الدين.. هذه الهدية الفضلى التي أجاد بها الله سبحانه وتعالى
للبشرية جمعاء لتكون مشروع حياة للإسعاد ومنهج انطلاق محايد يستند لنشر
وتركيز ومشاعر مواقف الفطرة التي جبلت قضية خلقه عليها لحري بكل إنسان
عاقل كي يفكر بأن سبل العيش مهما امتازت في منح امتيازات خاصة للفرد
وعامة للمجتمع لكنها تبقى قاصرة إذا ما علمنا أن حياة الدنيا واحدة
وحياة الآخرة أبدية وبلا نهاية وهذا هو وعد الله العلي القدير.
ومبادئ الأديان السماوية التي انتهى بها المآل لتتجمع بالدين
الإسلامي والشمولي هو قدر إلهي يتوجه إلى خلق ناسه كما يرضوا به
ويعتنقوه إذ هو الأكمل لما تقدم من ظهور الأديان السابقة وهو الأجدر من
حيث ضرورة النظرة إليه كـ(خلاصة علمية) ممكن أن تحدث نقلة نوعية في
طبيعة التوجهات السمحاء المادة للأيادي النزيهة من أجل تحقيق الغاية
السامية من وجودنا عائشين على الأرض.
ولذا فإن الشأن الديني الإسلامي يلاحظ كونه تحدق به مخاطر جادة بغية
إحداث خلخلة في جوهريته وبهذا الصدد يلاحظ أن الأطروحة الحديثة ضد
الإسلام المحمدي الحنيف لا تفرق بين نصوص الإسلام الراقية المؤكدة على
الاندفاع العقلاني من أجل تسييد العدل المطلق بين أولاد آدم وحواء وفقاً
لميزان الحق الإلهي دون النظر بـ(انحياز) إلى الأقوياء أو ذوي النفوذ
إلا بما يستحقونه وفقاً للأخلاقيات الروحانية.
إن أعظم حوار يدور اليوم مع عالم الإنسان هو محاكاته لنفسه والبحث
عن موقفه العملي الذي أستطاع أن يخدم به غيره مرضاةً لوجه الله الكريم،
وجوهر الدين الإسلامي الذي مازال داعياً للتزود من علوم الدين فهذا ما
يمكن أن يقرب جمهرات المؤمنين والمؤمنات إلى مواقع عظيمة في الحياة مثل
: الإيثار، ومساعدة المحتاجين قدر المستطاع.. ففي هذه الأساسيات لا
يوجد خلاف فقهي يبطل حقاً أو يحق باطلاً ولكون مبدأ (الاجتهاد) مفتوح
في الإسلام ففي ذلك تنظيم أكثر لإحقاق المنافع الإيجابية للناس أجمعين.
وحيث لا خوف على الإسلام الصحيح مهما حاول أعداؤه تحريفه عن جادة
السوية سواء عبر إيجاد عناصر معادية أو جاهلة وتعتنق الإسلام على
خلفيات سياسية مشبوهة أو هي تريد أن تفرغ حقدها الجاهلي على المسلمين
ففي بلد مثل سنغافورة التي لا يشكل فيها المسلمون نسبة (7.7%) ممن
يعتنقون الإسلام فإن السلطات هناك أعربت عن نيتها لتعليم طلاب المدارس
الدينية الإسلامية أشياء عن العقائد الأخرى ولعل هذا ما سيؤدي لنشر
الإسلام بأكثر رقعة ممكنة في سنغافورة إذا ما توفرت دراسة جواهر
الإسلام بحياد.
التأمل في جوهرية الإسلام تحدث قشعريرة في النفس إذ يعيش المؤمن مع
نصوص حية لا تتنكر لحق أحد أو تسيء لمقابل وعلى هذا فالمسلمون
والإسلاميون الحقيقيون بحاجة للجلوس على مائدة حوار بين كل المسلمين
دون أي تفريق بين مذهب وآخر من أجل تعريف أكثر معاصرة للأحداث في
العالم فالإسلام دين محبة وإخاء وليس فيه أي تطرق عن جادة الصواب أما
هؤلاء الذين يبدون دون ذلك من أعمال ظالمة تلحق الضرر بالآخرين
الأبرياء فإن إسلامهم موضوع بين قوسين وما يفضل فهمه هو أن القوة
والضعف ليسا معياراً أخيراً للدين فكم من قوي ساكت عن حقه! وكم من ضعيف
مطالب بحقه ولكن دون جدوى. |