قال كاتب فلسطيني مُقيم بالولايات المتحدة ان الرأي العام الأمريكي
منغلق على ذاته نافيا أي تأثير لمفكرين أمريكيين ينتقدون السياسات
الخارجية لبلادهم التي لا يحاول اليمين الحاكم فيها "أن يتستر على وجهة
نظره العنصرية."
وأضاف محمد جلال عناية الذي يزور مصر حاليا في مقابلة مع رويترز أن
الرأي العام الأمريكي "شديد التعقيد وليس وحدة متجانسة. تعنيهم قضيتا
البطالة والضرائب في المقام الأول وفيما عدا ذلك فهم منغلقون على الذات
ولا يشغلون أنفسهم بقضايا خارج حدودهم."
ومضى موضحا أن الأمريكيين "عاشوا طويلا بين محيطين (الهادي والأطلسي)
منعزلين عن التأثر بما يحدث خارج بلادهم بما في ذلك كوارث الحربين
العالميتين الاولى والثانية إذ لم تصل طلقة رصاص واحدة الى حدودهم.
"لهذا السبب كانت هجمات 11 سبتمبر أيلول فظيعة في المفاجأة والنتيجة
الكارثية. أحسوا بالفزع بعد وصول التهديد الى ترابهم الوطني."
ونفى عناية أن يكون للمفكرين الأمريكيين المعارضين للسياسة الخارجية
لحكومتهم تأثير على توجهات هذه السياسة أو على الرأي العام ومن أبرزهم
عالم اللغويات نعوم تشومسكي أبرز منتقدي السياستين الأمريكية
والاسرائيلية في مؤلفاته ومنها (الحادي عشر من أيلول.. الارهاب
والارهاب المضاد) و(القوة والارهاب.. جذورهما في عمق الثقافة الامريكية)
و(هيمنة الاعلام.. الانجازات المذهلة للدعاية).
وقال عناية ان "تشومسكي الذي يحظى بحفاوة في العالم العربي تحديدا
ليس له تأثير في أمريكا لأنه مجرد فرد لا يمثل تيارا سياسيا كما أنه لا
يتحكم في المصالح الاقتصادية التي ينصرف تفكير المواطن الأمريكي اليها
بشكل مباشر.
"نحن (العرب) نهلل لتشومسكي كممثل للثقافة التي تتبنى قضايا تتماس
مع بعض القضايا العربية ولكننا لا نعرف الصورة كاملة ولابد أن نعرف من
معنا ومن ضدنا."
وصدر لعناية (70 عاما) في مصر هذا الشهر كتاب (الفكر السياسي في
أمريكا) وعرف نفسه على الغلاف الخلفي بأنه "كاتب أمريكي من أصل عربي."
وفي الكتاب الذي بلغ عدد صفحاته 176 صفحة يرصد المؤلف تطور الفكر
السياسي في الولايات المتحدة منذ بداية القرن السابع عشر الى الآن
متوقفا أمام أهم المحطات في هذه الحقبة ومنها إعلان الاستقلال عام 1776
على يد لجنة رأسها توماس جيفرسون حاكم ولاية فرجينيا ومؤسس جامعتها قبل
أن يصبح الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية.
وقال ان جيفرسون الذي ولد عام 1743 كان يؤمن بمبدأ "التسامح بين
جميع الاديان والفصل الحاسم بين الكنيسة والدولة ويعتبر بحق النصير
الاول لحرية العقل وحرية التعبير في أمريكا."
وأضاف أن ما وصفه بمشاكل العنصرية شكلت جزءا من التاريخ الامريكي
منذ اكتشف كريستوفر كولمبوس أمريكا عام 1492 حيث أراد "توماس جيفرسون
أن يتضمن اعلان الاستقلال نصا ضد العبودية ولكنه لم يفلح في وجه اعتراض
الولايات الجنوبية واعتراف الدستور الامريكي بوجود الرق.
"مع بعض الاستثناءات تتلاءم العنصرية الامريكية مع اليمين السياسي.
هذا اليمين لا يحاول أن يتستر على وجهة نظره العنصرية."
وأشار الى أن كثيرا من الأصوات في أمريكا ترى أن الرئيس جورج بوش "وقع
ضحية المحافظين الجدد لانه يسهل الاحتيال عليه."
وسخر عناية الذي يقيم بأمريكا منذ عام 1990 من فكرة تشكيل لوبي عربي
في الولايات المتحدة موضحا أن العرب يشكلون جاليات تتسم بضيق الافق
السياسي يكون ولاؤها الى أقطارها "فالجالية العراقية مثلا تصير في
انقساماتها الى سنة وشيعة وكلدان. العيوب والمشكلات العربية يصطحبها
العرب معهم الى هناك. دائما يحرصون على وجود الطابع القطري المحلي لا
العربي في عمومه.
"ولكن اليهود استطاعوا أن يكونوا يدا واحدة رغم قدومهم من أقطار
مختلفة."
المصدر: رويترز |