تسعى الشعوب و الأمم على وجه المعمورة إلى التمتع بحرياتها و استقلالها
و بحقوقها الإنسانية الكاملة في جميع النواحي الإجتماعية و الإقتصادية
و الصحية و الثقافية والتعليمية و السياسية و المساهمة الفعلية في
الإنتخابات و تقرير مصيرها السياسي و التعبير عن آرائها و معتقداتها
بالطرق السلمية مستهدفة مصالحها الوطنية للعيش مع باقي الدول و الشعوب
بسلام و تبادل المصالح المشتركة بينها .
و في منطقتنا العربية كانت الشعوب العربية و الكردية و التركمانية و
غيرها خاضعة للدولة العثمانية لعدة قرون مضت ، حيث شهدت المنطقة حروبا
و غزوات حدثت بين الإمبراطورية الفارسية و الدولة العثمانية وكذلك بين
الدول العربية .
و يعتبر الشعب الكردي الشقيق رابع شعب من ناحية عدد السكان في منطقة
الشرق الأوسط بعد العرب و الفرس و الترك ، حيث يتراوح عدد سكانه (
الأكراد ) ما بين أربعين إلى خمسين مليون نسمة موزعين على خمس دول :
العراق و سوريا و تركيا و إيران و روسيا بالإضافة إلى المهاجرين و
المهجرين إلى دول أوروبا و العالم أجمع .
و الإخوة الأكراد حرموا من أبسط الحقوق الأنسانية في معظم الدول و كذلك
من إشتراكهم و تمثيلهم في هيئة الأمم المتحدة أو بمعنى آخر أنهم حرموا
من كيان مستقل يتمتعون بحقوق إنسانية كباقي الأمم رغم محاولات موثقة
بمعاهدات و اتفاقات سابقة في هذا الشأن . ( راجع : محمد إحسان :
كوردستان و دوامة الحرب ، صفحة 19 ) .
و للشعب الكردي الكريم تاريخه المشرق و ثقافته العالية في الفنون و
الآداب و المعرفة كبقية شعوب المنطقة . و أكثرهم إخواننا في الدين و
المواطنة ( سنة و شيعة ) في العراق .
وقد قدم الأكراد آلاف الضحايا نتيجة للسياسات الفاشية و العنصرية
للأنظمة الرجعية الإستبدادية في المنطقة ، وتعرضوا مرات عديدة إلى
عمليات الإبادة الجماعية و التهجير منذ أكثر من قرن ، نذكر منها مجزرة
حلبجة البشعة بالغازات السامة والتي راح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف نسمة
( أطفال و نساء و شيوخ ) و عمليات الأنفال القذرة التي بلغت ضحاياها
أكثر من مائة و اثنين و ثمانين ألف مواطنة و مواطن .
شاهدنا بعد الإنتفاضة الشعبانية المباركة في شهر آذار عام 1991 أي بعد
تحرير دولة الكويت الشقيقة من الغزو البربري الصدامي ، الهجرة
المليونية لإخواننا الأكراد الذين فروا مع عوائلهم و أطفالهم إلى أعالي
الجبال بعد مجزرة حلبجة التي هزت ضمير العالم كله ، حيث أصدرت قوات
التحالف أمريكا و فرنسا و بريطانيا قرارا من قبل هيئة الأمم المتحدة
بجعل منطقة خط عرض 36 منطقة آمنة للإخوة الأكراد جوا و أرضا .
وقد زار وزير خارجية أمريكا آنذاك السيد جيمس بيكر الأكراد المهاجرين
للإطلاع على مآسيهم التي فاقت تصورات العقل البشري .
أثبتت القيادة الكردية الحكيمة بزعامة السيدين مسعود البارازاني و
الدكتور مام جلال الطالباني على مقدرتها لإدارة شؤون و مصالح شعبها
الكردي و حمايته و الذود عنه لمدة تقريبا إثنتي عشر سنة حتى سقوط طاغية
بغداد في التاسع من نيسان المبارك عام 2003 .
وبعد تشكيل مجلس الحكم العراقي المؤقت لعب الإخوة الأكراد أعضاء مجلس
الحكم العراقي وفي الحكومة العراقية الإنتقالية الحالية دورا رائعا في
حكم العراق مع إخوانهم العرب .
و قد لفتت إنتباهنا تصريحات السادة مسعود البارازاني و الدكتور مام
جلال الطالباني و الدكتور محمود عثمان و وزير خارجية العراق السيد
هوشيار زيباري و غيرهم من القيادة و السياسيين الأكراد بأنهم لا يريدون
الإنفصال و أكدوا ذلك مرارا . وذات مرة صرح الدكتور جلال الطالباني في
الفضائية الكردية أن عراقية الأكراد أعرق من نهري دجلة و الفرات .
أما الدكتور محمود عثمان فإنه صرح في إحدى الفضائيات العربية بأن
القيادة الكردية لا تريد الإنفصال عن العراق ، إلا أن بعض الإخوة
الأكراد نتيجة للمصائب التي حلت بهم يفضلون الإنفصال .
و نود في هذه المناسبة الإشارة إلى موقف المرجعية الدينية في النجف
الأشرف بالنسبة لصدور قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية
الذي لم نؤيده ، ولّد للأسف الشديد لدى الإخوة الأكراد الأعزاء إحباطا
.
و كنا نتمنى على كافة علمائنا الشيعة الأعلام دعم هذا القانون لأنه
يضمن حقوق الإخوة الأكراد و االشيعة والسنة و كل المواطنين العراقيين و
المواطنات العراقيات .
الشيعة و الأكراد إخوة و هم ضحايا النظام المقبور و شركاء في المقابر
الجماعية ، كان من المفروض التأني حتى صدور قانون الدولة العراقية
الدائم في السنة القادمة .
من حقنا أن نحلم و نتأمل بإنشاء دولة عراقية تقدمية تعددية فيدرالية
تحترم كل القوميات و الطوائف و الأحزاب السياسية ، بحيث لا يوجد فرق
بين عربي و كردي و تركماني و آشوري و كلداني و صابئي و يزيدي و أرمني
إلا بالتقوى و العمل الصالح و المواطنة الصالحة ، إن شاء الله .
ومن حق الإخوة الأكراد أن يحلموا بدولتهم أو باستقلالهم ، فهم شعب عريق
له حقوقه و واجباته .
كانت فكرة تقديم إقتراح بشأن إنعقاد إجتماع دولي لحل القضية الكردية ،
تراودني منذ سنوات إلى أن أسبغ الله علينا رحمة الخلاص من الطاغية و
علي الكيمياوي و نظامه الدموي .
وقد حان الوقت لعرض هذا الإقتراح على إخواننا الإجلاء من القيادة
الكردية و الشعب الكردي العزيز لتذكيرهم ، و لعل الذكرى تنفع المؤمنين
، إن شاء الله .
ليس من مصلحة الإخوة الأكراد في هذا الظرف الراهن الإنفصال عن الدول
الخمس لأسباب يعرفها الجميع ، الإ أنه يمكن حل المشكلة الكردية بالطرق
السلمية على النحو التالي :
1 - عقد إجتماع دولي يحضره أعضاء الدول الدائمية العضوية في هيئة الأمم
المتحدة و أعضاء من الصين و اليابان و المستشار الألماني و رؤساء
العراق و سوريا و تركيا و إيران و روسيا .
2 - وأن يشرف على الإجتماع السيد كوفي أنان رئيس هيئة الأمم المتحدة
3 – يشارك في هذا الإجتماع وفد رفيع المستوى من الزعماء الأكراد
4 – يطلب من الدول الخمس المذكورة أعلاه منح الإخوة الأكراد في كل دولة
إستقلالها التام لمنطقتهم أي يطلق عليها : منطقة كردستان تركيا ،
كردستان إيران ، كردستان العراق ، كردستان سوريا و كردستان روسيا . و
على هذه الدول تعيين وزراء أكراد في حكومتها المركزية للمساهمة في
إدارة الدولة معا .
5 - تخصص لمناطق كردستان لكل دولة ميزانية خاصة من الحكومة المركزية .
6 - تأسيس شرطة و جيش من الأكراد في منطقتهم .
7 – تؤسس في كل منطقة إدارة كردستان ، و هذه الإدارة أو القيادة تقوم
بدورها تشكيل وزارات أو مديريات حكومية داخل منطقة كردستان لإدارة شؤون
المنطقة .
8 – تبقى وزارة الخارجية و وزارة الدفاع تابعتان للحكومة المركزية لكل
بلد .
9 – يجب أن يتمتع الأكراد بكافة حقوقهم كمواطنين من الدرجة الأولى في
كل دولة .
10 – يثبت في قرار الإجتماع أمن و حماية الأكراد دوليا أي لا يجوز
للحكومة المركزية شن حرب ضد منطقة كردستان ، كما فعل سابقا النظام
العراقي المقبور .
11 – بناء و تشييد المشاريع الصناعية و الزراعية و العمرانية في كل
منطقة ، توزع الفوائد و الإيرادات بين منطقة كردستان و الحكومة
المركزية .
12 – إعداد برامج سياحية و ثقافية في منطقة كردستان لتوطيد العلاقات
الودية مع الحكومة المركزية و الشعب لكل دولة .
13 – بناء إذاعة و تلفزيون و فضائيات في كردستان كل دولة تبث برامجها
بحرية تامة و بدون رقابة مركزية .
14 - - تناقش في هذا الإجتماع كافة الأمور المتعلقة بحقوق الشعب الكردي
كالتعليم و إنشاء برامج و مناهج المدارس الإبتدائية و المتوسطة و
الثانوية و الجامعات و إصدار الكتب الدراسية باللغة الكردية .
15 – بناء مستشفيات و مستوصفات طبية كافية لكل منطقة .
و ختاما نأمل أن يحظى هذا الإقتراح رضا الجميع و أن يتحقق حلم الإخوة
الأكراد للحصول على سيادتهم و استقلالهم بالطرق السلمية ، و الله و لي
التوفيق .
ماربورغ في 23 / 9 / 2004
adnan_al_toma@hotmail.com
|