حقاً إن المسلمين المخلصين مبتلون بالحرب الإعلامية الشعواء التي
يشهر حرابها الغرب تحت واجهة كون الإسلام السياسي مثلما لم يعرف غير
السيف في الماضي فأصحابه لا يعرفون غير القتل الحديث بهذه المرحلة هذا
في حين أن أي دين لم يشتهر في العالم إلا باستعمال السيف اضطراراً أو
انحرافاً ألم تكن حملة الصليبيين على المشرق حرباً مثلاً وألم تكن
فتوحات عهود أوائل بعض المسلمين عن الغاية هنا والغاية هناك المتوخاة
من سببية الحروب القديمة.
فلماذا يُتهم المسلمون المعاصرون على كونهم ورثة هؤلاء المسلمين
الأوائل ولا يُتهم زملائهم من المسيحيين ما دام أجداد كل منهما قد
اتخذا من الحرب قديماً وسيلة لتصدير الأفكار وما صاحبها من أخطاء قاتلة
دفع فيها المسلمون الثمن أكثر مما دفعه المسيحيون كما هو معروف بسبب
كون المسلمون القدامى كانوا ذات ميزات حضارية على الغالب في حين أمتاز
المسيحيون المحاربون بنوع من العنجهية المدمرة حتى بعد نجاح احتلالهم
للأرض المشرقية ومنها بعض بلدان العرب وباستثناءات قليلة.
إن المؤامرة اليوم على (مصطلح الإسلام السياسي السلمي) تطرح في
الغرب وكأنها قضية خلافية وأن الزمن الذي دار دورة كاملة ولم يعد هناك
ما يخيف أن المسلمين سوف يشنون حرباً يحتلون فيها الغرب فإن من عجب
العجاب أن الغرب الذي له نفوذ وسيطرة غير مباشران على العديد من الدول
يبدي تخوفاً من الإسلام السياسي بصورة تخلط شطريه المتكونين من إسلام
عالمي أصيل يدعو إلى اعتناقه دون إكراه أو أتباع أساليب عنف وتجمع جاهل
متكون من عصابات إرهابية في غالب تنظيمها ونهجها لا يمت بأي صلة
للإسلام الأصيل ولكن القائمون على ذلك التجمع يدعون الإسلام وهم بعمل
تواصل اعتداءاتهم على الآخرين يسيئون إلى الإسلام من حيث يدرون أم لا.
والإشاعات الإعلامية الغربية ومن يوالي الغرب ضد الإسلام الحقيقي
يحاولون التحريض وتعبئة الرأي العام العالمي ضد كل ما هو إسلامي دون
تعريف لديهم بين الإسلام الحقيقي والإسلام المزيف وبذاك فإن تلك
الدعاية الظالمة ضد سماحة الإسلام تحاول خلط الأوراق بين الإسلاميين
الآنفين مع أن الإسلام المحمدي بريء من كل ما يسيء إلى شريعته الإلهية
سواء من داخل صفوف المسلمين أو ممن هو أبعد منهم.
والغاية الأخيرة من الهجمة الشريرة ضد الإسلام الحقيقي هي أن لا
يتدخل المسلمون بأي نوع من السياسة حتى لو تم ظلمهم علناً لأن تهمة (الإرهابيين)
ستوجه لهم كـ(تهمة جاهزة) لذا يلاحظ أن هناك توجه غربي يطلب من
الإسلاميين أن ينتهجوا طريق (الاعتدال) بوقت أن هذا الطريق مسلوك لدى
الإسلاميين المؤمنين ولن يكون لدى المحسوبين على الإسلام من الإرهابيين
الذين غالباً ما تمولهم دول غربية كما هو معروف من أجل إضعاف الإسلام
الحقيقي عبر التنديد الخليط بالإسلام على وجه العموم.
إن التنديد الغربي بالإسلام العام يُقرِّب إلى فكرة الحرب الصليبية
التي كانت قد حدثت قديماً على الإسلام في حين أن الغرب يتجاهل أن
مؤسسات دينية إسلامية عديدة وهي الغالبة العدد في العالم اليوم تدعو
إلى الإخاء العالمي والذي كانت بوادره قد ظهرت خلال العقدين الأخيرة
حول مناقشة محاور التقريب بين الدينين السماويين الإسلامي والمسيحي.
لقد غدا إصلاح الأطروحة الغربية وتوابعها حول الإسلام ضرورة سياسية
يقتضيها السلام العالمي والحريصين عليه. |