الكتاب والصحيفة صديقان مخلصان للإنسان لا يفارقانه إلا إذا قرر هو
ذلك.
الكتاب أولاً والصحيفة ثانياً هما واحة لراحة النفس يشبع المرء من
دفئهما كلما دنى من أماكن وجودهما واقتنائهما فهما الصديقان اللذان
ينقلان بكل أمانة ما تجيش به العقول وما تتطلع إليه الطموحات يجعلاننا
نرضى لقراءة خبر ونغضب لقراءة تعليق وأحياناً نعادي من يعقب سلباً حول
أمر ما ولكن تبقى المواقف الصحيحة بقدر درجة عالية من الاستيعاب للأمور
المطروحة وإلا فإن فخ الجهل بالشيء يقف بالمرصاد حتى لأكثر النبهين
انتباهاً.
واحتياجات كل المجتمعات المعاصرة للثقافة تجعل الاهتمام بالنتاجات
الإعلامية والصحفية قضية يومية لا نهاية لها فرغم كثرة الصحف
والمبثوثات الإعلامية بالصوت والصورة ما زالت البشرية متعطشة أكثر
لاستقبال المزيد والمزيد مما سيساهم ذلك في نهاية المطاف برسم اتجاه
جديد للإنتاج النوعي سواء ما يتعلق ذلك بالكتاب أو الصحيفة أو غيرهما
إذ لا بد وأن تتمخض كل هذه النشاطات الواسعة على المستوى الإعلامي
العام عن جهات رقابة مثقفة ثقافة إنسانية واعية وعالية الكفاءة ولترسخ
أرضية ثقافية تخص انتهال النوع الجيد من مجمل النتاجات الثقافية بغية
الوصول إلى التمتع بثقافة نوعية للمطالعة فليس كل ما ينشر أو يبث صالح
من الناحية الإنسانية أي التي تبني نفسية الإنسان وتنقله من عالم
الهلامية إلى أفق المعرفة الحقيقية.
وإذ ستبقى الحاجة تتجه كي ترسم اتجاه فائدة أكثر جدية نحو تحقيق
التثقيف بالمطالعة النوعية فالعالم اليوم ليس بحاجة فقط إلى اعتماد
إعلام ببغاوي ينقل مجريات الأحداث بنفس ليس فيه انحياز نحو مرافئ
الإنسانية فيما تمر به من مرحلة المشاهدة المجردة للمآسي التي تحل
بالبشر الأبرياء هنا وهناك وخصوصاً ما تسببه الكوارث السياسية التي
تقودها جهات سياسية دولية بصور خفية تحسباً من الفضيحة الوشيكة أن تعرف
بنفسها.
إن التثقيف بالمطالعة النوعية بقدر ما ينبغي أن تتجه لوزن الأمور
الثقافية إلا أن المعرفة الأهم بما تعنيه مفردات الإنتاج الإعلامي من
تحليل وتقييم مازال يشوبها الانطلاق من موقع الانحياز إلى المصالح
الذاتية للمسيطرين على الإعلام فالكتاب المفيد حقاً مازال أحد مصادر
الهاجس الدائم لدى رقباء الإعلاميات. ولعل من أتعس ما تشهده الساحة
الثقافية العربية والإسلامية الآن أن الكتاب النوعي والصحيفة النوعية
هما من النوادر التي قد تصادف الجمهور المتابع فمعظم الصحف تهتم
بمجالات مكررة في صحف أخرى وكذا الحال بالنسبة للإعلاميات.
والحال الآن يقتضي إحداث أكثر من صيغة تقرب للظفر بثقافة ذاتية
أساسها ما تجود به النتاجات النوعية سواء في التأليف أو البث وإلا ما
فائدة كثرة الصحف إذا كانت ما تقدمه لا يتجاوز الـ(10%) من الفائدة
المرجوة ولعل المطالع على هامش الحياة الإعلامية عموماً والنتاجات
الخاصة بنشر الكتاب والصحف خصوصاً يقف حائراً ويتساءل لماذا ومن يقف
وراء سبب غياب الكتاب النوعي والصحيفة النوعية والبرنامج النوعي على
وجه العموم؟! |