ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

إني اقترع

نــزار حيدر

الذين أصروا على الالتزام بالجدول الزمني لتقدم العملية السياسية الجديدة في العراق، كسبوا الجولة واحترام العالم، وذلك بالصبر والتأني وسعة الصدر والعظ على الجراح والحكمة والحوار المنطقي المعقول والأدلة السياسية الواقعية وتقديم المصلحة الوطنية العليا على المصالح الخاصة، وشعارهم قول الله عز وجل: (يا أيها الذين امنوا، اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)، وهم، بالمناسبة، الأغلبية المطلقة من العراقيين، ويدل على ذلك عدد القوائم الانتخابية والعدد الهائل من المرشحين.

أما الذين حاولوا وضع العصي في عجلة العملية السياسية، وهم بالمناسبة كذلك ــ الأقلية الضئيلة من الإرهابيين والموتورين والمترددين والخائفين ــ فحاولوا مثلا إلغاء أو تأجيل الانتخابات العامة التي ستجري في العراق نهاية هذا الشهر، فقد هزموا شر هزيمة، فأخزاهم الله في الدنيا وعلى رؤوس الأشهاد، لأنهم توسلوا بكل الطرق غير المشروعة لتحقيق غايتهم، فمارسوا لعبة القتل والتدمير وتفجير السيارات المفخخة وإطلاق القذائف بشكل عشوائي والقتل على الهوية وحز الرؤوس، وغير ذلك من الوسائل القذرة، يدعمهم بذلك، المال الحرام الذي تغدق به عليهم عدد من الأسر الحاكمة في المنطقة، فيما قدمت لهم أجهزة مخابرات دولية وإقليمية ومحلية، ما يكفي من الدعم اللوجستي، إلى جانب الغطاء الديني الذي وفرته لهم الفتوى الطائفية الحاقدة المستوردة من وراء الحدود، والتي أباحت لهم دم العراقيين، فاختطفوا الدين واخذوا الأهالي في عدد من المناطق العراقية، رهائن للضغط عليهم ومنعهم من المشاركة في العملية السياسية الجديدة، فيما صنع لهم النظام العربي الطائفي مظلة كبيرة يستظلوا في فيئها، يدافع عنهم في المحافل الدولية، ويتباكى على ما اسماه بمحاولات التهميش التي يدعي أن فئة من العراقيين تتعرض لها على يد الأغلبية المطلقة.

ولما فشلت كل هذه المساعي، حمل الناطق الرسمي باسمهم (وهو بالمناسبة من اشد الأعراب كفرا بالديمقراطية ونفاقا في المواقف السياسية، وأخطرهم على العراق على الإطلاق) ملفهم إلى واشنطن ليفتري على الأغلبية المطلقة ما لم ينزل الله به من سلطان، ليخيف الاميركيين من مخاطر وهمية أضحكت الناس، بينما راح اقرب أصدقاؤه يتندر ويشمت به ، بعد أن فشل في تسويق هذه المخاوف، اثر فشله، قبل ذلك، في تسويق الإرهابيين أنفسهم إلى جانب أيتام النظام البائد من الذين فروا من العراق ليجدوا في بلاده، ملاذا آمنا ينطلقون منه لتخريب العملية السياسية الجديدة، فعاد محبطا إلى بلاده، وبئس المصير، بما اقترفت يداه من كذب وتزوير وافتراء.

الانتخابات العامة، إذن أصبحت تحصيل حاصل، سيشهدها العراق نهاية هذا الشهر، رغما عن انف أعدائه، ولكن السؤال المهم الذي يلح في الإجابة، هو، ماذا يعني الإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر ؟ وماذا ستحقق ؟.

برأيي، فان الذين أصروا على الموعد، وأنا منهم، انطلقوا من الحقائق التالية:

أولاُ: لأنهم حريصون اشد الحرص على سيادة العراق ووحدته.

فكما هو واضح، فان حرب إسقاط النظام الديكتاتوري، سلبت العراق سيادته، وان الإرهابيين باتوا يهددون وحدته، ويدفعون باتجاه التقسيم والتجزئة، إذ ليس من المعقول أن تظل الأغلبية المطلقة من الشعب العراقي تتحمل الموت على أيدي هذه العصابات الخارجة عن الدين والقانون ، إلى ما لا نهاية، من دون أن تفكر بكل الطرق المشروعة للدفاع عن نفسها، خاصة وان الحكومة الانتقالية المؤقتة فشلت فشلا ذريعا في السيطرة على ظاهرة العنف والإرهاب.

فمن اجل إعادة السيادة الوطنية إلى البلاد، وإيقاف الإرهابيين عند حدهم، والحيلولة دون تجزئة العراق، يرى العراقيون بأن الانتخابات العامة، هي الطريق الأسلم لتحقيق ذلك، لأنها ستنزل أقسى الهزيمة المعنوية بالإرهابيين، وتشرد بهم من خلفهم، وستصيبهم باليأس والإحباط إلى درجة كبيرة.

لقد اثبت المصرون، على أنهم من احرص الناس على سيادة العراق، وأنهم من اشد الناس حرصا على وحدة العراق، أما الذين ظلوا يتشبثون بشعارات السيادة والوحدة، في القول فقط من دون العمل على تحقيق ذلك، فلقد اثبتوا لكل ذي عين بصيرة أو ألقى السمع وهو شهيد، بأنهم لا يعبأون بسيادة العراق إذا ما انزوت عنهم السلطة، وان وحدة العراق بالنسبة لهم، شعار يتسلقون به جدران القصر الجمهوري للوصول إلى السلطة فحسب، وان نالوا مرامهم على ظهر دبابة في منتصف الليل والناس نيام، والا، كيف يمكن أن يقنعنا هؤلاء بأنهم مع سيادة العراق ووحدته ، عندما يستنفرون كل قواهم ويتوسلون بكل طريق غير مشروع، لعرقلة تقدم العملية السياسية الجديدة ؟ ألا يعني ذلك، أن ألسنتهم مع سيادة العراق ووحدته، أما سيوفهم فعليهما ؟.

إنهم يعرفون قبل غيرهم، بان عرقلة إجراء الانتخابات العامة في موعدها المحدد، لا يستفيد منه إلا الإرهابيون وأعداء العراق والمتربصون به الدوائر، وان أية عرقلة من هذا النوع، ستؤجل السيادة ، وذلك للارتباط العضوي بين جدولة إنهاء الاحتلال وتقدم العملية السياسية، كما نص على ذلك قرار مجلس الأمن الدولي المرقم (1546)، كما أنها تهدد وحدة العراق بالصميم، ولا أقول تهدد بحرب أهلية، لان خطر التقسيم بدا اليوم ماثلا للعيان أكثر من غيره، فكيف يريدون أن يقنعوا العراقيين بأنهم مع العرقلة والسيادة والوحدة في آن واحد ؟

وكلنا نعرف، بان المتناقضات لا تجتمع أبدا، وان الخطين المتوازيين لا يجتمعان مطلقا، مهما امتدا ؟.

انه التناقض المكشوف الذي أماط اللثام عن حقيقة نواياهم، فلم يعد أحدا يصدق ادعاءهم في كونهم حريصين على سيادة العراق، أو على وحدته، بل على العكس، فإنهم ضد السيادة، ولا يعبؤون بوحدته، لا زالت السلطة بعيدة عن متناول أيديهم.

وأقول بصراحة، فان الأغلبية ستظل تتحمل دفع فواتير الحرية والشراكة الحقيقية، لا زالت أنها ترى في نهاية النفق أمل كبير بظهور المولود الجديد، أما إذا يئست من ذلك، وأحست بالمؤامرة تلتف حول عنقها مرة أخرى، والتي بدأت تحملها من التضحيات والموت والدمار فوق طاقتها، ومن دون أي بصيص أمل، فإنها ستبدأ بالتفكير أولا ثم اللجوء إلى كل الخيارات الأخرى، حتى المرة منها، إذ لا يعقل أن تظل تتحمل التضحيات على طول التاريخ، من دون نتيجة، ولذلك أقول، بان لجوء الأغلبية المطلقة لأي خيار سلبي، إنما يتحمل مسؤوليته، المعرقلون الذين فرطوا بكل شئ من اجل مصالحهم الأنانية الضيقة.

ثانياً: لان الذين الحوا على الالتزام بموعد الانتخابات العامة، يكرهون الاحتلال، ويرفضون استمراره على ارض العراق الطاهرة، فهم يريدون تثبيت جدولة انسحابه في أسرع وقت ممكن، ولا يتحقق ذلك، كما هو معروف، إلا بعد أن ينتخب العراقيون حكومتهم الشرعية التي ستتشكل عبر صندوق الاقتراع، لتبت بهذا الملف المصيري، أما المعرقلون، فلا يهمهم كثيرا متى سيترك الاحتلال بلادهم، إنما المهم عندهم هو، كيف سيضمنون العودة إلى السلطة، سواء بقي الاحتلال، أم غادر البلاد، لأنهم، كذلك، يعرفون قبل غيرهم، بان الاحتلال سوف لن يترك العراق إذا ما تعرضت بعض قواته للقتل، وان تأجيل الانتخابات أو عرقلتها أو إلغائها، لا فرق، سوف يعطي المبرر والذريعة للاحتلال للبقاء مدة زمنية أطول، وان قتل عناصر الحرس الوطني العراقي، وبالجملة، سوف يعرقل مهام العراقيين في استلام زمام الأمور ونقل ملفات الأمن والنظام من يد الاحتلال إلى العراقيين أنفسهم، فكيف يريد المعرقلون إقناعنا بان الإرهاب يقصر من عمر الاحتلال ؟ وان مقاطعة الانتخابات سيجبره على ترك العراق ومغادرته ؟.

ثالثاً: إنهم قلقون على الفراغ الدستوري الرهيب الذي أصاب العراق منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام (2003).

وكما هو واضح، فان أي فراغ دستوري لا يمكن ملؤه بالتعيين، أو بإرادة المحتل، أبدا، وإنما يمكن ملؤه قانونيا، بإرادة شعبية حرة، لا تأتي إلا عن طريق صناديق الاقتراع، بانتخابات حرة ونزيهة.

والغريب، أن المعرقلين أشكلوا على شرعية مجلس الحكم يوم عينه المحتل، واشكلوا على تشكيل الحكومة الانتقالية المؤقتة الحالية، وحجتهم في ذلك، أنها معينة من قبل المحتل، وهو كلام معقول وصحيح إلى حد كبير، ولكن، عندما طالبت أغلبية العراقيين بإجراء الانتخابات لمنح الحكومة العراقية المرتقبة الشرعية اللازمة، استشكلوا على الانتخابات كذلك، وراحوا ينعتونها بصفات شتى، فماذا يريدون إذن ؟ وما هي خطتهم لمنح العملية السياسية، الشرعية المطلوبة ؟.

إنهم فنانون في عمليات التخريب والنسف والتشكيك، ولكنهم، في نفس الوقت، أميون سياسيا، يجهلون الحلول الممكنة، وان دل ذلك على شئ فإنما يدل على قصور في الفهم، إذا أحسنا الظن بنواياهم، أو متورطون مع الإرهاب، بشكل من الأشكال، ويريدون إعادة عقارب الزمن إلى الوراء ، إذا شككنا في نواياهم، وهذا ما يميل إليه اغلب العراقيين.

المصرون، إذن، يستعجلون الانتخابات العامة، لأنهم حريصون على ملء الفراغ الدستوري في أسرع فرصة ممكنة، لأنهم، من جانب آخر، مستعجلون في بناء مؤسسات الدولة العراقية الجديدة التي دمرتها سياسات النظام الشمولي البائد، وحرب إسقاط الصنم، والإرهاب الدموي المصدر من دول الجوار، الخائفة على عروشها من النموذج العراقي الجديد، أما المعرقلون، فغير مستعجلين كل ذلك، لا زالت السلطة بعيدة عن منالهم، وليست في متناول أيديهم، وشعارهم (علي وعلى أعدائي).

رابعاً: كما أنهم يصرون على وجوب احترام كل الالتزامات التي تعهدت بها القوى والشخصيات العراقية منذ إسقاط النظام ولحد الآن، إلى جانب التزامات المحتل التي قطعها على نفسه، سواء تلك التي وردت في الاتفاق الموقع بين مجلس الحكم المنحل والإدارة المدنية الاميركية، أو الواردة في قانون إدارة الدولة المؤقت، أو التي وردت في قرارات مجلس الأمن الدولي ومؤتمر شرم الشيخ، أو في بقية الوثائق العراقية والدولية، وعلى رأسها الجدول الزمني لتقدم العملية السياسية.

إنهم يريدون أن يتعلم الجميع، كيف يفون بعهودهم على اعتبار (إن العهد كان مسؤولا)، ليتعلموا كيف يحترموا مواثيقهم، وكيف يحترموا إرادة الشعب، فلا يتجاوزوا على حقوقه، أو يعتدوا على إرادته، أو يسلبوا منه أي حق من حقوقه الأساسية، أو يستهزئوا برأيه أو يستخفوا بعقله، أو يزوروا إرادته، وإذا كان من  حق احدهم أن يسلب من نفسه حقا من حقوقه، أو يحرمها من ممارسة حقها العام، فذلك شأنه، ولكن ليس من حقه مطلقا، أن يسلب الآخرين حقوقهم، كما انه ليس من حقه أن يمنع الآخرين من التمتع بإرادتهم أبدا.

أما المعرقلون، فلقد تعلموا نقض العهد على مدى نيف وثلاثين سنة، وهي المدة التي قضوها في السلطة مستحوذين على كل شئ، ولذلك فهم لا يشعرون بأي نوع من الحرج إذا ما نقضوا عهدا أو الغوا اتفاقا كانوا قد وقعوا عليه، أو تجاوزوا على إرادة العراقيين أو زوروا وثيقة، لان ديدنهم نقض العهد، وعادتهم الانقلاب على تواقيعهم، وقديما قيل (إن العادة التي في البدن، لا يغيرها إلا الكفن).

وعلى ذكر (المعرقلون) هنا، فانا اعتقد بأنهم باتوا اليوم على أنواع، كشفت عن هوياتهم الأيام وتقادم الزمن ؛

فمنهم الإرهابيون الذين يقتلون أنفسهم من اجل الحيلولة دون مشاركة الأغلبية الساحقة من العراقيين في السلطة الجديدة.

إنهم يريدون أن يستأثروا بالسلطة بأي شكل من الأشكال.

وهؤلاء هم زمر من السلفيين الإرهابيين، وعناصر من أيتام النظام الشمولي البائد، وعدد من المرتزقة الأجانب، من الذين يمارسون لعبة الموت ضد المواطن العراقي مقابل حفنة من المال، أو صك من صكوك الغفران التي وعدوا بها الجنة.

ومنهم المدارون الذين يهمهم جدا أن يرضى عنهم زعماء الإرهابيين، أو ممن يخشون تهديداتهم، كما هو الحال مع الحزب الذي كان يدعي بأنه يمثل نسبة (65) بالمئة من العراقيين، وإذا به يعلن فجأة عن انسحابه من الانتخابات، وكأنه يستجيب لنداء فتوى كبير الإرهابيين (إذ تزامن إعلان الانسحاب مع الفتوى) والذي حرم بها المشاركة في الانتخابات، ثم أشفعها ببيان اعتبر فيه صناديق الاقتراع، هدفا عسكريا مشروعا لعملياته الإرهابية، ليثبت للعالم بأنه يستهدف أولا وأخيرا، العملية الديمقراطية لا غير، فاعتبر مثلا أن الانتخابات ممارسة الكافرين، وان الديمقراطية ثقافة الحادية، وان التعددية مفهوم خارج عن قيم الدين الحنيف، الذي صاغه لأتباعه بعقله المريض، وهكذا.

هذا النوع من المعرقلين، يهمهم جدا أن يداروا لقمتهم، فعلوا ذلك أيام النظام الشمولي البائد، فظلوا في خدمته حتى الرمق الأخير، ويفعلون ذات الأمر اليوم مع الإرهابيين، وشعارهم قول القائل ؛ (الصلاة خلف علي أتم، والقصعة مع معاوية أدسم، والوقوف على التل اسلم) ولكن، إلى متى ؟ ذلك هو السؤال ؟.

ومنهم الذين يئسوا من احتمال الفوز بالانتخابات، ففكروا بالانسحاب من حلبة المنافسة أو السعي للتأجيل أو العرقلة، قبل الفضيحة، لحفظ ماء الوجه، على طريقة (إذا عمت، هانت) إذ ستضيع النتيجة على الناس إذا ما تأجلت الانتخابات، وفي المستقبل (الله كريم) كما يقول العراقيون، إذ وقتها (لكل حادث حديث).

هؤلاء، في الحقيقية، هم أغلبية الذين انقلبوا فجأة على الانتخابات وراحوا يعرقلونها، فيما كانوا إلى الأمس القريب من اشد المتحمسين لإجرائها في الوقت المحدد، فما عدا مما بدى ؟.

هذه الشريحة من المعرقلين، حاولت مرارا تقمص لباس الديمقراطية في شخصيتها، إلا أنها فشلت في نهاية المطاف، وذلك لسبب بسيط، ألا وهو، أنها لا تؤمن بالديمقراطية في قرارة نفسها، ولذلك فهي لم تمارسها داخليا طوال حياتها الحركية والسياسية، فهل يعقل أنها ستمارس الديمقراطية مع الآخرين، وقد تذوقت حلاوة المنصب اشهر معدودة ؟.

صحيح، أن بقية التيارات السياسية على هذه الشاكلة كذلك، ولكن يبدو لي أن غيرها قرر أن يتغير وصمم على ذلك، فنجح، أما هذه الشرائح ، فيبدو أن إرادتها السياسية كانت اضعف من أن تحقق التغيير الذاتي، لذلك فشلت وانهزمت.

لقد أيقن أمثال هؤلاء، النتيجة، ولأنهم لا يستطيعون الإفصاح عنها ، فكروا في مكيدتهم التي تعود بتاريخها إلى داهية العرب (عمر بن العاص) عندما احتال على زميله المخدوع، في قصة التحكيم المعروفة، فتراهم تارة يتحججون بالوضع الأمني الذي تشير بعض التقارير الخاصة إلى إنهم متورطون في التستر على الإرهاب، لتشجيعه، أو مساهمون في تسهيل مهامه، لتصعيده، وأخرى بالخوف من تهميش شريحة لصالح شريحة أخرى، وثالثة، التباكي على عروبة العراق، ورابعة التخويف بالهلال الشيعي، وخامسة... وسادسة... الخ.

ينطبق هذا الأمر على الكثير من العناصر والأحزاب، منهم الوزير الذي تقول عنه قبيلته بأنه مصاب بلوثة عقلية، والذي استغل منصبه لملء الدنيا بتصريحات لا مسؤولة أحرقت كل أوراقه السياسية، وسفنه الانتخابية.

يدخل في هذا الإطار، كذلك، الزعيم الحكومي البارز الذي ذكرت الأنباء الخاصة بأنه تلقى توبيخا قاسيا وقويا جدا من الرئيس بوش، عندما هاتفه قبل يومين في محاولة منه لإقناعه بضرورة القبول بتأجيل الانتخابات لمدن شهرين على الأقل، وأضافت تقارير المحللين تعقيبا على هذه المحادثة الهاتفية بان المتحدث العراقي لمح للرئيس الاميركي عن خشيته من الهزيمة بالانتخابات، ولذلك طالب الرئيس بالتأجيل.

كما ينطبق هذا الأمر كذلك، على فلول تيارات اليسار واليمين والقوميين والديناصورات القديمة التي يعود تاريخها إلى العهد الملكي، من الذين وعدوا بقوائم وطنية، يتحالفون فيها مع أصدقاء لهم سابقون ليفاجأوا بالحلفاء وقد قلبوا لهم ظهر المجن، خشية المراهنة على حصان خاسر. وهكذا.

وصدق الله العظيم في محكم كتابه الكريم، إذ يقول ؛ (فأما الزبد فيذهب جفاءا، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).

إن كل هؤلاء، إنما يدعمون الإرهاب بمواقفهم، شاؤوا ذلك أم أبوا، فالذي يقدم سلامته على سلامة العراق، أو مصلحة حزبه أو حركته على مصلحة العراق، إنما يقدم الهدية إلى الإرهابيين على طبق من ذهب، لان العراقيين اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما الإرهاب، أو الديمقراطية.

يجب أن لا يمنح العراقيون أمثال هؤلاء أية هدية على أخطائهم، ليتعلموا كيف يجب أن يدفعوا ثمن أخطائهم، بالتهميش أو خسارة الدور أو الإقالة، لا فرق، المهم أن يدفعوا الثمن، ليتعلموا كيف يصغون إلى نصيحة الناصح المشفق، ويتعلمون كيف يجردوا حساباتهم بشكل صحيح، فكما أن الأغلبية التي حققت نجاحاتها بالصبر والروية، ضحت بالغالي والنفيس من اجل الوصول إلى الهدف، وبالوسائل السلمية، ومن دون التورط بالعنف ، أو مجاملته، كذلك، يجب أن يدفع المعرقلون ثمن أخطائهم، إذ لكلا النجاح والفشل، ثمن يجب أن يدفعه أصحابه، أليس كذلك ؟.

لقد دعم المعرقلون الإرهاب بمواقفهم المترددة، وضبابية مواقفهم السياسية، ومحاولاتهم إمساك العصا من الوسط، ولهذا السبب يتهمهم العراقيون بدعم الإرهاب من حيث يريدون أو لا يريدون، لدرجة أنهم أصبحوا اليوم ضحية مجموعات العنف والإرهاب التي أخذت قواعدهم الشعبية أسرى ودروع بشرية، للحيلولة دون مشاركتهم في الانتخابات، على الرغم من أن جل هذه القواعد، تريد أن تشترك في العملية السياسية، وبشكل ايجابي.

اجزم، أن زعماء أحزابهم وقياداتهم الدينية، هي التي مكنت الإرهابيين من السطوة والتمدد وقوة البطش، وذلك بمواقفها السيئة، وهي التي ضخمت خطرهم، لدرجة، بات من الصعب عليهم اليوم التحكم في اتجاهاتهم السياسية الحركية الخاصة، والا، لماذا تضخم خطر الإرهاب في مناطق محددة ولم يتضخم في مناطق أخرى ؟ ولماذا نجح الإرهاب في إملاء أجندته وشروطه وتوجهاته على مناطق معينة، فيما فشل في مناطق أخرى ؟.

لقد مر عامان على جدلية الانتخابات العامة، والمعرقلون مشغولون بحل لغز الفلسفة السفسطائية التي تتساءل ؛ (أيهما أولا، البيضة أم الدجاجة؟ ) حتى إذا انقضى الزمن ومرت الفرصة عليهم من دون أن يشغلوا أنفسهم وقواعدهم وجمهورهم بالأساسيات المتعلقة بالانتخابات، راحوا يندبون حظهم، ولذلك، فان أي تهميش أو خسارة قد تلحق بهم في الانتخابات العامة، إنما ستكون نتيجة طبيعية للخطأ الفادح الذي ارتكبوه، وعليهم أن يتحملوا وزر خطئهم بمفردهم، وان لا يسعوا لفرضه على الآخرين، والسعي  لتحميلهم ما لم يرتكبوا من أخطاء.

يبقى أن أجيب على سؤال طرحه علي كثيرون. يقول السؤال ؛ لصالح أي القوائم سأعطي صوتي ؟ ولماذا ؟.

وقبل أن استرسل بالجواب، أود أن أوضح فكرة في غاية الأهمية، وهي:

إنني عندما أعطي رأيا لصالح قائمة ما، فهذا لا يعني بالضرورة أنني ضد القوائم الأخرى، أبدا، كما أن الأسباب التي أسوقها كدليل يدفعني لدعم قائمة انتخابية ما، فهذا لا يعني أن بقية القوائم تتصف بالنقيض من كل هذه المميزات، أبدا، إذ، كذلك فان هناك قوائم محترمة من بين مجموع القوائم المدرجة، ولذلك أرجو أن يكون هذا واضحا قبل الإجابة على السؤال.

وإذا كان ولابد من اختيار قائمة واحدة فقط، من بين العشرات، فانا شخصيا سأمنح صوتي إلى قائمة (الائتلاف العراقي الموحد)، والتي شعارها (الشمعة)، وتحمل الرقم (169)، ويتزعمها السيد عبد العزيز الحكيم، وذلك للأسباب التالية :

أولاً: لأنها قائمة ائتلافية واسعة، ينضوي تحت عنوانها، عدد كبير من الاتجاهات والتيارات والشخصيات والاختصاصات، الدينية والسياسية والأكاديمية، الحزبية منها والمستقلة، ومن كلا الجنسين، وبمختلف الأعمار القانونية من الكهول والشباب، ما يعني أنها تمثل مختلف شرائح المجتمع العراقي، وتغطي أوسع مساحة جغرافية.

ولأنني اعتقد بان العراق في ظل الظروف الحالية، بحاجة إلى أوسع ائتلاف سياسي، حتى لا نمنح الفرصة لأحد بان يستحوذ على القدرة، ويستولي على كل شئ، ومن اجل أن نمنح أنفسنا هامشا كبيرا من الحركة والتحالفات والحوار وتبادل الأدوار ووجهات النظر، لذلك قررت أن أعطي صوتي إلى هذه القائمة التي لا يستحوذ عليها تيار بعينه، أو شخص برسمه ، إذ أن فيها عدد كبير من الزعامات القوية في شخصيتها، بما لا يمكن أن تباع أو تشترى، أو حتى تنصاع للضغوط، أو تبتز بمواقفها.

ثانياً: لان هذه القائمة خالية من أيتام النظام الشمولي المقبور، بل أن كل عناصر هذه القائمة، هم من ضحايا الطاغية الذليل صدام حسين، هذا يعني أنها ستمنحنا الاطمئنان، فيما إذا فازت، من أنها سوف لن تسعى لإعادة تأهيل ازلام النظام البائد، بأي شكل من الأشكال، بل على العكس، فإنها ستبذل كل جهدها من اجل إنصاف ضحايا النظام البائد، أو هكذا يجب أن تكون على الأقل، وتعويضهم عن سني، بل عقود، الحرمان والقهر والذل والظلم، التي مرت عليهم، في ظل النظام الشمولي الطائفي المقبور، وأنها ستعمل من اجل تحقيق نهضة شاملة في كل العراق، خاصة المناطق التي ظلت محرومة من ابسط مقومات الحياة الحرة الكريمة، بسبب سياسات النظام البائد الشوفينية والطائفية والعنصرية المقيتة، التي تضرر منها كل العراق، أرضا وشعبا وخيرات، وكل شئ.

ولان مرشحي هذه القائمة، من ضحايا النظام المقبور، ممن تذوقوا مرارة الظلم والحيف والقهر الذي لحق بالأغلبية المطلقة من العراقيين، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو المذهبي أو الاثني، لذلك، اعتقد جازما، بأنهم سوف لن يفكروا في ممارسة الظلم والحيف ضد أي شريحة من شرائح المجتمع العراقي، وهذا ما يطمئننا إلى أنهم سيقيمون العدل والإنصاف بين العراقيين على حد سواء، من دون استثناء أو تمييز، وبغض النظر عن انتماءاتهم، فهم سوف لن يفكروا بالانتقام تحت أي ظرف أو مسمى أو سبب، وكل ذلك يطمئننا إلى أننا سوف لن نشهد عودة إلى الماضي المظلم أبدا، بإذن الله تعالى.

ثالثاً: لا أخفي هنا إعجابي بالبرنامج السياسي الذي صدر عن هذه القائمة، ما شجعني للتفكير في أن أمنح صوتي لها.

صحيح أن البرامج السياسية في فترة التنافس الانتخابي الساخن، تبقى شعارات ودعايات انتخابية، تفتقر في اغلب الأحيان إلى المصداقية، إلا أنني اعتقد بان هذه القائمة ستعمل جاهدة من اجل تحقيق ما دونته في برنامجها الانتخابي.

رابعاً: كما أن لعلاقاتي الوطيدة مع جل مرشحي القائمة، دور في تحديد موقفي الايجابي من هذه القائمة، من الذين اشهد لهم بالحرص الوطني العالي، والتاريخ الجهادي والنضالي ضد الاستبداد والديكتاتورية، والممتد إلى عقود طويلة من الزمن، بالإضافة إلى نزاهتهم ووعيهم وكفاءتهم وأمانتهم وقدرتهم على تثبيت الحقوق الوطنية لكل مواطن عراقي ينتمي إلى العراق الحبيب فحسب.

وإذا أضفت إلى كل ذلك، دعم عدد كبير من المرجعيات والقيادات.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثنين 10/1/2005 - 28/ ذو القعدة/1425