من مآسي شعبنا العراقي النبيل بأن تكافأ الدول العربية التي وقفت بجانب
صدام و تعاونت معه لقتل الملايين من أبنائه في السجون والمعتقلات
والحروب وفي عمليات الإبادة الجماعية المنظمة في كردستان العراق وجنوب
ووسط العراق في أكثر من 267 مقبرة جماعية عثر عليها لحد الآن وتهجير
الآلاف منهم ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة وحتى هوياتهم
وجنسياتهم وجواز سفرهم بحيث أصبحوا بلا هوية ولا وطن ، بصرف الملايين
من الدولارات على تدريب بعض أفراد الشرطة العراقية ، وانتعاش إقتصاد
هذه الدول من أموال الشعب العراقي.
ساهمت تلك الدول العربية وبكل وقاحة وخسة بتدريب الإرهابيين ومدهم
بالأسلحة و المتفجرات والسماح لهم بالتسلل إلى الأراضي العراقي عبر
حدودها المفتوحة بعد سقوط طاغية العوجة : كما أنها سخرت فضائياتها
الإرهابية كالجزيرة والعربية في تشويه الحقائق وإثارة الفتن الطائفية
والعنصرية ودعم الإرهابيين وبث أشرطة القتل وحز الرؤوس والتحريض على
قتل المواطنات العراقيات والمواطنين العراقيين والعرب والأجانب الذين
يعملون في العراق لإعادة إعمار البنى التحتية ، بحجة مقاومة الإحتلال .
إن عمليات تنظيف مدينة الفلوجة من الإرهابيين والعثور على مختبرات
القتل وحز الرؤوس والتعذيب ومصانع القنابل وتفخيخ السيارات وتخزين
الأسلحة في 99 مسجدا التي هي في الواقع دور العبادة لله عز وجل خير
دليل على ما نقول .
هذه الدول الحاقدة على شعبنا العراقي الكريم سببت مباشرة في قتل وتشريد
أهالي الفلوجة الطيبين وإرغامهم على الخضوع للإرهابيين العرب وإيوائهم
والتحريض على مقاومة الإحتلال .
والسؤال التالي: الموجه للحكومة العراقية
الإنتقالية الحالية، يطرح نفسه: ما جدوى صرف ملايين الدولارات على
تدريب بعض أفراد الشرطة العراقية في الخارج (الدول العربية) في حين أن
مراكز الشرطة العراقية لم تكن قادرة على الدفاع عن نفسها ؟
وكيف بإمكانها حماية المواطنات العراقيات والمواطنين العراقيين من
عمليات الإختطاف والإغتصاب والقتل وتفجير السيارات المفخخة ؟
ألم يكن من الأجدر صرف هذه الملايين من الدولارات داخل العراق لإنعاش
الإقتصاد العراقي وعلى ضباط كلية الشرطة العراقية القدامى المخلصين
للوطن والذين لم تلطخ أياديهم بتعذيب وقتل العراقيين ؟
فمن واجبات الحكومة العراقية الإنتقالية ووزارتي الداخلية والدفاع
توفير المناخ الملائم والإمكانيات اللازمة لتدريب وحماية الشرطة
العراقية والحرس الوطني العراقي وتزويدهم بأحدث الأسلحة والرشاشات
والمسدسات الضرورية لحماية مراكزهم والدفاع عن أرواح الشعب العراقي بكل
طوائفه وقومياته ومذاهبه وكذلك حماية المؤسسات والمنشآت والمعامل
والمصانع الحكومية والخاصة بما فيها مصافي وأنابيب النفط العراقية التي
هي الشريان الإقتصادي المتدفق للدولة العراقية من المخربين وعمليات
التفجير الإرهابية .ومن أخطاء أعضاء مجلس الحكم العراقي المؤقت
والحكومة الإنتقالية العراقية المحترمين هي عدم التركيز بجدية على
موضوع الأمن ومكافحة الإرهاب واستئصاله ومحاكمة الإرهابيين العرب من
الحركات الأصولية المتطرفة الهدامة كالوهابية والسلفية وطالبان وأنصار
الإسلام وأنصار السنة وإنزال أشد العقوبات في حقهم.
ومن أخطاء الحكومة الحالية نقصد أخطاء معالي رئيس الوزراء الدكتور أياد
علاوي هي إعادة البعثيين إلى وزارات ومراكز الدولة الحساسة بما فيها
مراكز الشرطة .
كيف يثق السيد أياد علاوي بهم ، حيث قال قائلهم : " أن لساننا مع رئيس
الوزراء في النهار وفي الليل نعمل مع الإرهابيين " . إن ما حدث في
الموصل قبل أيام باحتلال مركز الشرطة وقتل الشرطة العراقية خير دليل
على ذلك ، حيث صرح محافظ الموصل بأن أحد ضباط الشرطة البعثيين هو الذي
مهد السبيل للإرهابيين .
نذكر السيد علاوي ما فعله البعثيون بالمرحوم الزعيم الوطني عبد الكريم
قاسم، بعدما عفا عنهم عند محاولتهم لقتله في شارع الرشيد . وقد أصدرت
محكمة الشعب برئاسة المرحوم العقيد فاضل عباس المهداوي والمدعي العام
المرحوم ماجد أمين وبقية أعضاء المحكمة حكما بإعدام المجرمين شنقا حتى
الموت ، إلا أن الزعيم اللواء الركن المرحوم عبد الكريم قاسم عفا عنهم
واستبدل الحكم في حينه .
كان المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم أبا الفقراء والمستضعفين، طيب
القلب، شريف الأصل والإصالة، محبا للعراقيين والعراق، حيث كان دائما
يستخدم عبارة "وعفا الله عما سلف" . فماذا كان جزاؤه بعد الإنقلاب
البعثي القومي الإنجلو – أمريكي المشؤوم في الثامن من شباط عام 1963 .
لم يمهلوه أكثر من خمس دقائق فأعدموه بالرصاص في محطة التلفزيون
العراقية وقام أحد الجنود المجرمين بدفع رأس الشهيد عبد الكريم قاسم
بقدميه . لا محكمة عادلة ولا إدعاء عام أو محامون عرب وأجانب كما
يروجون الآن لمحاكمة المجرم صدام ، وهكذا راح المغفور له الزعيم عبد
الكريم قاسم ضحية العهد الذي أوعدوه به للسفر خارج العراق قبل أن يسلم
نفسه .
هذا هو وعدهم وشرفهم . فكيف تثق بهم يا دكتور أياد علاوي ؟
كان عليك أن تمنحهم رواتب تقاعدية وليس بإعادتهم إلى دوائر الدولة
الحساسة.
لا نريد محاربتهم في قطع أرزاقهم ، لأنهم عراقيون ولديهم عوائل .
بعد سقوط طاغية العوجة القذر والمجرم في التاسع من نيسان المبارك عام
2003 نبه الإخوان الكتاب السياسيون العراقيون ونبهنا أيضا في عدة
مقالات على ضرورة استلام الملف الأمني للعراق من قبل الأحزاب الوطنية
الممثلة في مجلس الحكم العراقي والغير ممثلة وذلك بتشكيل قوات الشرطة
العراقية والجيش العراقي من ميليشيات هذه الأحزاب الوطنية آنذاك بما
فيها قوات البيشمركة الكوردية الباسلة و قوات فيلق بدر وقوات الدكتور
أحمد الجلبي وحزب الدعوة والحزب الشيوعي وحزب الوفاق الوطني وغيرها ،
لأن تلك الميليشيات وطنية غير بعثية يعتمد عليها، وهي موضع ثقة واحترام
لدى الشعب العراقي .
فلو فعل مجلس الحكم العراقي المؤقت ذلك لخففنا وقللنا من عمليات
التفجير الإرهابية التي حدثت في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية وبغداد
وأربيل كردستان العراق وبعقوبة والإسكندرية وكركوك والموصل وغيرها من
القرى والمدن العراقية الأخرى .
نأمل وبكل ثقة أن تتم عمليات تطهير العراق من الإرهابيين ومحاكمتهم
علنا بأقرب وقت ممكن وتعويض العوائل العراقية المتضررة في كافة المدن
بما فيها الفلوجة ، والنصر والعزة للشعب العراقي الكريم بعربه وأكراده
وتركمانه وبقية القوميات والطوائف المتحابة .
عاش الشعب العراقي المجيد ، الخزي والعار للإرهابيين القتلة العرب ومن
يغذيهم، والله ولي التوفيق .
ماربورغ في 19 / 11 / 2004
adnan_al_toma@hotmail.com |