هي الدنيا تهيم بمن هواها *** وتسقي بالغواية من سقاها
تخال الخلد فيها وهي وهم *** كبيت العنكبوت إذا بناها
وما برحت حبائلها غلاظاً *** تروم الصيد ما أبلت بلاها
تخادع كل ذي علم ودين *** فما تعبت وما خارت قواها
وتسعى بالشقي إلى غرور***كأن الله لم يخلق سواها
فترفع من تعز إلى الثريا *** وتخفض من تذل إلى ثراها
أمن قصر يحاكي النجم عزاً *** لقبو في الحفيرة منتهاها
فسل طاغوتها في كل عصرٍ *** أدامت كأسها لما انتشاها
فلا من عافها زهدا بباق *** ولا من رامها خلدا حواها
تعرضت الامامَ بالف حبل *** ألا خابت ألا تبت يداها
تراود عن مطلقها ثلاثاً *** كأمرأة العزيز إلى فتاها
وقالت : (هيت) في غنج وقدت *** ثياب الطهر قداً من قفاها
يقول لها وقد خسئت وهانت *** هوان العنز ما قبحت ثغاها
أيا دار الخراب اليك عني *** فما عندي لمثلك مبتغاها
فجاءت ( إنما ) تعطيه سبقاً *** بأمر الله مولى بعد طه
وجاءت ( هل أتى ) من فرط زهدٍ *** لعبد فيه معبودٌ تباهى
فما ساوت بأعماها بصيراً *** بأهوال المعاد كمن يراها
يحذر من مغبتها عقيلاً *** بنار حديدةٍ لما حماها
وينذر أن درب الحق وعر *** بقلة سالكيه لمن مشاها
نأى عن سبِ من سبوا وكادوا *** كما تنأى الثريا عن ثراها
فسلهم يوم خندق إذْ تمادى *** بها طاووس كفر حين تاها
تراجعت الصفوف لفرط خوف *** وبح المصطفى لما دعاها
وطيرت النفوس لما تجلى *** وعطلت العيون لما غشاها
وحكمت السيوف إلى خيار *** فإما لاته أو رب طه
فكان الظل ما افترقت عشير *** عن الهادي تشك بما أتاها
وكان الحسم ما التبست امور *** وكان القطب ما دارت رحاها
أتى بالنصر يوم النصر غابت *** به الآمال في أقصى مداها
وقرت فيه للهادي عيون *** وداعي اللاة والعزى بكاها
فما يرمي إذا يرمي عليّ *** ولكن جل من يرمي رماها
وسلهم يوم خيبر كيف ردت *** على الأعقاب مخذول لواها
فجاء الأمر من علياء عرشٍ *** لتعطِ رايتي لمن افتداها
سلام أيها الداعي فردت *** له من غيبت لما دعاها
لأجل صلاته عادت مراراً *** ويوشع مرة لما ثناها
سلام أيها المطعون غدراً *** فخضب شيب غرته دماها
سلام أيها الفاني حياةً *** لرب باعها يوم اشتراها
أبا السبطين عذراً لو تعدت *** هموم في رحابك عن سواها
تعال اليوم وأنظر حال قومي *** ترى العجب العجاب لما دهاها
يكفر بعضها بعضاً وتسعى *** لتدمير البلاد كمن غزاها
قلوب كالمراجل حين تغلي *** لغي لا رشدٍ مبتغاها
بأفكار الغلو تقيت ديناً *** لإيقاظ الفجيعة من كراها
أأبناء العروبة أين كنتم *** بأيام الحروب وما تلاها
علمتم كيف تجزر كالأضاحي *** زهور
الرافدين على رباها
فما رفت لكم جفن علينا *** كأن بسمعكم وقراً بلاها
لو أن الأرض تنطق لاستجارت *** بما اجترح الطغاة على ثراها
فلا النمرود لا فرعون قاما *** قيام دعيّنا لما سباها
يجوع شعبنا ويمد حزباً *** بأسباب الحياة كما اشتهاها
ولو طلعت علينا شمس سعدٍ *** لآثر أن يموت ولا يراها
وهل كان الكويت لنا عدواً *** ليقطع رحمها لما غزاها
سقته الصفوَ من كاسات حبٍ *** ولما اشتد غسلينا سقاها
هم الأخوان فيهم من تناخى *** لدرءِ ظلامةٍ حتى جلالها
بلحن القول نعرفها قلوباً *** أغلاً كان أم حباً هواها
|