اصبحت بهجة العيد تتأثر في السنوات الاخيرة بالاوضاع المعيشية
والاقليمية بعد ان كانت لقرون طويلة مناسبة سعيدة ينتظرها الجميع بشوق
ويعبرون من خلالها عن الالتزام بصلة الرحم والتكافل والتواصل بين
ابناء المجتمع.
والعيد الذي اصبحت مظاهره تشكل مقياسا لوطأة الظروف السياسية
وتسيد الحياة المادية وتاثيراتها الاجتماعية كان الى وقت قريب مضى
مناسبة يتشوق لها الكبار والصغار ولها طقوسها الخاصة التي تبدا مع
ثبوت العيد.
فما ان تثبت رؤية هلال شهر شوال حتى تسري الفرحة في قلوب الجميع
وبيوتهم وتقبل النساء على مواصلة اعمالهن في اعداد حلويات العيد
وملابسه ليفرح بها الابناء والازواج.
وقد عززت البيئة الاجتماعية والواقع الاقتصادي ايمان الناس بقيمة
التضامن والعمل الجماعي في كل مجالات الحياة وكان الاحتفال بالعيد
يكاد يكون نفسه في الريف والمدنية ولا يميز بينها الا بعض المظاهر
المادية بسبب استيطان الفقر في الارياف.
وكانت شوارع المدن وطرقات القرى تزدحم بالفتيان والفتيات الذين
كانوا يحملون على رؤوسهم مفارش فيها حلويات العيد من الكعك والمعمول
والغريبة وغيرها الى المخابز لانضاجها هناك فيما شكلت العيدية ابرز
التقاليد الشعبية في العيد وخصوصا للاطفال.
وسواء في المدن او القرى تشهد صبيحة يوم العيد زيارات مكثفة يقوم
بها الرجال والشبان الى الاهل والاقارب والجيران يتبادلون معهم
التهاني القلبية بالعيد السعيد وكانت البيوت التي فقدت احد بنائها
تنال اقصى العناية والاهتمام فيتوجه الناس اليها اولا ويحيطون اسرة
المتوفي واقاربه بكل معاني التعاطف والاحترام في تقليد يمزج بين الالم
لفقدان عزيز والامل بحياة سعيدة مقبلة.
غير ان هذه التقاليد اخذت في العقدين الاخيرين بالانحسار
والانسحاب من الحياة الاجتماعية رويدا رويدت نظرا للتغيرات الاجتماعية
العميقة وطغيان المادة على العلاقات الانسانية ليصبح العيد لدى
الكثيرين "يوما من ايام السنة" و "مناسبة للاطفال" فيما طغت هموم
السياسة والاقتصاد على الفئة الاجتماعية التي ما زالت متمسكة
بالتقاليد الايجابية للعيد ولم تعزلها الحياة العصرية خلف جدران بيوتها
الاسمنتية.
واسهمت ظروف المنطقة السياسية في انحسار فرحة العيد والتواصل مع الاخرين
بعد عقود من الصراعات والحروب التي مرت وتمر بها المنطقة ولدت خلالها اجيال
لم تعرف معنى السلم.
وكان لعوامل عدم الاستقرار السياسي دورها في عدم الاستقرار
الاقتصادي الذي ترك اثاره الاجتماعية على الافراد واسهم في عزلتهم عن
محيطهم الاجتماعي وعزز النزعة الانطوائية لديهم.
كما اسهمت وسائل التكنولوجيا الحديثة وانتشار وسائل الترفيه في
عزلة الانسان عن محيطه في مساحة حدودها البيت واحيانا جدران غرفة
واحدة يربطه مع العالم الخارجي وسائل الاتصال الحديثة من تلفزيون
وحاسوب وخدمات توصيل مجاني للسلع والبضائع.
وقال الصحافي الاردني فائق حجازين في حديث لـ(كونا) ان الظروف
والاوضاع التي تمر بها المنطقة افقدت العيد بهجته "فالناس ليسوا
معزولين عن محيطهم وان بقيت للعيد بهجة فهي على وجوه الاطفال فقط".
واضاف "مع ان بهجة العيد تراجعت الا ان الناس ابقوا على بعض
المظاهر الاجتماعية الايجابية لهذه المناسبة مثل زيارة الاسر التي
تحتفل بالعيد الاول بعد وفاة احد افرادها وتقاسم لحوم الاضاحي
والمشاركة في مائدة العيد".
اما التاجر مصطفى شريتح قال لكونا "اي عيد هذا فالناس تعيش
احباطات واقع ولدت خلاله اجيال وتربت في ظل الصراعات التي تشهدها
المنطقة" مشيرا الى ان حركة الشراء ما قبل وخلال العيد تركزت في
احتياجات ومستلزمات الاطفال.
واضاف ان العيد اصبح للكثيرين مناسبة عليهم التعامل معها ومع
متطلباتها باقل ثمن وهو ما يزيد الاقبال على البضائع رخيصة الثمن
ويساعد في رواجها.
من جانبها قالت ربة المنزل جميلة ناصر لكونا ان الشيىء الاهم
بالنسبة للاسرة هو سد احتياجات الاطفال واشباع رغباتهم لاسعادهم
وادخال البهجة الى قلوبهم مؤكدة ان "فرحة الاهل من فرحة الابناء".
وحول تحضير حلويات العيد والمشاركة الجماعية في اعدادها قالت ان
غالبية الاسر تشتري الحلويات الجاهزة بما في ذلك كعك العيد "وصنعها في
البيوت اصبح على نطاق ضيق جدا وينحصر بنساء العائلة فقط" مؤكدة ان
عنصر الوقت للنساء في الماضي كان متوفرا اكثر منه الان.
المصدر: كونا
|