(الاردن دولة لا تملك اقتصاد لكنها تملك
التاثير على الواقع) الحسين بن طلال
ان ما ما يلفت النظر في المملكة الاردنية هو انها تتقن (وببراعة)
استثمار التناقضات الدولية والاقليمية وتقبض من العدو والصديق في السلم
او الحرب وهذا هو بالضبط ما اكدته بقوة مقولة الراحل الحسين بن طلال
والتي اختزلت التعبير بدقة ( ومن نفس الخندق ) عن طبيعة الدور الاردني
في المنطقة.. ويكفيك مثلا تعزيزا لمصداقية هذه المقولة ان تعرف ان
الاردن كانت اكثر البلدان استفادة من الحكومة العراقية قبل السقوط
بشهادة الجميع ولكن الغريب ان تبقى المعادلة ذاتها بعد تاريخ 9/4/2004
فتحضى بذات الحضوة من خيرات العراق بعد سقوط تمثال الفردوس الشهير ايضا
بل مدت يدها الاخطبوطية وبقدرة قادر تتلاعب باوراق الملف السياسي
العراقي بشكل ملفت للنظر وبهدوء كامل، وهذه معادلة صعبة جدا في ادبيات
العلاقات الدولية وذلك لان صديق عدوي لايمكن ان يكون صديقي دوليا بهذه
السرعة العجيبة، فالاردن حضيت باغلب العقود التجارية في مجال التنمية
البشرية ابتداءا من طاقم وزارة الصحة وانتهاءا بوفد الملاحة وشركات
الطيران وما بينهما طيف واسع من البعثات التي احتكرتها الاردن لتكون
الراعي الرسمي لجميع الدورات التي تقام خارج القطر، ثم ان الادرن شكلت
نقطة البداية في الجولة الدبلوماسية لرئيس الحكومة الحالية في العراق
اياد علاوي، نعم كانت منهم انطلاقة البعثة الدبلوماسية الى مطارات
العالم ولانعلم هل تلك البداية بداية مجاملاتية ام هي خطوة سياسية لها
ابعاد ومؤشرات كثيرة ورسائل على لسان علاوي موجه الى عبد الله الثاني
مفادها بان المملكة الاردنية كانت ولا تزال محتفظة بمصالحها في العراق.
الاردن بلد متلون في ادواره يدعم الاعداء والخصوم في لحظة واحدة فهو
بلد يحتظن بعض رموز العمليات العسكرية التي تحدث في العراق والتي تتوزع
بين المقاومة والتخريب في وقت واحد.. الاردن يعطي عائلة صدام مساحة
كبيرة من حرية التحرك والتاثير في الامن العراقي، الاردن قدم لنا حصة
الاسد من هيئة الدفاع عن صدام وكل من يتغنون بفارس الامة العربية وسيف
قريش الذي دفن في حفرة قبل ان يموت، الاردن يمتلك الجيش العربي الاكبر
المدافع عن ظاهرة صدام في وسائل الاعلام وقد يكون من حقهم ذلك لانهم
يتذكرون جيدا ما غمرهم به صدام من خيرات العراق على حساب حليب الاطفال،
ولعل تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي حافل بثنائيات متناقضة على هذه
الشاكلة، فبقيت المملكة تمارس هذا الدور حتى اتقنته بشكل جيد، فالاردن
وباعتراف الملك حسين لا تملك اقتصاد ولهذا تراهن على تناقضات المصالح
الدولية وتجيد الرهان.
* كاتب عراقي
mosawi_gamal@hotmail.com |