تجمع مئات من طلبة المدارس خارج تاج محل أشهر المزارات السياحية في
الهند يوم الاثنين وأطلقوا بالونات على شكل قلوب وحمامات بيضاء
للاحتفال بمرور 350 عاما على تشييد اشهر معالم الحب في العالم.
وكانت أكاليل من زهور المخملية البرتقالية ومقطوعات من الموسيقى
الهندية الكلاسيكية في استقبال عشرات الزائرين عند الضريح الذي شيده
الامبراطور المغولي شاه جهان من الرخام الابيض تخليدا لزوجته الحبيبه
ممتاز محل.
وخارج المزار الذي يقع على ضفاف نهر يامونا جسد ممثل وممثلة شخصيتي
شاه جهان وممتاز محل وأمسكا بأيدى بعضهما بعضا معيدين للحياة القصة
الرومانسية التي تعود للقرن السابع عشر بين الامبراطور وابنة أحد
النبلاء.
وقال الممثل راجان كومار وهو يرتدي رداء هنديا تقليديا وسلاسل من
اللؤلؤ ويعتمر عمامة تعلوها ريشة بيضاء طويلة "هدفي الرئيسي هو دفع
الناس لنسيان الحرب والحياة مع الحب والعاطفة. يجب ان نضع الكراهية
وراء ظهورنا. اي مكان أفضل لذلك من تاج محل."
وقال مسؤولون ومنظمو رحلات سياحية ان الاحتفال بمرور 350 عاما على
انشاء تاج محل فرصة لجذب السياح الى الهند بعد اربع سنوات من تباطؤ
حركة السياحة بسبب النزاعات في الداخل والخارج.
وقال راجيف تيواري رئيس رابطة السفر في اجرا "هذه احتفالات تستمر
ستة أشهر لالقاء الضوء على تاج. تباطأت السياحة بسبب هجمات 11 سبتمبر
والمشكلات مع باكستان. المقصود توجيه رسالة ان الأمر يستحق ان تأتي الى
الهند وترى تاج محل."
ومع بدء الاحتفالات تنظر المحكمة العليا يوم الاثنين التماسا تقدمت
به الحكومة المحلية لرفع حظر عن الزيارات الليلية لتاج محل التي تقع في
مدينة اجرا المزدحمة على بعد نحو 200 كيلومتر جنوب دلهي.
وفرض الحظر في 1984 بعد تقارير حول احتمال تعرض الأثر لهجمات من
جماعات متشددة وتم تعزيزه عام 2000 وسط قلق بشأن سلامة الموقع.
وتتوج احتفالات يوم الاثنين بحفل موسيقي في قلعة اجرا القريبة وهي
بناء رائع من الاحجار الرملية الحمراء حيث سيشدو المغني الباكستاني
غلام علي في بادرة سلام مع المغني الهندي هاريهاران قصائد غزلية من
الشعر القديم.
ويقول مؤرخون ان شاه جهان استشار خبراء من الشرق الاوسط وأوروبا
أثناء تخطيطه لتشييد الأثر الذي شارك في بنائه 20 الف عامل واستغرق نحو
22 عاما. ورغم بعض الجدل حول تاريخ الانتهاء من بناء تاج محل تقول
الحكومة الهندية ودراسة عن المواقع الاثرية بالهند ان ذلك كان في عام
1654.
ويقف تاج محل فوق قاعدة من الرخام محاطة بالحدائق الغناء. وتزين
منارتان بيضاوتان جانبي الضريح ويحقق مبنيان أصغر من الاحجار الرملية
التوازن في الصورة الرائعة على ضفاف نهر يامونا.
ولكن سطح قبة الاثر اصبح مع الوقت اصفر اللون بفعل عوادم السيارات
ودخان المصانع الصغيرة ومصفاة نفط كبيرة بالقرب من اجرا والمواد التي
تستخدم في حرق الجثث في محرقة مجاورة.
ومنذ عامين استخدمت السلطات كتلا من الطين البني لاعادة اللون
الابيض الاصلي للضريح الرخامي.
ويحتفل تاج محل اشهر ضريح في الهند واكثرها اجتذابا للسياح اعتبارا
من الاثنين بذكرى بنائه الخمسين بعد الثلاث مئة خارج اسواره لان
السلطات قررت تفادي التلوث الذي يصاحب الاحتفالات في هذا النصب الذي
يعتبر محج العاشقين وقبلة المحبين لما يرمز اليه من وفاء واخلاص للحب
الاول.
وسوف تستمر الاحتفالات السنوية بالذكرى حتى اذار/مارس 2005 بهذه
التحفة الفنية التي امر ببنائها الامبراطور المغولي شاه جهان تخليدا
لذكرى زوجته وحبه الاول ممتاز محل التي قضت اثناء الوضع في العام 1631.
وطوال السنوات الماضية كان الضريح الذي يتميز بمآذنه الاربع
ونافوراته ورخامه الابيض البديع عرضة لكل انواع التلوث من مخلفات
الحمام والبالونات والطائرات الورقية التي يتم اطلاقها اضافة الى
الحفلات الموسيقية.
الا ان الاحتفال بالذكرى هذه السنة سيتم خارج الضريح القصر قرب قلعة
اغرا كما اوضح المسؤول عن هذه الاحتفالات دي كي بورمان وهو اجراء رحبت
به منظمة العلوم والثقافة التابعة للامم المتحدة اليونسكو.
وقال ممثل اليونسكو في نيودلهي ار. بيريرا "انه قرار جيد لان الضجيج
والاثقال والكهرباء يمكن ان تشكل عوامل سلبية تنال من جهود الحفاظ على
الضريح".
ويعتبر الضريح المبني من الرخام الابيض بقبته الكبيرة التي تغمرها
اربع مآذن في مدينة اغرا على ضفاف نهر يامونا في ولاية اوتار براديش من
اوائل وابرز مواقع التراث البشري التي صنفها اليونسكو عام 1983.
لكن اثار التلوث والاضرار التي لحقت بتاج محل الذي يسميه الهنود
قصيدة المرمر جعلت العالم يحذر اعتبارا من 1996 من ان الموقع مهدد فعلا
بل من اكثر المواقع عرضة للخطر كما اكد الصندوق العالمي للمواقع
الاثرية.
وقد بلغ التلوث الصناعي الناجم عن مصانع الفولاذ والزجاج وافران
القرميد والتدفق الذي لا ينقطع للسيارات حدا جعل البناء في التسعينات
عرضة للاحماض التي بدات تنخره وتتسبب في تشققه.
وادت الظروف المناخية وتسرب المياه الى الحاق اضرار كبيرة بالواح
الرخام الابيض التي تغطي ارض الضريح وبدت هذه الاثار بصورة تنذر
بالكارثة في الرطوبة وفي الاصفرار الناجم عن عوادم السيارات الذي راح
يغطي وجه الرخام.
وتمكن انصار البيئة بعد معركة استمرت سنوات من اقناع السلطات
الهندية بحظر مرور السيارات على مقربة من الضريح وتحديد حرم تبلغ
مساحته عشرة الاف متر مربع حول تاج محل اعتبارا من عام 1995.
وفي عام 1996 امرت المحكمة العليا باغلاق 300 مصنع تعمل بالفحم
الحجري قرب تاج محل وخيرتها بين التحول الى طاقة بديلة كالغاز او
الكهرباء او الاقفال بصورة نهائية.
ومولت عمليات برامج التنظيف من قبل شركة رون بولاك الفرنسية للادوية
ومجموعة تاج غروب الهندية الفندقية.
واوضح بيريرا لوكالة فرانس برس ان العميلة "لم تكن تجديدا لتاج محل
بالمعنى الحقيقي للكلمة .. ومشكلة اصفرار الرخام تجري تسويتها على
مراحل بصورة منتظمة على مر السنوات".
وترى هيئة الاثار الهندية ان الضريح الذي زاره السنة الماضية قرابة
ثلاثة ملايين سائح "بات اليوم خارج دائرة الخطر".
وقال مدير هذه الهيئة الحكومية سي بي راجيف "ان سلسلة من الاجراءات
اتخذت حول الضريح حيث تتم مراقبة الهواء المحيط به بصورة دائمة لقياس
درجة التلوث لتبقى دون المستوى المسموح به" واضاف "ليس هناك ما يدعو
للقلق بشان تاج محل الان".
الا ان لجنة الحافظ على التراث الانساني في اليونسكو اوصت في ايلول/سبتمبر
الحالي في تقرير وصل الى وكالة فرانس برس "بتعزيز" اليات الحماية لهذا
التراث حول اغرا وتقدمت بعدة توصيات بينها استحداث حرم اوسع ووضع
برنامج لادارة الموقع والتنبه لانعكاسات التنمية المدنية.
وخلال السنة الماضية عمدت الحكومة الى وقف عمليات بناء مجمع سياحي
قرب تاج محل كانت السلطات المحلية سمحت ببنائه حفاظا على الضريح الذي
بات رمزا بارزا من رموز الهند الكثيرة. |