لم يشهد وطننا العزيز منظرا مروعا من قبل كالذي حدث في الأسبوع
الجاري عندما قام الأرهابيون بقتل مجموعة من الجنود العراقيين بما
يقارب الخمسين على الطريق العام ما بين بدره وبلدروز بينما كان الجنود
عائدون الى أهاليهم في الجنوب من العراق بعد قضاء تدريبات في معسكر
بقرقوش شمالا . مجموعة إرهابية تنتسب الى الزرقاوي نصبت لهم كمينا
وأوقعت بحياتهم، حسب البيان الذي وزعته تلك المجموعة والتي تطلق على
نفسها إسما جديدا(تنظيم قاعدة الجهاد في العراق) .
فالحقيقة التي تتجذر في خبايا الدهاليز وتنمو بأستمرارهي أكثر مرارة
من هذه القصة المروعة وأكثرخطورة كون المتخفي ليس ذلك هوالرجل القادم
من بلد وشعب آخرين والذي يسمونه أبومصعب الزرقاوي ليصل الى العراق ومعه
شاحنات من الرجال ومستلزمات الجريمة فيجعل من مدينة صغيرة ( الفلوجة)
إمارة له، يتربع على عرشها وكأن شعب هذه الأمارة هم من الدجاج لتصبح هي
مجرد حقول دواجن تنتظر من الزرقاوي أن يسوسها ويطعمها . ليس هذا النمط
من الأشاعات تتقبلة حواسنا، ونستحي على تجربتنا المريرة في هذه الحياة
أن نقول(لربما) .
فلو صح وجود هذا الكائن على سطح الأرض، فليس هو أكثر من صعلوك تربى
على رمال الزرقاء وبين جحورها، ولا أدعيه أن يكون أكثر من شقي بغير
إحتراف . وما يغيظنا بدافع الحرص على وطننا وراحة شعبنا أن نجد هناك من
يموه على ظاهرة الفوضى من داخل الحكومة الى الحد الذي تصبح فيه فوضى
منظمة ترعاها أطراف من الداخل والخارج .
وآخر الفجائع تدلنا على صحة هذا الرأي لأنها تمت بطريقة محكمة لا
يتقنها إلا أهل البلد ومن المتخصصين والمتمرسين . الطريقة المحكمة
إبتدأت من معسكر التدريب الذي غادره الضحايا وحتى وقوع الجريمة مع
مراعاة توقيت مغادرتهم، وعددهم، وهويتهم، وتركهم للعراء بلا سلاح ولا
حماية .
فالجريمة هذه لم تعد بسبب الفوضى إذ ليس هنالك فوضى، بل العكس كل ما
يجري هو بميزان.
لقد مضى عام على حكومتنا وهي تتوعد بأستقرار الأمن وتتوعد الفلوجة
بتحريرها من الأرهابيين وما الى ذلك، ومع هذا الوعيد تسير الأمور الى
الأسوء، بينما الشعب العراقي يدفع فاتورة الخيانة، مع استشراء الفساد
الاداري، واستفحال البطالة، وتراكم المشاكل الخطيرة التي قد تسبب
بتعطيل حياة بلد وشعب بالكامل.
لقد خسرنا جميعا بأخماد ذلك الصوت الذي نادى بأجتثاث البعث
والبعثيين، الذي كان هو الوسيلة الصحيحة والناجحة في معالجة كل المصائب،
ولو عملنا به من أول العهد لما ظهرت هذه الفوضى المنظمة، ولما بقى
مرتكبوها على أرض العراق يخططون وينفذون تحت أسماء مستوردة ومستعارة،
وكل شيىء سيكون في حالة إستقرار ما عدى إنشغالنا بالبناء والتعمير
وتضميد الجروح . وفي هذا الوقت ومع خطورته لا نجد ورقة رابحة تعيد
علينا أمننا سوى الانتخابات التي قد تجرى مطلع العام القادم إذا ما
صادفتها حواجز مفتعلة لأرباكها وتعطيلها باسباب الأرهاب أو المذهب
والقومية، كذلك فإن مؤسساتنا الدينية والوطنية تعي هذه المرحلة وتعي
مسؤوليتها بهذا الأتجاه وقد تكون لهم الغلبة بمساندة الشعب .
فأملنا دائما بجميع أطيافنا ووعيهم لهذه المرحلة التي نمر بها،
وتماسكهم حتى لا يضيع حق تحت أشلاء ضحايا العنف الأخير .
وصراحة القول … فإن فهمنا لطبيعة ما يجري يؤكد إنه فوضى منظمة تمتد
ما بين بعض البعثيين المندسين في الحكومة وخيوط الأرهاب ترعاهما قوى
إقليمية عديدة وأخرى دولية .
*كاتب عراقي - كندا
alkefaee_canada@hotmail.com |