أكثر ما يؤرقني في هذه الليالي عن سواها المؤرقة أحداث مدينة الفلوجة،
هذه المدينة المسالمة والمتسلحة بإيمانها الجهادي فقط، وثلاثة ألاف
مسلح من أبنائها البررة، الذين كانوا من قبل كما أظن يجبون دول العالم
في سبيل كسب لقمة العيش بالحلال، وبعد سقوط النظام رجعوا إلى مدينتهم
الكريمة بعد أن ضاقت السبل بهم ، ولكن الشيء المحزن أنهم ألان لا
يتقنون اللهجة العراقية بل وهناك منهم من نسي أيضا اللغة العربية كما
نسوا تعاليم الإسلام كونهم ولدوا في دول بعيدة، مما أتاح للحكومة
العراقية الذريعة لاتهامهم بالارهابيون الأجانب.
ولكن ما أثارني في الوقت نفسه إن اغلب العراقيون يؤيدون العمليات
الوحشية التي تقوم بها القوات الأمريكية هناك، هذه الأعمال التي أثارت
حفيظة تلك الدولة التي تبعد ألاف الكيلو مترات عن العراق وهي الصين
عندما عبرت حكومتها عن قلقها المتزايد من استمرار الحرب في الفلوجة وما
يسقط من قتلى في صفوف المجاهدون الأبرياء الذين لم يقترفوا أي ذنب أو
جريرة سوى إن أيديهم قد تلطخت بدماء ما يوازي مئة ألف عراقي فقط،
واغلبهم من المدنيين العزل الذين يستحقون الموت على تلك الشاكلة حسب
قول احد المجاهدون لي شخصيا: (السيئ يذهب إلى النار والطيب يذهب إلى
الجنة) واقرب مثال على ذلك مقتل 38 طفل في حي العامل في بغداد قبل شهر
تقريبا، فكما اعتقد ويعتقده المجاهدون المحاصرون ألان في الفلوجة إن
هؤلاء الأطفال كان يجب عليهم أن ينصاعوا لأوامرهم التي تم توزيعها على
شكل مناشير والتي تقضي بعدم التحاقهم إلى مدارسهم لأنه يعتبر حسب فتوى
شرعية من أمير الجهاد أبو مصعب الزرقاوي عماله للأمريكان الصليبون
الكفرة الذي قاموا بقطع رقاب العشرات من العراقيون.
من حق الصين والمثقفين العرب أن يقلقوا أيضا والعالم باجمعه على مصير
هؤلاء الأفذاذ، ولله درك يا وزير العدل العراقي مالك دوهان الحسن عندما
قلت: ( العالم يستفسر عن مصير إرهابي واحد ولا يستفسر عن مصير خمسين
بريئا قام بقتلهم). |