعث الفاشي طوال حكمه البغيض بجرائم لا تعد و لا تحصى
نذكر منها على سبيل المثال و ليس الحصر عمليات الأنفال قتل من الإخوة
الأكراد ما يقارب 182 شهيدة و شهيد و مجزرة حلبجة أكثر من خمسة آلاف
نسمة معظمهم من النساء و الأطفال و الشيوخ و العجائز ، تلغيم معظم حقول
و مراعي و وديان و مزارع كردستان بأكثر من عشرين مليون لغم لا تزال
آثارها باقية و خطرة على المواطنين الأكراد . و دمر آلاف القرى و مسحها
عن الوجود .
كما قام النظام البعثي الفاشي بتهجير آلاف العوائل الكوردية و
التركمانية من مدينة كركوك كوردستان العراق في عمليات تعريب فاشية
لمدينة كركوك و صادر أموال و ممتلكات تلك العوائل المهجرة التي لا تزال
تنتظر العودة إلى مدينتهم و بيوتهم .
كما قام نظام البعث بتهجير مئات الآلاف من العوائل الكوردية الفيلية
و اختطاف أكثر من عشرة آلاف شاب من الأكراد الفيلية لا يعرف أحد حتى
الآن شيئا عن مصيرهم .
و هذه المسألة إنسانية يجب على الحكومة العراقية المنتخبة الجديدة
أن تضع هذه المسألة الإنسانية في أولويات برامجها للتعرف على مصير
هؤلاء الشباب ، إن شاء الله .
و بالرغم من كثرة المجازر البشعة النكراء التي اقترفها نظام البعث
برئاسة طاغية العوجة فإن نسمات الهواء العليل الفواحة من كردستان
العراق ستهب بعطر و رائحة النرجس إلى وسط و جنوب العراق لكي تعود و
تنتعش بسمات الجنوب ، بعد الإنتخابات ، على وجوه المواطنين بعد أن
حرمها عليهم النظام المقبور طوال أربعين سنة تقريبا .
وقد صدق الشاعر:
من تهب عذبات نسمة امن الشمال على ضفاف الهور تتفتح قلوب
لو عزف بالناي راعي امن الجبال عالربابة ايجاوبه راعي الجنوب
هـه ر بجي كرد أو عرب رمز النضال
ماربورغ في 21 / 1 / 2005
adnan_al_toma@hotmail.com |