ربما اعتبر شهر رمضان بكل جماليات أيامه أسطورة الأشهر الهجرية
الإسلامية لما فيه من خصوصية الشعور الذاتي بالجوع والعطش عند الصائمين
إذ يختار الإنسان المؤمن تقبلهما عن طيب خاطر ذلك أن الصوم فريضة واجبة
أمر بها الله عباده المؤمنين كي يؤدوها.
وتعاليم شهر رمضان في وجوب أداء الصوم مسألة لا تقبل التأرجح أو
المزاجية إلا أنه يمكن تأجيل الصيام إذا ما توفرت أسباب تحول دون صوم
المؤمنين سواء على المستوى الشخصي أو الجماعي كشيوع المرض وغيره فرمضان
أحد وسائل التقرب لله عز وجل وفي حدود الخيار فيه يصوم المرء الشهر
فيزداد الصائم ارتباطاً بالدين الإسلامي لأنه يشعر وكأنه جندي في ميدان
الإسلام ويسمو لمشاعره أكثر حين يقدر أن الله سبحانه وتعالى وملائكته
قد سجلوه على جمهور الصائمين ولذا فمما يلاحظ على بعض المؤمنين
الصائمين غبطتهم وكثرة عبادتهم للخالق العلي وما يرافق ذلك من بذل
للآخرين خلال شهر رمضان.
والصائم بمجرد أن يُعرف عنه كونه صائم فهذا ما يضعه من مركز (الداعية
الإسلامية) أمام مجتمعه ولو بصورة (الداعية المتواضع) وبفترة شهر رمضان
حيث يزداد الدفاع المعنوي عن الشهر ويحضر الناس من الجنسين في مجالس
خاصة بهما تحييها ليالي رمضان المبارك كما وتعقد الندوات الثقافية
الخاصة بالأمر الرمضاني الإسلامي حيث يبقى رمضان عظيم في شعائره
المثيرة للانسجام مع جواهرها حيث يشكل شهر رمضان المشهد الإسلامي بين
الناس من جديد وأن المستفيدين من ثقافته كـ(قدوم ومرور ثم الرحيل)
الأخير في آخر يوم منه هم غالباً من الشباب الذين تقودهم طيبتهم
لاعتبار شهر رمضان منطلقاً جديداً لهم في حياتهم المستقبلية.
والثقافة الإسلامية التي يزق بتثقيفها شهر رمضان وبعد أن يلعب هذا
الشهر في إراحة الجسم من تناول وجبات الطعام المتعددة في الأيام
العادية غير الأيام الرمضانية أما يؤدي إلى أن تجدد خلايا الجسم
المرتاحة الملائمة أكثر للإبداع في العلاقات القائمة وأحياناً نقلها من
مستوىً متدنٍ إلى مستوى أعلى.
وحقائق الإسلام سواء وردت في القرآن الكريم أو في كتب الأحاديث
النبوية أو أحاديث أهل بيت النبي عليه وعليهم السلام فتبدأ حين يقرأ
الإنسان من تلك الحقائق كونه قد خُلق (عند بدأ الخلق) من تراب حيث
يتدرج المرء في ذكر مثل هذه الحقيقة التي عرف بها الرب العلي القدير
عباده المؤمنين قبل أي وضع ممكن أن يتطرق إليه الإنسان فخلق ذات
الإنسان مسألة مهمة من مسائل التثقيف بالشهر الرمضاني إلا أن المسالة
الأهم بالنسبة للمسلمين عموماً تبقى بالاعتزاز بهويتهم كـ(مسلمين) بين
جموع مختلف الأديان والمشارب الاعتناقية الأخرى.
إن في مطابقة القرآن الكريم باستمرار مع التنبه لضرورة اعتماد
الكلام القرآني المقدس وقراءة الكتب الرئيسية في الإسلام مثل كتاب (نهج
البلاغة) للإمام علي (عليه السلام) وغير ذلك من الكتب الإسلامية المهمة
فبإتقان حسن الطيب والتوضيح الهادئ ودراسة معنى الكلام قبل النطق به أو
قبل كتابته فالثقافة الرمضانية هي ثقافة إسلامية تعرف بفوائد الصوم على
حقيقته السماوية المبجلة. |