المؤلف: د. محسن باقر القزويني
المواصفات: الطبعة الأولى 1425هـ - 2004م
(376) صفحة من القطع الكبير
(المعارضة وممارسة السلطة أصبحتا في أيامنا هذه وجهان لعملة واحدة،
فالذي يعارض اليوم يصبح حاكماً غداً، ثم ينزلق إلى المعارضة بمجرد
خروجه من السلطة لأي سبب كان).
نقرأ في المقدمة:
.... لعبة الديمقراطية اليوم.. لعبة خالية من اللون الرمادي فإما أن
تكون في السلطة أو تعارضها.
وفي لعبة السلطة تسقط المعاني فالذي يعارض لا يدري لماذا يعارض،
والذي يحكم لا يدري لماذا يحكم، لأنه يعارض من أجل إسقاط خصمه وأنه
يحكم حتى يسد الطريق أمام الخصم، بهذا المنطق تحكم الشعوب اليوم في
أرقاها من الحضارة وحتى أدناها من الشعوب المغمورة العائشة في مجاهيل
أفريقيا.
أما منطق الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي ولد واستشهد
قبل أربعة عشر قرناً فخلاف ذلك.
فقد خاض علي (عليه السلام) المهمتين خاض غمار المعارضة ومارس السلطة،
فكان رجل المعارضة الذي يعارض بمنطق الممارس للسلطة، ويقدم النصح
والمشورة لتكريس العدل والحرية لكي تبقى السلطة في خدمة الناس حتى لو
كان الحاكم شخصاً آخر.
وكان رجل الدولة أيضاً الذي يحكم بمنطق المعارضة يعارض ولاته ويعارض
شعبه عندما يريد الخروج عن المبادئ.
هذه هي فلسفة علي (عليه السلام) في السياسة.
معارض يمارس السلطة
وحاكم يمارس المعارضة
كل ذلك من أجل التغيير والبناء
فالهدف واحد ومتغيرات الزمان والمكان لا تغير من مبادئه شيئاً.
ونقرأ في محور (الكتابة عن علي (عليه السلام).
الكتاب عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أشق الأعمال لأنها نزال
مرير مع أطنان من الروايات والأحاديث الموضوعة أما من المعادين أو
المغالين، فكان لا بد من أخذ العدة والحيطة في تفحص ما تناقلته كتب
المؤرخين والمحدثين و المفسرين... ولا أبالغ إن قلت أن الوقت والجهد
الذي أخذهما مني هذا الكتاب يعادل أربعة كتب في مواضيع أخرى ولا أريد
بهذا القول أن أمن على أحد... فكل ما كتبته وما كتبه والأقلام الخيرة
عن علي (عليه السلام) لا يعادل موقفاً واحداً من مواقفه في خدمة
الإسلام والبشرية.
ثم نقرأ في محور (خلق رأي عام حول الخلافة):
لم يكن الإمام طامعاً في كرسي الخلافة وهذه حقيقة يمكن أن يلمسها كل
مؤرخ مطلع على سيرته بعد أن أتته الخلافة عام 35 للهجرة فقد كان همه
الأول والأخير هو تثبت الإسلام بعد الذي لحق به خلال العقود الماضية..
فتسليط الأضواء على حياة الإمام... بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم)... علي كان يرى نفسه الأحق بالخلافة من الآخرين وهذا ما
كانت تراه الأكثرية المطلقة من المسلمين... وعلي رغم شعوره بالأحقية
إلا أنه لم يندفع اندفاعة المتهالك إلى الخلافة..
... الإمام.. راح يخطب بالمهاجرين من أجل صنع رأي عام حول موضوع
الخلافة، طريقة الانتخاب، مؤهلات المرشحين فقال: يا معشر المهاجرين
الله الله.. إن أهل البيت أحق بهذا الأمر.
وعلى الرغم من اقتناع الإمام علي (عليه السلام) بعدم جدوى محاولاته
هذه لأن كل شيء قد تم وبويع أبو بكر.. إلا أنه ومن أجل توكيد المبدأين
الأساسيين وهما:
لا يصح الانتخاب في غياب أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم).
الانتخاب هو حق لمن تم التأكيد عليه من قبل رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم).. وهنا نلاحظ الإمام في موقف أخلاقي رائع إذ يقدم
المصلحة الإسلامية العليا على المصلحة الإسلامية الخاصة وينسى خلافاته
ويصمت عن حقه وحق عائلته الكريمة ويبدأ بإيجابية بالتعاون مع السلطة
لمواجهة الأخطاء المحدقة.
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع (بيروت –
لبنان).
www.daraloloum.com
E-mail:info@daraloloum.com |