شهر رمضان الكريم الواضحة رسالته الإسلامية بكل ما فيها من غايات
نبيلة تدفع المؤمنين لصيام أيامه ولكن بشروط سوية النظرة للالتزام
بالدين المحمدي ليس في حلول الشهر بل وما بعده بدرجة مهمة.
وأول طريق الاستفادة والإحساس بأن واجباً دينياً إسلامياً قد تم في
ترسيخ وتطبيق تعليمات الرب عز وجل حول الشأن الرمضاني. ورب من يتساءل
وماذا يمكن أن يقدم الناس لشهر رمضان أكثر من صيامه وأداء العبادات فيه؟!
وطبيعي فإن الجواب لا يفضل حصره بين قوسي الالتزام بحمل كل المعاني في
الرسالة الإسلامية خلال الشهر بقدر ما ينبغي أن يقوي ذلك الإيمان أكثر
في الإسلام وتقديم كل غال ونفيس في سبيله.
فمن أجل أن ينهض الإسلام من جديد بدرجة ولو متقاربة لفترة نهضوية في
عهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن استغلال شهر رمضان
ممكن أن يكون ممهداً لتثبت موقف إسلامي أرسخ في الضمائر مما هو عليه
الآن فأوائل المسلمين الذين ساهموا في تثبت أقدام الدين المحمدي على
الأرض كانوا شباب يافعين لم يبلغ بعضهم السابعة عشر من عمره وقد قرر عن
إيمان تام وقناعة تامة أن يضحي بنفسه دفاعاً عن الدين الجديد وخير مثال
على ذلك الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي نازل طوعاً وبإلحاح
من ضميره أكبر فارس في جيش أعداء الإسلام (عمر بن ود العامري) وصرعه شر
صرعة في قصة إسلامية معروفة وصف تحرك الإمام علي نحو عدوه ذاك خير وصف
النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال صلى الله عليه وآله وسلم:
(خرج الإيمان كله للشرك (أو للكفر) كله).
فترسيخ رسالة شهر رمضان في نفوس الشباب والشابات ينبغي أن يكون أكثر
من غيرهم من بقية الأعمار لأن فترة الحماسة لاقتراف الآثام أكبر لديهم
لو لم يتلاحق لأمرهم سواء قبيل الوصول إلى مرحلة المراهقة أو أثناؤها
أو بعدها فجيل الشباب باستطاعته أن يتحمل الكاهل الأكثر لإعادة التوازن
الاجتماعي في الحياة إذ من المتوقع أن خواطر الشهر الفضيل رمضان حيث
مجالس الدين الإسلامي تعقد في ظل أجوائه السمحاء وتتركز في الأذهان فمن
يستطيع نسيان أو تناسي ليالي رمضان المباركة؟ أليس في حلول شهر رمضان
معاني روحانية كثيرة تقوي فعلاً التوجهات نحو الإسلام العظيم وما جاء
به من قوانين شرعية وما دعا إليه من بناء للنفوس يتوقف أمامها كل ذي
عقل راجح مبهوراً حيث الدعوة لنشر الحق في العالم دون أي تمييز بين
إنسان وآخر.
لو عدنا إلى مفردات شهر رمضان المبارك لوجدنا أن كل رموزها ومعانيها
تدعو إلى الخير وتحرير الضمائر من كل الشوائب والأفكار الضارة بالإنسان
إذ يبدأ رمضان ليمد الإنسان الصائم بتجديد صحته حيث ترتاح معدته مما
دخلها من طعام متوالٍ وأصرة الناس المحتاجين تكثر بالدعاء لمن يعطف
عليهم وهذا عند الله سبحانه وتعالى أمر كريم ومحمود ولذا فإن الصائم
بكل جوارحه يكاد يمرر نفسه من ثورة إيمانية عظيمة لا يعرف أن يقرر
حلوها من مرارة غيرها إلا الصائمين بدرجة أعلى من غيرهم.
إن رمضان هو جسر للإيمان بالله سبحانه وتعالى والعبودية لربوبيته
وفيه نوع من التواصل الخالد مع الرب العلي القدير وكيف لا وشهر رمضان
هو شهر الله وفي الالتزام بمنهجه عبوراً على كل المغريات الدنيوية. |