وسط الحزن الفاجع والاسى البالغ في سريلانكا عقب كارثة الامواج
العاتية ليس من الغريب أن يبحث الناس وسط الانقاض عن معجزات تطمئن
القلوب.
ويوم الاحد بدا أن الناس في سريلانكا حصلوا على بغيتهم.. قالت الصحف
إن عمال الانقاذ انتشلوا رجلا من تحت أنقاض مبنى انهار بعدما اجتاحت
أمواج المحيط الهندي سواحل سريلانكا ودول أخرى مجاورة قبل 14 يوما.
وقالت صحيفة صنداي تايمز "قصة معجزة رجل نجا من الكارثة" مضيفة أن
اتش.جي. سيريسنا يعالج بمستشفى في جالي من كسر في الذارع والتهاب رئوي
غير خطير.
وللأسف فان قصة سيريسنا على مأساويتها ليست معجزة ولا هي حتى حقيقية
اصلا.
وأكد الاطباء في مستشفى كارابيتيا قرب جالي يوم الاحد أنهم استقبلوا
بالفعل رجلا في اليوم السابق وأن منقذيه قالوا إنهم عثروا عليه أسفل
حطام بناية في بيتيجالاواتا بضاحية على مشارف الميناء التي يتكدس فيها
أعداد كبيرة من السكان.
وقال دكتور لاليث بيريرا لرويترز "عالجنا المريض من كسر في الذراع
والتهاب رئوي بسيط." مضيفا أن سيريسنا كان يعاني أيضا من بعض الجفاف.
لكن بعد الحاح رفض الاطباء القول ما إذا كانوا يعتقدون أن جروحه
وحالته تتفق مع رجل يقال إنه حوصر 13 يوما أسفل الانقاض.
وقال طبيب رفض نشر أسمه "يحتاج الناس إلى معجزات في هذا الوقت. ليس
لدينا معلومات غير التي قيلت لنا. من نكون نحن لنحكي ما حدث وما لم
يحدث."
ولم يتحدث سيريسنا نفسه منذ اعترافه وهو في حالة اغماءة فيما يبدو
عندما كان الاطباء يقتربون منه.
وقال ادن راثناويرا رئيس فريق التمريض في المستشفى "أبلغنا بأن أخر
ما يتذكره كان اطلاق نار. قال لنا أسمه. انه لا يتذكر أي شيء آخر."
وفي الموقع نفسه تحدث رجال انقاذ بفخر بشان كيفية انتشال سيريسنا من
أسفل الانقاض.
قال المدرس اشوكا راتناياكي من ماتالي "أنا أول من رأيته."
إلا أن سياسيين انضموا إلى القصة.
وقال اشوكا "عثرت عليه مع متطوعين من حزب تحرير الشعب. لقد أنقذناه
وأخذناه للمستشفى."
وركب حزب تحرير الشعب وهو الشريك السنهالي المتشدد الاصغر في
الحكومة الائتلافية الموجة بحملة تطهير عقب كارثة أمواج المد العاتية.
وعكف الحزب على حملة بناء في جالي وأرسل فرق متطوعين يرتدون شارات
الحزب يجوبون الشوارع ويقومون برفع الانقاض.
وكان بي.ام.باندارانايكه الذي تشير بطاقة هويته إلى أنه من وزارة
النقل والطرق السريعة يرتدي أيضا شارة الحزب في ماتالي وقال إنه مراقب
انقاذ متطوع.
وتابع "الحزب قام بجهود جبارة" إلا أنه امتنع عن تفسير عدم استغلال
خبرته كفني في النقل والطرق السريعة في اطار الجهود الرسمية.
وقد سكب السكان أيضا ماء باردا على مزاعمهم.
قال أحدهم إن سيريسنا ربما كان لصا يلتقط بعض الاشياء من الحطام
فزلت قدمه وانكسرت ذراعه.
وتابع "كان هناك اطلاق نار في المكان. الشرطة أطلقت النار لتخويف
اللصوص."
وكان آخرون أكثر تحديدا.
قال دبليو.دي. سوماسيري ويجوورا الذين يعيش عند أحد التقاطعات في
المكان نفسه "رأيته يحوم منذ أيام قبل أن أجده. لقد رأيناه في المنطقة
عدة مرات منذ الكارثة. يبدو أنه مخبول بعض الشيء. عرضنا عليه طعاما
وملابس لكنه رفض."
وقال "أنا متأكد من أن الكارثة اثرت عليه إلا أنه لم يكن بالتأكيد
أسفل انقاض ما دمرته. لقد رأيناه جميعا."
وفي أعقاب الكارثة امتلات صحف سريلانكا بقصص معجزات أغلبها لم يصمد
أمام مزيد من التدقيق.
وقالت وسائل الاعلام ان الكارثة التي قتلت الاف البشر لم تمس بسوء
أي حيوان بري في متنزه يالا الوطني بسبب "الحاسة السادسة".
الا أن مراسلي رويترز رأوا جيف غزال ونمس بعد يومين من الكارثة.
وتحدث كثيرون أيضا عن أن تمثالا واحدا لبوذا لم يتأثر بالكارثة حتى
عندما دمرت المعابد التي كانت فيها تلك التماثيل.
ومع أن الكثير من التماثيل لم تلحق بها فعلا أي اضرار إلا أن
التفسير الاكثر عقلانية للامر يشير إلى أن المعماريين وضعوا أفضل مواد
البناء لديهم وخلاصة خبرتهم في صنع التماثيل في المقام الأول ثم تأتي
المعابد في المرتبة الثانية.
وفي كل الأحوال شاهد مراسلو رويترز كثيرا من التماثيل التي أضيرت
على طول الساحل. وشوهد أحدها أثناء عملية ترميم قرب ماتارا بعد عشرة
أيام فيما كان أحد الرهبان يطلب من الزائرين التبرع من أجل هذه المعجزة.
ولا يعرف أحد قصة سيريسنا الحقيقية سواه.
وهو يرقد يوم الاحد على فراشه في مستشفى وقد وضعت ذراعه في جبيرة.
وقال الطبيب لاليث "مازال غير قادر على الكلام. ربما يخشى من الوقوع
في مشاكل. من منا يعرف." |