إن الفلسفة النسوية المعاصرة المبنية على الدماثة الأنثوية والمرونة
التامة في التلقي والرعاية والإصغاء المنفتح للطبيعة في المعرفة
العلمية الواعية تعطي إنتاجاً غزيراً وإلماماً شاملاً للجزئيات في كل
واحد تؤتي أكلها الإبداعية، وتضيف بعداً جديداً إلى فهمنا للإنسان
وملكاته الإدراكية وقيمه الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، ويغدو العلم
أكثر حيوية وفاعلية، ويؤدي إلى حصائل أكثر سخاءً وتوازناً وأقل أضراراً
جانبية من قبيل تدمير البيئة وتصنيع أسلحة الدمار الشامل واتخاذه أداة
لقهر الثقافات والشعوب الأخرى.
والأحداث الأخيرة وأعنفها الزلزال الهائل الذي نشر الدمار على سواحل
عدد من دول المنطقة والذي استمر ثلاثة أيام بمحصلة قتلى تجاوز السبعين
ألف قتيل، بفعل الأمواج العاتية التي تسبب فيها أقوى زلزال يشهده أي
جزء من العالم منذ (40) عاماً، ليس إلا نتيجة للاستبداد الذكوري
السلطوي التنافسي القصير المدى في العلم والتكنولوجيا، والنتيجة مزيداً
من التلوث البيئي والتسرب الإشعاعي وإنهاك التربة وتبديد الموارد
الطبيعية.
وتقول الأمم المتحدة أنها تواجه صعوبات كبيرة غير مسبوقة لتوفير
المعونة إلى الناجين في عشر دول تمتد من اندونيسيا إلى الصومال مع توقع
ارتفاع عدد القتلى وأعداد كبيرة من الأشخاص المفقودين وانتشار السلب
ونقص المواد الغذائية وعزل مدن كاملة تحت الماء، إضافة إلى توقعات
انتشار الأوبئة بشكل كبير جداً.
وعلم البيئة من حيث هو علم أنظمة يجسد الرؤية الأنثوية الكلية،
يظهرنا على أن الحياة شبكة من العلاقات المتبادلة بين الكائنات
وبيئاتها، ومن ثم تتأثر المنظومة بأسرها حين استئصال نوع واحد من
الأنواع الحية، يظهرنا علم البيئة على أن التبديد السفيه والسحب المتلف
من الرصيد البيئي لسد الحاجات العاجلة إنما هو فقر حقيقي ورخاء وهمي لا
يحل أزمة بل يرجئها ويرحلها إلى الأجيال القادمة، إن اللهاث التكنولوجي
القصير النظر قد انتهى بنا إلى تلوث بيئي وأمطار حمضية وتسرب إشعاعي
وأصاب أرضنا بالحمى. ويوشك أن يجعلها كوكباً غير صالح للسكنى.
ومن التأثيرات الكلية للكارثة التأثير الاقتصادي حيث أثرت موجات
المد العارمة التي دمرت مناطق في آسيا وقتلت عشرات الآلاف على شركات
واقتصادات وأسواق في شتى أنحاء العالم قال رئيس مكتب الأمم المتحدة
لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الخسائر ستصل إلى مليارات الدولارات تشمل
خسائر التصليح والشركات المقفلة والأسواق وحركة الطيران والسفن
والسيارات والقطارات والبطالة وغيرها مما يؤثر فيه بوجه أو بآخر.
إذن إن لم تتغير نظرة العلماء والساسة وأصحاب الشركات المسيطرة إلى
الكون والبيئة ولم يعمل على الحد من استهلاك الموارد والتلوث البيئي
فلننتظر المزيد من الكوارث والحوادث. |